التايمز البريطانية:
الأموال السعودية تتدفق على طالبان
محمد شمس
نشرت صحيفة (التايمز) البريطانية في 31 مايو الماضي
تقريراً عن دور المال السعودي المتدفّق على ساحة الحرب
في أفغانستان. وكتب أنتوني لويد من العاصمة الأفغانية،
كابول، بأن ملايين الدولارات من المال السعودي تدفّقت
على أفغانستان خلال السنوات الأربع الماضية، كما يقول
مسؤولون استخباريون في البلاد، بهدف رعاية الإرهاب. وبحسب
أعضاء في وحدة الإستخبارات المالية الأفغانية، فين تراسا،
فأن مبالغ تصل الى أكثر من 920 مليون جنيه (مليار وثلاثمائة
مليون دولار)، تدخل من باكستان، حيث يتم تحويلهم الى روبيات
أو دولارات، العملّة المفضلة للعمليات الإرهابية.
ويقول محمد مصطفى مسعودي المدير العام لـ (فين تراسا)
في كابول (يمكننا متابعة هذه الأموال حتى نقطة دخولها
في وزيرستان) وتساءل (لماذا يريد شخص ما إيصال هذا المال
الى وزيرستان؟) فأجاب (هناك سبب واحد فقط ـ الإرهاب).
هذه الإكتشافات تلمح الى الصعوبات في الفصل بين طالبان
ونفوذ القاعدة والتورّط المستمر للمتبرّعين السعوديين
برعاية التمرّد. وقد طالبت السلطات الأفغانية بفك المتمرّدين
الأفغان لروابطهم مع القاعدة كشرط لإدماجهم في العملية
السياسية.
|
أموال وأفكار ورجال سعوديون
في أفغانستان |
الضلوع المباشر للقاعدة في جنوبي أفغانستان ينظر إليه
بأنه ضئيل الشأن. ولكن ضبّاط في استخبارات التحالف أبلغوا
صحيفة (التايمز) مؤخّراً بأنه فقط ستة أصوات أجنبية من
بين 13 ألف محادثة تم التقاطها في هذه المنطقة في إبريل
الماضي.
مهما يكن، فإن تدفق الأموال العربية الى طالبان يفرض
عائقاً استراتيجياً لحملة مواجهة التمرّد. كما يشير هذا
التدفّق الى أن القاعدة في الجزيرة العربية، أحد فروع
التنظيم، مازالت تمتلك قدرة مالية كبيرة. وبالرغم من أن
السعودية ـ موطن عائلة بن لادن ـ تعتبر حليفاً أساسياً
في الحرب ضد الإرهاب، فإن تقرير الحكومة الأميركية في
العام الماضي ذكر بأن داعمين سعوديين كانوا المصدر الرئيسي
لتمويل طالبان.
يضاف إلى ذلك، فإن تدفّق المال السعودي في حال ازدياد.
وأن الـ 920 مليون جنيه استرليني، أو خمسة مليارات ريال
سعودي، التي تمّت مراقبتها من قبل (فين تراسا) منذ العام
2006 قد تسارعت لتصل الى الذروة هذا العام. وقد دخل معظمها
أفغانستان عبر منطقة القبائل في باكستان، وخصوصاً شمال
وزيرستان، والمعروفة بكونها معقل القاعدة.
المسؤولون لا يرغبون في الكشف عن الطريق الدقيق التي
يسكلها المال السعودي قبل وصوله الى شمال وزيرستان ـ الهدف
الدائم للهجمات الأميركية على مقاتلي وأعضاء القاعدة من
شبكة حقّاني الأفغانية. وبحسب مسؤول في فين تراسا (هذا
سؤال على باكستان الإجابة عنه).
وقال السيد مسعودي بأن الريالات السعودية كانت تتحرك
من وزيرستان الى بيشاور، عاصمة منطقة الشمال الغربي، حيث
يتم استعمالها من قبل المواطنين الباكستانيين لتحويل النقد
الى العملة المحلية أو الدولارات. ما حدث بالدقة لهذا
النقد يبدو غير واضح، بالنظر الى الطبيعة المواربة لعمليات
التحويل وغياب السيطرة على المال الذي يخرج من أو يدخل
إلى أفغانستان. الريالات، التي في أيدي صرّافي العملة
الباكستانيين، يتم تحويلها مرة أخرى الى قنوات المال المنتظمة،
وذلك عبر أفغانستان أيضاً.
يقول السيد مسعودي (لدى باكستان تشريعات مالية صارمة،
ولذلك فإن الريالات لا يمكن بسهولة خروجها من باكستان
بعد تصريفها).
مطار كابول الدولي هو المكان الذي يتم فيه التصريح
بصورة رسمية عن الريالات في الغالب، ولكن في هذا الوقت
يتم نقله الى دبي وتحويله إلى دولارات.
وقد تأسست (فين تراسا) قبل أربع سنوات بمساعدة بريطانية
وأميركية ـ بما يتضمن الإستعانة من وكالة الجريمة المنظّمة
الخطيرة ـ بكونها مؤسسة شبه نافذة ضمن البنك المركزي الأفغاني.
فمن أجل محاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، تراقب هذه
الوكالة البنوك الأفغانية وكذلك سماسرة الحوالات غير الرسمية
وكذلك العمل مع جهاز المخابرات الأفغانية، والمنظمات الدولية.
ليس لدى أفغانستان مراكز سيطرة على محلات تصريف العملات
الأحنبية، وليس هناك قيود على المبالغ بأي عملة تأتي أو
تخرج، هذا في حال تم التصريح عنها. وبالرغم من إقرار قوانين
للسيطرة على نشاطات سماسرة الحوالات ـ حيث تعتبر نشاطاتهم
من الناحية التقنية غير قانونية في باكستان ـ فإن التمرّد
يسمح لهم بالعمل بدون قانون في عدّة مناطق أفغانية.
مطار كابول، الذي يخضع بصورة دائمة لمراقبة السلطات
الأفغانية ومسؤولي الاستخبارات، قد زوّد بخيط أمل في مجال
المراقبة المالية للبلاد. فقد تم اعتقال ثلاثة صينيين
مؤخراً بعد محاولة إخراج 688 ألف دولار، بطريقة غير مرخّصة
خارج البلاد في حقائب يدوية. وفي العام الماضي، تم العثور
على رسول حاول الدخول الى أفغانستان قادماً من السعودية
وكان معه مئات الآلاف من الدولارات موضوعة في حقيبة.
|