تفكك حلف (المعتدلين)
نايف في القاهرة (الزعلانة)!
خالد شبكشي
القاهرة غاضبة الى حدّ ما. المحور الثلاثي (القاهرة
ـ دمشق ـ الرياض) والذي تقاس بقوته متانة التضامن العربي..
تفكّك بإخراج سوريا منه تدريجياً، وجاءت حرب تموز لتصبح
هناك قطيعة معها.
بقي من التحالف القاهرة والرياض، وهاتان العاصمتان
لا تستطيعان وقف الإنهيار في النظام العربي، بعد أن أصبحتا
أداتين لتفتيته. وهاتان العاصمتان بالذات أخرجتا قبل دمشق:
بغداد، والجزائر، ما جعل المحور الثلاثي نفسه ضعيفاً فكيف
بخروج سوريا، والتحالف بدلاً من ذلك مع اسرائيل؟!
|
احتفال لنايف بحضور إبنه
ومفتي مصر وشقيقه تركي |
محور القاهرة ـ الرياض حكمه توافق تجاه قضايا عديدة.
القضية الأولى وتتعلق بالموقف من دمشق نفسه، فالعداء للأخيرة
التي وصف رئيسها الأسد نظيريه المصري والسعودي بأنهما
(أشباه رجال) بعد حرب تموز.. العداء لدمشق كان يشدّ أزر
التحالف المتهالك لفترة. وكان هنالك موقف مصري سعودي مشترك
من لبنان وحزب الله، وتنسيق في الموقف العدائي تجاه حماس،
وتأييد عملية السلام. ومن المواقف المشتركة ما يتعلق بالعراق
وحصار نظامها السياسي، باعتباره (صنيعة المحتل)!! ولكن
مصر، جلبت للرياض خيبة أمل حين فتحت سفارتها، فأبقتها
وحيدة. والأهم من ذلك كله الموقف العدائي المشترك من طهران،
فمصر لا تريد إعادة العلاقات الدبلوماسية معها لأنها تستأكل
منها وتوسع نفوذها في دول الخليج خاصة الإمارات، وتحصل
على ثمن القطيعة من السعودية أيضاً، حيث تتمنّى الأخيرة
لو أن واشنطن أو حتى إسرائيل تهاجم طهران وتحدّ من اندفاعها
السياسي وتقدمها التكنولوجي والنووي.
ما سُمي بـ (حلف المعتدلين) ليس حلفاً حقيقياً. بل
هو الى التجمّع أقرب. هو نادٍ للأغنياء الخليجيين، ومعهما
الأردن ومصر، اللتين طوّعتا لمصلحة الأغنياء، وتحت مظلّة
اسرائيلية/ أميركية. ليس للحلف إمكانية النهوض بذاته،
فضلاً عن أن يتحول الى أداة إنهاض للنظام العربي الميّت.
وهذا النادي/ الحلف، مفكك في الداخل، ولا تربطه قضايا
استراتيجية عدا قضية بقاء الأنظمة الحالكمة المشاركة فيه
في السلطة.
قطر والسعودية المختلفتان، متفقتان وحدهما على قطيعة
دبلوماسية مع بغداد، والباقي فتح سفاراته.
قطر والقاهرة على خلاف متعدد الأشكال، وبالخصوص فيما
يتعلق بدعم الدوحة لحماس، أو هكذا تتهم!، على الأقل الدعم
الإعلامي عبر قناة الجزيرة.
قطر والسعودية المختلفتان اتفقتا ولكن ليس على موضوع
العلاقة مع لبنان.
ومسقط اختلفت مع السعودية في موضوع العلاقة مع طهران،
فهي وقطر الأكثر براغماتية في هذا الشأن.
مسقط لا تندّد بحزب الله، بل تمتدحه أحياناً، وكذا
تفعل قطر، والسعودية ومصر تفعل العكس، والإمارات تجنّد
نفسها لصالح المخابرات الإميركية والإسرائيلية للحصول
على معلومات عن الحزب!
حين قامت مصر بفتح سفارتها ببغداد لقاء صفقة مع الأخيرة
بخمسة مليارات دولار، مع وعد بخمسة أخرى مثلها في المستقبل،
غضب السعوديون.
وحين فاجأ الملك عبدالله حسني مبارك في قمة الكويت
الأخيرة بفتح ذراعيه للأسد، غضبت القاهرة، وزاد غضبها
حين استقبلت الأسد، وحين زار عبدالله دمشق مؤخراً.
|
زيارة عبدالله لدمشق تغضب
القاهرة |
ماذا بقي من حلف المعتدلين؟ وأية قضية يخدمون إذن؟!
غضب مصر ظهر الى السطح، وحين زار نايف وزير الداخلية
والرجل الثاني في النظام السعودي، القاهرة لحضور اجتماعات
وزراء داخلية دول الجوار العراقي، قيل أن الموضوع الذي
بحثه مع المصريين أكبر من موضوع العراق، فقد تراجع هذا
الأخير لصالح ملفات أخرى.
السعودية بحاجة الى دعم مصري للجار اليمني الجنوبي،
الذي ترتفع فيه دعوات الإنفصال، وتتوسع فيه دوائر الحرب
الأهلية، وكل شيء بحسابه طبعاً!
والسعودية بحاجة لشرح وجهة نظرها في انفتاحها على سوريا،
وهي تريد أن تقول لها بأنها مضطرة لترتيب الوضع اللبناني
وحكومة الحريري التي لم تشهد النور بعد.
وما أدهش المراقبين المحليين، هو أن نايف التقى في
القاهرة بأخيه الذي يكبره سنّاً وهو تركي بن عبدالعزيز،
نائب وزير الدفاع السابق، والذي أقيل من منصبه أواخر السبعينيات
الميلادية الماضية بسبب زواجه من هند الفاسي، ومنذئذ لازال
مقيماً في القاهرة. ولربما أراد أن يرتب معه صفقه التنازل
له، وحتى لا يظهر له صوت معترض، مع دفعة من الملايين تقدّم
له. وكان تركي يحسب والى وقت قريب على جناح عبدالله الذي
حاول احتواءه ودعمه منذ سنوات طويلة.
صحيفة القدس العربي أكدت من مصادر دبلوماسية مصرية
أن نايف في زيارته للقاهرة حمل معه رسالة من الملك عبدالله
الى الرئيس المصري قالت الصحيفة انها تهدف الى اطلاع القيادة
المصرية على نتائج زيارة الملك عبدالله الى دمشق، وتطويق
بوادر فتور مصري ـ سعودي بدأ يتطور بسببها، عكسته بعض
التقارير الصحافية الرسمية المصرية، وبدء مساعي وساطة
سعودية لإحداث تقارب مصري ـ سوري. وتحدثت الصحيفة (13/10/
2009) عما أسمته بـ (العقدة) الأهم في العلاقات السورية
ـ السعودية وهي تتعلق بالضلع المصري ـ السوري في المثلث،
فالتقارب السوري ـ السعودي اذا تم دون تقارب مصري ـ سوري،
سيؤدي الى تعقيد العلاقة المصرية ـ السعودية دون جدال.
وأضافت بأن القاهرة وقفت الى جانب القيادة السعودية في
عزل نظيرتها السورية، وقاطعت قمة دمشق العربية قبل الماضية
بشكل مهين تضامناً مع الرياض، وتبنت السياسة السعودية
بالكامل في لبنان، وربما تشعر بالخذلان اذا ما تطورت العلاقات
السورية ـ السعودية على حسابها.
ونقلت القدس العربي عن صحيفة (الجمهورية) المصرية الرسمية
(بعض العتب) المصري على السعودية عندما انتقدت احتفاء
الملك عبدالله بنصر السادس من اكتوبر في دمشق وليس في
القاهرة، وتمنت (الجمهورية) لو ان الملك السعودي أجّل
زيارته الى ما بعد الاحتفالات حتى لا يعطي رسالة خاطئة
لمصر. وأكملت القدس العربي نقلاً عن مصدر سوري وثيق الصلة
بقيادته قوله بأن بشار الأسد مصمم على عدم زيارة القاهرة
الا بعد ان يزور الرئيس مبارك دمشق. فقد زارها سبع مرات
تقريباً دون ان يرد مبارك بزيارة رسمية الى دمشق. وما
زاد من تدهور العلاقة بين دمشق والقاهرة مؤخرا موقف سورية
وحلفائها من الفصائل الفلسطينية واللبنانية (حزب الله)
من مصر اثناء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، من حيث
الضغط على حركة (حماس) من اجل رفض المبادرة المصرية لوقف
اطلاق النار في حينها.
وتختم الصحيفة حديثها بهذه النتيجة: (مع غياب الكيمياء
بين مبارك وبشار، فان المثلث المصري ـ السعودي ـ السوري،
ربما أصبح تاريخا، اذ ان مصالح وتحالفات متضاربة أصبحت
تحكم أطرافه).
|