بعد مرور خمس سنوات
حشف الملك أسوأ من كيله
خالد شبكشي
في نهاية أغسطس 2005 تولى الملك عبد الله العرش بعد
رحيل أخيه غير الشقيق فهد الذي يعتبر أطول ملك من آل سعود
حكم البلاد، منها أكثر من عقد في حال انعدام الأهلية السياسية،
بعد إصابته بجلطة دماغية سلبته جزءً كبيراً من قدراته
الذهنية.
خمس سنوات من عهد الملك عبد الله زخرت بحملة علاقات
عامة مكثّفة ومتواصلة وطائفة وعود برّاقة ما تحقق منها
لا يتجاوز الشكليات البسيطة التي تتعمد كتائب الدعائيين
بتصعيدها وتحويلها الى منجزات تاريخية، فيما تمرّ فضائح
كبرى يكاد يخجل الملوك السابقون من آل سعود، رغم مخازيهم
التي لا تحصى، مما اقترف في عهد الملك الحالي.
يقول أحد الخبراء في شؤون العائلة المالكة أن الملك
عبد الله يعتبر الأخطر من بين الملوك السعوديين، لأن الفضائح
التي ظهرت في عهده تقدّم تحت غمامة من الشعارات السياسية
البرّاقة مثل الحوار، والمحاسبة، والنزاهة، والوطنية،
والاصلاح.. وهي شعارات لم تطرح للتداول في أي عهد سابق،
بل كانت العائلة المالكة تعرّض كل من يعتنق مثل هذه الشعارات
لخطر الاعتقال وربما التصفية الجسدية، كما جرى في الخمسينيات.
في حقيقة الأمر، أن الشعارات التي رفعها الملك عبد
الله، أو تمّ تحميله إياها، هي ذات أغراض خاصة، وكانت
بمثابة أدوات ترميم صورة الدولة السعودية على المستوى
الدولي، وخصوصاً في الوسطين الأوروبي والأميركي، فيما
كان نصيب الداخل مجرد الإنتظار.
نعم إنه الانتظار الذي راهن عليه الملك بل وكبار الأمراء
الماسكين بزمام السلطة، حتى تحوّل هذا الانتظار الى يأس
وتالياً عدم ثقة وسخط..لم تقتصر المشكلة على الحنث بالوعود،
ولكن ما هو أخطر من ذلك هي النتائج العكسية الصادمة. على
سبيل المثال، أن لا يفي الملك عبد الله بوعد الإصلاح وتطوير
النظام السياسي فذلك جانب من المشكلة، ولكن ماهو أخطر
من ذلك أن يكون النظام السياسي أسوأ مما كان عليه قبل
وصول الملك عبد الله العرش، فتلك أم المشاكل.
حين يجري الحديث عن مستقبل النظام السياسي السعودي
في ظل الملك عبد الله الذي يبلغ من العمر 86 عاماً، ينبعث
سؤال الخلافة عاماً بعد آخر، ويزداد إلحاحاً كلما اقترب
الملك عبد الله من عمره الافتراضي، أو تصاعدت وتيرة صراع
الأجنحة.
يضع المراقبون قائمة تحديات تواجه السعودية والتي تفرض
معالجات جادّة كونها تنطوي على أخطار بالغة على مستقبل
الدولة ومصيرها. غالباً ما يطرح إصلاح نظام الحكم الملكي
بوصفه تحدياً كبيراًًًًًً في ظل مطالبات من داخل العائلة
المالكة، وكذلك القوى الاصلاحية في المجتمع، بفتح نطاق
التداول على السلطة بين أكبر عدد من الأفراد، للحيلولة
دون تركيز السلطة في فئة صغيرة، يتخوّف كثيرون أن تمسك
هذه الفئة بالمواقع السيادية بما يجهض أية فرصة مستقبلية
لمشاركة واسعة في العملية السياسية.
وتزايدت الضغوطات في السنوات الأخيرة من أجل تطوير
النظام الملكي الى ملكية دستورية للحد من سلطة الأمراء
ووضع قيود على استغلال النفوذ المفضي الى زيادة وتيرة
الفساد المالي الذي بلغ معدّلات قياسية غير مسبوقة. في
الوقت نفسه، تشعر بعض الأجنحة في العائلة المالكة بأن
بقاء معادلة الحكم الحالية يعني في نهاية المطاف انعدام
فرص مشاركتها في السلطة خصوصاً مع وصول الجناح السديري
الى سدّة الحكم وسيطرته على المواقع السيادية.
وكما يبدو، فإن النزعة السياسية المحافظة تملي على
صنّاع القرار القيام بخطوات محسوبة وحذرة خشية زعزعة الاستقرار
ليس على المستوى المحلي فحسب بل حتى على المستوى الاقليمي،
فتغييرات من أي نوع في بنية النظام السياسي من شأنها أن
تترك تداعياتها على باقي منطقة الخليج. على أية حال، فإن
دول الخليج الأخرى بادرت الى تبني خيارات في التغيير دون
الأخذ بنظر الاعتبار ردود فعل الشقيقة الكبرى سابقاً،
بل ما يتناقل في الدوائر المغلقة في أكثر من دولة خليجية
يفيد بأن بقاء السعودية في مؤخرة الركب في موضوع الاصلاح
السياسي يجعلها مصدر قلق بالنسبة لدول الخليج لجهة انتقال
ظواهر التطرف الى داخل حدودها، في ظل عجز النظام السياسي
السعودي عن استيعاب حاجات المواطنين عن طريق الانفتاح
السياسي واطلاق الحريات العامة وخصوصاً حرية التعبير والتجمع..
الخلافة.. قانون الطبيعة
مهما قيل عن الحال الصحية للملك عبد الله لجهة خلوّ
جسده من أمراض مميتة، إلا أن قانون الطبيعة يبقى الفيصل،
خصوصاً وقد بلغ الملك من العمر ما يجعله مرشحاً للغياب
عن الحياة في أي وقت، الأمر الذي يطرح سؤال الخلافة في
المستقبل القريب. إن مجرد وجود أشقاء في خط التوارث، لايعني
انحسار عاصفة الخلافات حول العرش، فقد ظهر في السنتين
الماضيتين بوادر خلاف مستقبلي بين جناحي سلطان ونايف،
الأمر الذي قد يطرح التساؤل حول إمكانية نشوء معادلات
جديدة داخل العائلة المالكة يرسمها اللاعبون الكبار مثل
الأمير سلطان، ولي العهد ووزير الدفاع، والأمير نايف،
النائب الثاني للملك ووزير الداخلية، والأمير سلمان، حاكم
الرياض. مع التذكير دائماً، بأن مرض الأمير سلطان مازال
غير محسوم لجهة شفائه التام وقدرته على ممارسة مهام السلطة،
كما كان عليه الحال قبل رحلة العلاج.
يلفت المراقبون الإنتباه الى سريان مفعول قانون الطبيعة
على هؤلاء اللاعبين، ما يعقّد المشكلة، فليس الملك عبد
الله وحده من يأكل الزمن من عمره الطبيعي، فإن كبار الأمراء
هم أيضاً يخضعون لنفس القانون، وقد تقدّم بهم السن بدءً
من الأمير سلطان الذي يبلغ من العمر 84 عاماً، فيما يبلغ
الأمير نايف 76 عاماَ، والأمير سلمان 74 عاماَ، بل إن
عدداً وازناً من أمراء الجيل الثالث يقاوم بصعوبة قانون
الطبيعة. على أية حال، فإن شكل الصراع بين أفراد هذا الجيل
سيكون أشد تعقيداً من شكل الصراع بين أفراد الجيل الثاني،
والسبب، ببساطة، غياب شخصية أو شخصيات نافذة تملك القدرة
على حسم النزاعات الداخلية.
يعتقد مراقب بأنه (اذا حدث وتولى جيل أصغر مقاليد الأمور
على نحو غير متوقع فمن بين المرشحين السياسيين البارزين
الامير محمد بن نايف الذي يتولى المسؤولية عن مكافحة الإرهاب
واستهدفته القاعدة بهجوم انتحاري في أغسطس الماضي. ومن
بين احفاد الملك عبد العزيز البارزين كذلك الامير خالد
بن سلطان وهو حاليا مساعد لوزير الدفاع وكذلك الامير سلمان
حاكم منطقة الرياض). يقترح المراقب مراقبة تطوّرين هامين:
- صحة كبار أعضاء الأسرة الملكية ومشاركتهم في الشؤون
اليومية الخاصة بإدارة المملكة.
- أي علامات على أن الجيل الأكبر سناً ينقل بعض المسؤوليات
الى أحفاد الملك عبد العزيز وأي من هؤلاء يتولى تلك المسؤوليات.
حتى الآن، فإن جميع من تولى الحكم من أبناء الملك عبد
العزيز بمن فيهم أبناؤه الباقون وهم حوالي 24 قد تجاوزوا
السبعين فيما دخل قسم كبير منهم العقد الثمانيني. بعض
هؤلاء قرر نقل حقه في الحكم الى أبنائه تفادياً لأي صراعات
مستقبلية، رغم أن ذلك لم يحسم الملف بصورة كاملة بسبب
العدد الكبير من الأمراء الذين لم يحصلوا على حصة من أي
نوع في الحكم.
لقد مثّل غياب الأمير سلطان لمدة عام في رحلة علاجية
في الخارج هي الأطول في تاريخ الرحلات العلاجية للأمراء
الكبار إختباراً جدِّياً للتوافقات داخل البيت السعودي.
كان الفراغ المؤقت فرصة نادرة أمام الملك ووزير الداخلية
لعقد اتفاق ثنائي يمنح الأخير منصب النائب الثاني، وهو
المنصب الذي دفع الملك عبد الله الى تشكيل هيئة البيعة
برئاسة الأمير مشعل للحيلولة دون تركيز السلطة في الجناح
السديري. ولكن ما جرى كان مفاجئاً، حيث بدا من الاتفاق
بين الملك عبد الله والأمير نايف بأن ثمة تجاوزاً قد جرى
بينهما لدور الأمير سلطان. شعر الأخير بأن ثمة مسعى لقضم
أجزاء هامة من مجال نفوذه، وهو ما عجّل بعودته الى البلاد،
في وقت كانت تخوض فيه القوات المسلّحة حرباً ضد الحوثيين
بحجة منع التسلل، فيما يخبر المراقبون ومن بينهم مقرّبون
من العائلة المالكة أن صراعاً خفياً كان يحتدم بين جناحي
آل سلطان وآل نايف على خلفية محاولات الأخير لوراثة نفوذ
شقيقه الذي كانت التقارير الطبية تتحدث عن قرب رحيله.
تسرّبت أنباء حينذاك عن أن الحرب مع الحوثيين كانت تخفي
هدفاً آخر وهي سيطرة آل سلطان على منطقة الجنوب المحاذية
لليمن، وجني المليارات من صفقات التسلح، وإخلاء ما يربو
عن 400 قرية، وبناء منشآت عسكرية ومراكز مراقبة دائمة
على الحدود، الأمر الذي يؤدي الى انتزاع منطقة نفوذ حيوية
من يد آل نايف.
كان إنشاء الملك عبد الله (هيئة البيعة) قد أراح الأجنحة
المهمّشة، وقد عبّر أحد أبرز رموزها ممثلاً في الأمير
طلال عن تأييده لمثل هذا القرار، الذي سيفتح المجال أمام
مشاركة أوسع من قبل عدد كبير من أبناء وأحفاد الملك عبد
العزيز. على أية حال، جاء قرار تعيين الأمير نايف في منصب
النائب الثاني ليضع نهاية غير سعيدة لمثل هذه الهيئة التي
بقيت طبيعة المهمة المنوطة بها غامضة حتى صدور قرار الملك،
الذي أسبغ المزيد من الغموض على مستقبل الهيئة (لم يصدر
حتى الآن ما يفيد بجدوى استمرارها، أو أن مصيرها شأن مصير
كثير من المؤسسات يتم حسمه بإهمال الحديث عنه أو التخلي
عن استعماله لفترة طويلة، أي تجميده وليس إلغائه، بانتظار
ظروف مواتية تملي تفعيله أو تعطيله).
من النقاط الجديرة بالذكر، أن موضوع الخلافة وتقاسم
السلطة داخل العائلة المالكة يمثّل دائماً حجر الزاوية
في استقرار نظام آل سعود، وليس الاختلاف بشأن السياسات
والبرامج العامة. فمهما بلغ التباين في مقاربات الملك
والأمراء الكبار حول السياسة الخارجية أو الخطط التنموية،
فإن من غير المتوقّع أن يؤدّي ذلك الى حدوث انقسامات خطيرة
داخل العائلة المالكة. فقد انفرد الأمير سعود الفيصل بمبادرات
في السياسة الخارجية فيما يرتبط بالملفين اللبناني والسوري،
وأبدى الملك إنزعاجاً أمام القيادة السورية وقيادات لبنانية
بسبب عدم علمه لما كان يقوم به سعود الفيصل من تحرّكات
من بينها تحريض دول أوروبية على إطاحة النظام السوري،
ومع ذلك لم يحدث أن قرر الملك إقالة سعود الفيصل أو حتى
تجميد نشاطه.
ولذلك، فإن التغييرات في مجالات السياسة الخارجية والطاقة
والاقتصاد والامن لم تخضع لأي تغيير في الإتجاه بل يمكن
الزعم بأن ثمة زيادة ملحوظة في وتيرة التدهور. يمكن القول
بأن الملك عبد الله قاد مرحلة جديدة في مجال السياسة الخارجية
تجعل السعودية حليفاً عارياً للولايات المتحدة وللغرب
وتالياً للدولة العبرية، ولأول مرة في تاريخ السعودية
يجري التعبير بصورة علنية عن مواقف مؤيّدة للكيان الاسرائيلي
ومناهض لدول عربية معتدى عليها كما حصل في يوليو 2006
(لبنان) وديسمبر 2008 (غزة ـ فلسطين).
نعم، قد يقال أن الأمير نايف أكثر ميلاً نحو المحافظة
بالمعنى الديني والسياسي، من حيث معارضته للخضوع لأي ضغوطات
من أجل إلإصلاح السياسي سواء كانت هذه الضغوطات محلية
أو خارجية، كما أشتهر بمعارضته لمبدأ قيادة المرأة السيارة
أو المشاركة في مجلس الشورى والمجالس الأخرى (المناطق،
البلدية). وقد أعرب الأمير نايف مراراً عن تأييده للجهاز
المثير للجدل (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)،
بالرغم من تزايد الشكاوى ضد عناصر هذا الجهاز كرد فعل
على التصرّفات الوحشية ضد المواطنين بتهم في الغالب لا
تستند الى أدلة دامغة فضلاً عن مخالفة الحرية الشخصية
وخصوصيات المواطنين.
هل مازالت القاعدة خطراً؟
دخلت تهديدات تنظيم القاعدة حيز التنفيذ ضد الحكومة
السعودية في يونيو 2003 ولم تدم طويلاً، حيث كانت آخر
عملية خطيرة جرت في فبراير 2004، قبل أن تبدأ الأجهزة
الأمنية السعودية الحملة المضادة لملاحقة خلايا القاعدة
واعتقالها وعرض قادتها في الجزيرة العربية على شاشات التلفزة
وهم يقدّمون اعترافات وتنازلات مصوّرة عن مواقف وأفكار
ناضلوا من أجل تجسيدها في بلادهم واستمدوها من مصادر فكرية
محلية ومرجعيات دينية رسمية.
تمكّنت السعودية بمساعدة بعض الخبراء الاجانب من وقف
حملة القاعدة لزعزعة استقرار النظام السعودي في الجزيرة
العربية التي استمرت من عام 2003 الى عام 2005 واستهدفت
مجمعات سكنية للاجانب وسفارات ومنشات نفطية.
ودمرت السعودية الخلايا الرئيسية للقاعدة داخل حدودها.
لكن كثيراً من عناصر التنظيم أعادوا تشكيل أنفسهم في إطارات
تنظيمية وعسكرية أخرى وآخرها خصوصاً بعد انتقال كثير من
العناصر الى اليمن حيث اعادت القاعدة تجميع صفوفها لتشكيل
جناح اقليمي للتنظيم مقره في اليمن ويسعى من بين ما يسعى
اليه لاسقاط الاسرة الملكية في السعودية. على أية حال،
فإن تقارير كثيرة تحدّثت عن ترتيبات سرية بين تنظيم القاعدة
وحكومتي اليمن والسعودية لجهة خلط الأوراق في ظل صراعات
محلية، فقد دخل تنظيم القاعدة في اليمن في مواجهات مع
الحوثيين بالتنسيق مع النظام اليمني، وقد تعرّض التنظيم
لضربات قاصمة دفعت به للهرب من ساحة القتال، وقيل عن ترتيبات
مماثلة بين وزارة الداخلية السعودية وعناصر قيادية في
التنظيم سواء في اليمن أو العراق. ويشكك كثيرون في رواية
وزارة الداخلية حول محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف
من قبل أحد عناصر التنظيم الذي عاد من اليمن وقدّم نفسه
على أنه تائب.
صحيح ان القاعدة تجد في اليمن مجالاً خصباً لتنظيم
صفوفها وتهريب الاسلحة ورسم الخطط لتنفيذ عمليات داخل
السعودية ولكن ليس كما يصوّره كثيرون. والسؤال هل سيقوم
جناح القاعدة في اليمن بمزيد من العمليات في الاراضي السعودية
كما فعل داخل اليمن؟ قد يبدو مشروعاً في حال صدقت حقيقة
وجود نوايا لدى القاعدة بتنفيذ مخطط قلب نظام الحكم السعودي.
وكما هو معلن، فإن السعودية تريد بناء سياج لاغلاق الحدود
التي تمتد مع اليمن 1500 كيلومتر في منطقة جبلية وهو أمر
قد يساعد في منع عناصر القاعدة من التسلسل عبر الحدود
لكن خبراء يقولون أنه سيكون من الصعب السيطرة على الحدود.
من بين التحديّات المطروحة في عهد الملك عبد الله هي
مشكلة الزيادة السكانية والبطالة، وارتباطها بموضوع التطرف
والإرهاب، إذ لا يمكن مكافحة الإرهاب في ظل غياب معالجات
جديّة لمشكلات البطالة والفقر والسكن وغيرها. توفير فرص
العمل والسكن للمواطنين يعتبر قضية ملحّة في بلد يتزايد
عدد سكانه ويبلغ حاليا 18 مليون نسمة ثلثاهم دون سن الثلاثين،
وتبلغ فيه نسبة البطالة بحسب احصاءات رسمية العام الماضي
10.5 في المئة.
من جهة ثانية، لا تزال الشفافية في القطاع المالي مبعث
قلق شديد بالنسبة الى المستثمرين. وقد سمحت البورصة السعودية
وهي أكبر بورصات العالم العربي بقدر محدود من ملكية الاسهم
لكن قواعد الكشف عن القوائم المالية يقصر عن المعايير
المعمول بها في الاسواق الاكثر نضجاً. علاوة على ذلك،
فإن القوانين الصارمة المفروضة على القروض العقارية تعمق
أزمة السكن، حيث يعيش 78 بالمئة من السكان في بيوت مستأجرة،
ما يؤثر على الاستقرار الاجتماعي.
على مستوى العلاقات الإقليمية، تشهد الروابط بين السعودية
وايران تمزّقات حادة لا يعرف في كثير من الأحيان كنهها
السياسي. وقد مثّل سقوط النظام العراقي في إبريل 2003
بداية تدهور العلاقات السعودية الايرانية على قاعدة أن
العراق تحوّل الى مجال نفوذ لإيران، فيما كانت السعودية
حينذاك تعاني من أوضاع أمنية بالغة التعقيدة على خلفية
التفجيرات التي شهدتها مناطق متفرقة من المملكة، وكذلك
النشاط الاصلاحي الذي مثّل إجماعاً شعبياً لجهة المطالبة
بتطوير النظام السياسي.
على أية حال، فإن التطورات اللاحقة ساهمت في تعميق
التوترات بين الرياض وطهران من بينها اغتيال رئيس الوزراء
اللبناني الاسبق رفيق الحريري في فبراير 2005 واتهام سورية
الحليف الأقوى لإيران في المنطقة العربية، ثم حرب يوليو
2006 ووقوف السعودية الى جانب الكيان الاسرائيلي، واستعمال
ملف البرنامج النووي الايراني كذريعة لتحريض الغرب والولايات
المتحدة على شن الحرب ضد ايران.
عوامل عديدة ساهمت في تدهور العلاقات السعودية الايرانية
وهي تفرض تحديّاً من نوع ما على النظام السعودي وعلى المنطقة
عموماً في ظل تقارير من عواصم عربية وغربية عن دور تحريضي
تقوم به السعودية من أجل تشجيع الولايات المتحدة على القيام
بتوجيه ضربة لإيران، وهو ما ترفضه الإدارة الأميركية خوفاً
من العواقب الوخيمة التي ستتركها أي حرب جديدة على المنطقة.
تخشى دول الخليج أن تصبح هدفاً لضربات إيران الانتقامية
في حالة نشوب صراع. وتقع معظم منشات النفط السعودية على
ساحل الخليج قبالة ايران. كما يتركز شيعة السعودية وهم
اقلية تشكو من التمييز في المنطقة الشرقية. السعودية على
ما يبدو تميل الى تأييد العمل العسكري ضد ايران دون حساب
العواقب، وقد أبلغ الملك الادارة الاميركية بأن دولته
ستتحمل تداعيات الحرب، وهذا يبدو من الحسابات الخاطئة
التي تقع فيها العائلة المالكة، حيث أن أي حرب قادمة قد
تغيّر وجه المنطقة وقد لا تعود فيه دولة لآل سعود.
|