إنقلاب بندر الفاشل
لم تشر صحيفة الإندبندنت البريطانية الى تاريخ وقوع
محاولة الأمير بندر الإنقلابية.
لكنها على أية حال محاولة فاشلة، راح ضحيتها بعض الضباط،
عزلوا عن مواقعهم أو حكم عليهم بالسجن.
الأرجح ان المحاولة الإنقلابية ليست حديثة عهد، والأقرب
أنها تمت أواخر عام 2008م، وأن الهدف كان السيطرة على
الحكم كلّه، وليس تسليمه إلى أبيه كما يقال.
لقد كثر حديث بندر في مجالسه الخاصة بأنه لا يستطيع
الإنتظار ليصبح الملك القادم.
ومثله قال الوليد بن طلال (ولكن بلا كفاءة سياسية):
فقد قال الأخير لمجلة فرنسية: I Can’t Wait to be a King.
الأميركيون يؤكدون معلومات الإندبندنت البريطانية،
ويقولون بأن التغييرات التي جرت في 14 فبراير الماضي فيما
يخص التنقلات العسكرية شملت قيادات عسكرية قيل أنها كانت
مساهمة في الإنقلاب الفاشل.
ويشار هنا بالتحديد الى نائب رئيس هيئة الأركان العامة
السابق، الفريق الركن سلطان بن عادي المطيري، وعدد آخر
من الضباط.
وقد أقيل المطيري وعيّن مكانه الفريق الركن حسين عبدالله
قبيل، دون أن يذكر التعيين أين مصير المطيري، وآخرين تمت
ازاحتهم من الإستخبارات العسكرية.
الأميركيون يقولون أيضاً، بأن الأمير سلمان المرافق
لشقيقة سلطان، زار الرياض لبرهة من الزمن لإقناع الملك
عبدالله بأن لا ينشر غسيل الإنقلاب الفاشل لبندر، فما
جرى شأن عائلي.
وتقول المصادر نفسها، بأن حياة بندر السياسية انتهت،
وأن ما قام به كان على الأرجح بتفاهم ما مع جهات في الإدارة
الأميركية.
لا يبدو أن لبندر القدرة الذهنية والجسدية لأن يكون
ملكاً.
ولا هو يتمتع بالشعبية المحلية ولا الإقليمية. وقد
نشر بندر مصائبه ومؤامراته وفتنه في أرجاء عديدة من المعمورة
خاصة في البلدان العربية.
ويفسر الموالون للنظام اختفاء بندر بأنه كان بسبب (طبي)
أو (نقاهة طبيّة)!
ولكن هذا عذر قديم جديد.
صحيح أنه مريض ومدمن. وبالسرطان أيضاً كوالده.
لكن اختفاءه عن الساحة والأضواء كافة، حتى أنه لم يزر
والده المريض في المغرب، يؤكد أن للأمر تفسير آخر.
بندر غير مرغوب فيه عائلياً.
أي أنه عاد بعد أن اعترف أبوه بأبوّته، الى نزع الأبوّة
عنه! على الأقل السياسية منها.
وكأن سلطان وأبناءه غير الأشقاء لبندر، رأوا أن الأخير
يريد الإنتقام لنفسه ولأمّه التي اعتدى عليها أبوه، والذي
لم يعترف بأبوّته له إلا بعد أن بلغ مبلغ الرجال!
العائلة المالكة تغلي بالإختلافات، ولكن أحداً لم يتوقع
أن تأتي ضربة انقلابية وعسكرية ومن بندر بالذات، ولصالح
شخصه.
ذلك ان الجميع يعتقدون انه مجرد أداة، وأنه ضمن السيستم
ويعمل حسب الإنشقاقات العائلة المعهودة: ملك وحاشيته مقابل
السديريين.
لكن يبدو أن بندر كان ضد الجميع، وكان يريد الوصول
الى كرسي الملك بأية ثمن، وهو ما دعاه للقيام بمحاولته
البائسة واليائسة، التي لم يكن مقدراً لها أن تنجح، وذلك
اعتماداً على صلات سابقة له بضباط كبار في الجيش خدموا
معه، أو تعلموا معه في كليات غربية.
الأميركيون يميلون الى أن يتولى الحكم الجيل الثالث
من العائلة المالكة، إن لم يكن الجيل الرابع، وهم توّاقون
الى تغيير يحفظ مصالحهم على مدى أبعد، وهذا من وجهة نظرهم
لا يتم إلا بتغييرات جذرية تقوم بها العائلة المالكة،
هي اليوم، ووفق حكم العجزة وكبار السن، غير قادرة على
القيام بها.
الجيل الثالث، الذي ينتمي اليه بندر، والوليد بن طلال
وأمثالهما، كسعود وتركي الفيصل، ومحمد بن فهد وإخوته،
وأبناء عمّه كمحمد بن نايف، هذا الجيل قضى شطراً من حياته
متعلّماً في الغرب، وهو جيل ـ من وجهة نظر أميركا ـ قادر
على تقليص الفاصلة الذهنية بين جيل الحاكم والمحكوم، حيث
أن نحو 70% من السكان السعوديين دون الخامسة والعشرين
من العمر.
لكن من الناحية الفعلية، فإن الجيل الثالث لا شعبية
له، وهو بنظر كثيرين أسوء من الجيل المعمر، وأقل حكمة،
وأكثر غطرسة، وبالتالي فهو سيصل الى الحكم بصورة أو بأخرى،
ولكن عبر الإنتظار لخيارات (ملك الموت) وليس عبر الإنقلابات!
|