الإنتخابات العراقية..
اللعبة الطائفية لم تخدم السعودية
توفيق العباد
أرادتها السعودية انتخابات طائفية، ولكن المعادلات
الطائفية لا تسير في الطريق الذي تهواه السعودية!
الإتهامات السعودية وإعلامها لخصومها في العراق بأنهم
طائفيون، لا يلغي حقيقة أن إعلامها طائفي، وأن المستهدفين
به، الذين شعروا بطائفيته، قاموا كرد فعل بالتكتل طائفياً.
وحين تتكتل الأكثرية طائفياً، لا يكون مصير الأحزاب الوطنية
ـ إن وجدت في العراق اليوم!! ـ إلا الهزيمة النكراء.
لا تستطيع السعودية أن تقدّم خطاباً غير طائفي. ولا
إعلامها يمكن له أن يحيد عن الروح الطائفية المشبع بها
أفراده ومسيّروه.
ولذا فإن الإتهامات بالطائفية للآخر، لا تلغي حقيقة
أن المتهم السعودي هو نفسه طائفي.
بالنسبة للعراقي البسيط، فإنه كان سيسمع للإعلام السعودي،
لو كانت السياسات السعودية الرسمية تجاه العراق غير طائفية.
وكان سيستمع لها، لو أن منهج السعودية في العراق، غير
تكفيري، وغير مؤيد لقوى التكفير.
كيف يمكن أن تطالب الأكثرية في العراق بأن تنتخب على
|
طائفية السعودية قتلت قائمة
علاّوي! |
أساس غير طائفي، ومشايخ السعودية يكفرون ويزندقون السيستاني،
أكبر شخصية دينية محترمة لدى الأكثرية؟!
كيف يمكن أن ينتخب العراق على أساس غير طائفي، وإعلام
السعودية ـ العربية والشرق الأوسط وإيلاف، فضلا عن إعلام
الداخل ـ يصوّر الشيعة هناك على أنهم مجرد عملاء لإيران،
وأنهم شعوبيون، وأنهم قتلة مجرمون، ثم يأتي هذا الإعلام،
ويتوقع نتائج طيّبة للموالين للسعودية في العراق؟!
هذا من الحمق. البضاعة الطائفية التي تمّ تسويقها للعراق
سواء كانت على شكل متفجرات في الأسواق، وفتاوى من نجد،
وإعلام طائفي تحريضي قادم من وراء البحار، لا يمكن أن
تخلق وعياً وطنياً، وتفكك الإصطفاف الطائفي.
هناك شتائم كبيرة للمحاصصة الطائفية في العراق!
حسنٌ.. فهل يقبل السعوديون بمبدأ الإنتخابات من أساسه؟!
أم هل أنهم يقبلون بالمساواة بين مواطنيهم؟! أم هل أنهم
يتنازلون ولو قليلاً ويقبلون بمبدأ عدم الإستئثار بالسلطة
والدين لأقلية وهابية نجدية؟! المحاصصة العراقية أو اللبنانية
أفضل ألف مرة من الإستئثار السعودي بالحكم.
هل يريد السعوديون وإعلامهم ودعاتهم التكفيريون أن
يعلموا العراقيين دروساً في الوطنية؟! إذن لطلبوا منهم
محاربة الإحتلال! وإذن ما كان على السعودية أن تفتح قواعدها
لأميركا لاحتلاله!
هل لدى السعوديين تجربة وطنية أو سياسية أو خطاب ديني
راشد يمكن استعارته؟!
كلاّ.. فقد كانت البضاعة بحمولتها كلّها طائفية، تم
تصديرها زرقاوياً الى العراق، على شكل انتحاريين سعوديين،
وأموال سعودية، ومفخخات في الأسواق، وفتاوى علنيّة بالتكفير
وجواز قتل الأبرياء من مشايخ نجد الوهابيين.. وبعد هذا
يأتينا السعوديون ليتهموا المسؤولين في العراق بالطائفية!
حقاً إن الطائفية في العراق هي الحاكمة.. سنيّة وشيعية،
وقد صارت جزءً من الدستور وسيستم الدولة وفق (الديمقراطية
التوافقية). اليافطات تختلف قليلاً. ومعظم القيادات السياسية
طائفية، وإن زعمت عكس ذلك. لكن من يريد من السعوديين أن
يحارب تلك الطائفية فعليه أولاً أن لا يروّج لها في وطنه،
أن يقدّم نموذجاً صالحاً.. وأن لا يصور حروبه السياسية
مع الاخرين على أساس طائفي كما يفعل السعوديون دائماً.
وعليه أن يقدّم خطاباً سياسياً رشيداً ونموذجاً يقتدى
به. فهل في بضاعة السعودية شيء من هذا؟!
أرادتها السعودية صراعاً طائفياً فكان لها ما أرادت،
حتى كادت الأمور تصل الى الحرب الأهلية.
والآن، وقبل أن تبدأ الإنتخابات النيابية، أرادت تأهيل
التكتلات التابعة لها على أساس طائفي، وبغلاف وطني، وموّلته،
وزادت لحمته بمهاجمة الطرف الآخر بأن اتهمته بالطائفية..
هذا والسعودية بعد لم تفتح لها سفارة، ولم تسقط ديناً،
ولم تقدّم خدمة، فمن سيستمع لها من بين العراقيين؟!
حصّة السنّة من المقاعد البرلمانية معروفة، ولن تنقص
إن لم تزد بعض الشيء.. فأحجام الكتل البشرية طائفياً هي
المحدّد وهي معروفة أيضاً. ولكن الخسارة الحقيقية لحزب
السعودية في العراق (حزب علاّوي والمطلق والهاشمي) سببه
السعودية أكثر من أي جهة أخرى. هؤلاء الأخيرون حاولوا
أن يقدّموا خطاباً لا نقول أنه غير طائفي ولكنه أقل طائفية،
في حين أن الإعلام السعودي بشنّه حملات على أساس طائفي،
دفع الشيعة الى التكتّل، واستفادت الأحزاب الشيعية من
ذلك، ما شجّعها على استخدام سلاح (كان معطلاً) اسمه هيئة
المساءلة والعدالة، لضرب قائمة علاوي.
الطائفية الوهابية لا يمكن أن تخلق خطاباً وطنيّاً،
لا في داخل السعودية، ولا في خارجها!
من العبث ان تتهم الآخر بالطائفية السياسية، في حين
ان الدولة السعودية نفسها قامت أركانها على الطائفية ولاتزال.
الطائفية تحارب بسلاح وطني، وبنموذج يقدّم. والسعودية
لا تملك من أسلحة إلا المال والتكفير! وكلاهما لا يصنعان
وطناً لا للسعوديين ولا للعراقيين.
|