الرياض لا تثق به:
علي صالح (أفضل السيئين)!
يحي مفتي
تبدو السعودية مضطرة لمواصلة علاقاتها مع الرئيس اليمني
علي عبدالله صالح، فهو بالنسبة لها (أفضل السيئين)، وهي
لا تنسى فضله في تعزيز النفوذ السعودي في اليمن منذ أن
نصّبته قبل أكثر من ثلاثين عاماً رئيساً على اليمن. السعودية
اليوم، وبعد أن دخلت الصراع المباشر والمسلّح مع الحوثيين،
أدركت أكثر من أي وقت مضى أن علي صالح شخص لا يمكن الوثوق
به كثيراً. وبالنسبة للطاقم الرسمي السياسي والإعلامي
السعودي، فإنه فتح النار على الرئيس اليمني مبكراً، واتهموه
بعدّة أمور:
ـ أنه متواطئ مع القاعدة، وأنه أطلق سراح رجالها وقال
أنهم هربوا؛ وأنه استخدمهم في حربه عام 1994م ضد الجنوبيين
(كانت السعودية تقف مع قادة الإنفصال حينها) ثم عاد واستخدمهم
في السنوات الأربع الماضية ضدّ خصومه الشماليين الحوثيين.
ـ أنه تاجر سلاح، على المستوى اليمني. وعلى المستوى
السعودي هو مهرّب للسلاح، وللمخدرات والخمور، ولأمور أخرى
عبر مديرية الملاحيظ التي سقطت بأيدي الحوثيين قبل نحو
أربعة أشهر. رجل الرئيس في مجال التهريب، هو مفاوضه السابق
لدى الحوثيين، وشقيق محافظ صعدة. إنه الشيخ فارس مناع
الذي اعتقل أواخر يناير الماضي، فيما أقال الرئيس المحافظ
بدايات فبراير الجاري. من يشتري السلاح من علي عبدالله
صالح في الطرف السعودي، هم أمراء سعوديون.
|
الى متى تبقى الأيدي مشتبكة؟!
|
ـ أن علي عبدالله صالح حوّل أزماته السياسية والعسكرية
المحليّة الى منجم ذهب، يستغلّ بها جيرانه، ويطالبهم بمزيد
من المال الذي يذهب أكثره في جيب عائلته. ويبدو أن السعوديين
مقتنعين بأن الكثير من السلاح اليمني يباع الى الحوثيين،
وأنه غير جادّ في مواجهتهم، ولا هو جادّ في بناء دولة
خالية من السلاح. إنه رجل يقتات على الأزمات، ويجيد فنّ
إنقاذ نفسه أثناء الأزمات.
ـ أن علي صالح، حسب السعوديين، ورّط بلدهم فعلاً في
حرب، ستخرج منها خاسرة، وهم لم يدركوا الفخ الذي نصب لهم
إلا بعد أن وقعوا فيه. المعطيات التي قدّمها علي صالح
للسعوديين من معلومات استخبارية وغيرها ظهر أنها كلها
مفتعلة، ويقولون بأنه أجاد في العزف على الوتر الحسّاس
لديهم، وضغط على العصب الطائفي، وكبّر لهم العقدة الإيرانية،
بحيث جرّهم الى مستنقع أضرّ بهم وبسمعتهم.
بعد أن طالت الحرب في الشمال، أخذت بعض الإتهامات طريقها
الى الكتابات والتعليقات السعودية. بعضها طال الرئيس اليمني
مباشرة، وبعضها الآخر طال سياساته. نخص بالذكر هنا مقالات
عبدالرحمن الراشد، التي حوت جرعات تشكيك في سياسة الرئيس
اليمني وأجندته الخاصة به. كان آخر ما كتبه مقال في الشرق
الأوسط بتاريخ 4/2/2010 تحت عنوان (تاجر السلاح اليمني)
بدأه بالقول أن (اليمن أعجوبة المتناقضات، هناك لا تعرف
الحليف من العدو، ولا تميز الحكومة من المعارضة، ويصعب
أن تعرف كل فريق أين يقف، ومن يشتري ومن يبيع لمن؟ وقد
أثار الجدل اعتقال شقيق محافظ صعدة فارس مناع بتهمة المتاجرة
بالسلاح وتمويل الحوثيين وغيرهم من خصوم الدولة. كيف يمكن
للشقيق أن يزود أعداء أخيه بسلاح يطلقون به النار على
أخيه المحاصر في مدينته صعدة؟ وزد على هذه الأحجية كيف
يدافع المحافظ المحاصر عن الشقيق الممول). ووجه رأيه بطريقة
ذكية على لسان محافظ صعدة (إن كان أخوه متورطا فالدولة
متورطة، فهل هذا يعني أنه يزود المتمردين بمعرفتها وربما
موافقتها. وأوضح من تصريحه ومن المعلومات الكثيرة التي
ظهرت أن ليست كل الحروب حقيقية، رغم حقيقة القتل والدماء
والأبرياء الضحايا).
ووصف الراشد اليمن بأن حقائقها غامضة دائماً، وأن تمركز
القاعدة في اليمن أضاء نوراً كثيراً على خبايا صنعاء (فبانت
أمور أغرب من الخيال) كما قال. وشكك الراشد في جدية اعتقال
تجار السلاح، وأضاف ساخراً بأن الحكومة قد تعمد الى تهريبهم
(كما قيل عن هروب معتقلي القاعدة من سجن صنعاء ذات مرة
ولا تزال الأنباء تؤكد أنه كان هروباً مرتباً). وأكمل
متهماً: (دول العالم تحارب في الصومال وأفغانستان والعراق
تبحث عن تنظيم القاعدة وهم في اليمن يعيشون حياة رغيدة،
حيث يصلون عبر المطار، ويحصلون على تأشيرات دراسة، أو
حتى يدخلون بلا تأشيرات، ويستطيعون غسل أموالهم، وإدارة
نشاطهم الدعائي بلا مضايقة، ويتدربون في معسكرات مفتوحة،
ويصلهم السلاح من ممولين مقربين من الحكومة وهكذا. وضع
لا يوجد في بلد آخر في العالم عدا اليمن. هل السلطة فاقدة
السيطرة، وبالتالي أصبحت نظاما ساقطا، أم أنها تمسك بالعصا
من منتصفها وتلعب لعبة كبيرة؟ كلا الاحتمالين خطر للغاية).
ومع هذا، يبقى علي صالح الرجل المفضّل للسعودية، حتى
الآن.. الى أن يكتمل إعداد البديل، إن سمح شاويش صنعاء
باكتماله!
|