شعب لا يعرف الوطنية
شعب لا يعرف الفرح!
من حسن الحظّ أن شغب (الخبر) الذي جاء في فسحة تجمع
سمحت بها السلطة للإحتفال باليوم الوطني، كان وراءه شباب
من نجد، وبالتحديد من مدينة الرياض.
ونقول حسن الحظ، لأن النجديين ما فتئوا يزعمون الوطنية،
ويعتبرون أنفسهم عمادها، وهم الذين يجلسون على كرسي زعامتها
ويوزّعون على بقية الشعب شاراتها ودروعها وأوسمتها أو
يحجبونها عنها. فهذا الحجازي أصله خبيث وليس بوطني، وذلك
الشيعي القطيفي أو الأحسائي خائن وعميل للصهاينة وقم والنصارى،
وذلك الإسماعيلي ينبغي إخراجه الى اليمن وقمعه.
لا أحد وطنيّ إلا الوهابي، وإلا النجدي الأصلي!
وجاء اختبار الوطنية في أول سانحة تسمح فيها الحكومة
بل وتشجع الإحتفال الشعبي باليوم الوطني، يوم توحيد مملكة
آل سعود النجدية، وإذا بشباب نجد الوطنيين، لا يعرفون
معنى الإحتفال ولا مناسبته حتى (بعضهم كان يقول أنه يوم
استقلال السعودية، فقيل له استقلال ممن؟) وقاموا بمهاجمة
المحلات وضرب الناس وتخريب الممتلكات العامة والسرقة والإعتداء
على الأجانب، وإيقاف السيارات.
لو فعلها أهل الشرقية أو الغربية، لكان دليل إثبات
على عدم وطنيتهم، أما وقد جاء الأمر من أصحاب الدماء الزرقاء
(أهل التوحيد) فصوّر الأمر بأنه مجرد عبث شباب، مارسوه
في منطقة غير منطقتهم، وفي بيئة أكثر تسامحاً من بيئتهم،
وبين أناس أصدق في انتمائهم وأوعى في ممارستهم!
كانت الحكومة تخشى من أية تجمع، حتى لا يتحول الى ضدّها،
حتى ولو كان تجمعاً كروياً. وهي تمنع أية تظاهرة حتى ولو
تأييداً لها. وحين قبلت على مضض بالإحتفال باليوم الوطني
لزرع الولاء لآل سعود انقلب الأمر الى مهاترات وشغب. لا
الحكومة وآل سعود وطنيون ويفهمون الوطنية، ولا الأخيرة
تمارس في ظل التمييز المناطقي والطائفي والقبلي، ولا الشعب
المسعود نفسه شهد يوماً عرساً وطنياً، أو اعتبر يوم وصول
آل سعود للحكم باحتلال مناطقه المتعددة بقوة السلاح يوماً
وطنياً، ولا مشايخ الوهابية آمنوا يوماً بالوطنية التي
رأوها مضادّة لمفاهيم الإسلام.
الوطنية كائن مجهول وسيبقى مجهولاً في السعودية على
شعبها وحكومته ومشايخه الوهابيين وشبابه الضائع بين أتون
الأرهاب الوهابي وقمع الطغمة الحاكمة وأدواتها النجديّة.
في 23 سبتمبر الماضي جرى شغبٌ في كورنيش الخبر والإعتداء
على عمال أجانب ومحليين كانوا يعملون في المطاعم والمحلات
التجارية، وبعد خمسة أيام اي في 28 من الشهر نفسه تمّ
جلد 14 متورطاً أمام مئات من المواطنين في الواجهتين البحريتين
في الخبر والدمام ليكشف كل ذلك عن بؤس الوطن السعودي ووطنية
آل سعود. والطريف أن الإعلام السعودي أشار الى أن ساحة
الجلد شهدت منع وسائل الإعلام من التصوير، وأنه تم مصادرة
الكاميرات والجوالات التي حاول أصحابها التصوير.
لا أحد من السلطة يريد تصوير المأساة، ولكن لا بأس
بالإعلان عنها من أجل الردع! لمن يستخف بالوطن المسعود!
مقابل شغب أهل الرياض، شارك 40 شاباً من الخبر في حملة
طافت على المحلات والمطاعم المتضررة من الشغب، وقدموا
أكثر من 300 هدية مصحوبة ببطاقات اعتذار عمّا جرى، مبدين
استعدادهم للمشاركة في إصلاح التلفيات والمساعدة في عودة
المحلات إلى وضعها الطبيعي.
كثافة التشبّع بالروح الوطنية والإنتماء لدولة مسعودة
ظهرت في الرياض نفسها في اليوم الوطني، حيث ألقي القبض
على 125 شاباً وفتاة أثاروا الشغب بجوار برج الفيصلية،
فيما ظهرت فتيات بدون حجاب في معقل (التوحيد!). وفي حي
العليا قام شباب بإغلاق الطرقات، وتشغيل الموسيقى الصاخبة
والتراقص على أنغامها في منتصف الشوارع، ومضايقة باقي
المركبات والإعتداء على النساء فيها. وفي عدد من شوارع
جدة خرجت فتيات متحديات النظام بدون حجاب، وبعضهن لبسن
ملابس الرجال وقدن السيارات وزرن التجمعات التي أقامتها
الحكومة للإحتفال باليوم الوطني الذي حمل علامات احتجاج
سياسي واجتماعي أكثر من كونه مناسبة وطنية سعيدة.
وفي الطائف حدثت الكثير من التجاوزات في برج العبيكان
فيما نشطت الدوريات المرورية لفك الاختناقات من جراء مسيرة
شبابية انفلتت من عقالها، وفي خميس مشيط أطلق رجال الأمن
النار على شباب ضايقوا عائلات أثناء مسيرات عشوائية بسياراتهم
ولم تسجل إصابات أو وفيات، وتم تفريق بعض الشباب فيما
تم إلقاء القبض على البعض الآخر. وقالت الأخبار أن مجموعة
قامت بتكسير بضع سيارات، وقذفت بالحجارة سيارات رجال الأمن
كما هشمت سيارة تابعة للدفاع المدني.
بالمختصر المفيد: الشعب السعودي ليس مؤهل وطنياً، ولا
يعرف معنى الفرح، ويعاني من مشاكل سياسية واجتماعية فجّرها
في اليوم الوطني، الذي حرم المشايخ الوهابيون الإحتفال
به.
هنيئاً لكم!
|