لازالت الحرب السابعة على الأبواب
صالح والسعودية: إفشال اتفاق الدوحة مجدداً!
فريد أيهم
انتعش أمر الوساطة القطرية لحل أزمة اليمن، فجمعت المتخاصمين
شهر أغسطس الماضي: الحوثي والرسمي.
|
آل الأحمر، حلفاء السعودية:
دماء حاشد للبيع دوماً! |
وبعد جهد جهيد أبرم الإتفاق، الذي لم يفصح عن كامل
بنوده حتى الآن.
قيل بأن لا حرب سابعة قادمة.
وقال الأرياني لن تكون هناك حرباً سابعة.
وقال مقربون من الحوثيين بأنهم يتمنون أن لا تكون هناك
حرباً سابعة!
لكن الجميع يعلم بأن الحرب السابعة على الأبواب.
اتفاق الدوحة الأخير تم خرقه قبل أن يجف الحبر!
ينص الإتفاق على أن يضبط كل طرف عناصره القبلية والقبائل
الموالية له عن مهاجمة الطرف الآخر.
هذا الأمر لم يلتزم به، فما أن عاد الوفد الرسمي الى
صنعاء حتى بدأ حسين الأحمر بمهاجمة مدينة حوث واعتقال
العشرات من المؤيديين للحوثيين، وتم قصفها بالدبابات والأسلحة
الثقيلة.
عائلة الأحمر، التي تتزعم قبيلة حاشد، هي جزء من السلطة،
وقد تكون عماد السلطة وجيشها. ولا يمكن للأحمر أن يقوم
بأمر كهذا، وهو ليس بمستوى وقوة الحوثيين، بحيث يهاجمهم
ويقصف المدنيين في حوث.. لولا أن هناك غطاءً حكومياً.
أمرٌ آخر، يشترط اتفاق الدوحة الأخير، إطلاق سراح دفعات
من المعتقلين الحوثيين، وحتى الآن لم يطلق سراح أحد خلافاً
للإتفاق، ولا يظهر أن علي عبدالله صالح لديه النيّة بإطلاق
سراح الحوثيين.
لا شيء يشير الى أن الحرب السابعة مؤجلة أبداً.
السعودية كانت طرفاً في الحرب الأخيرة بشكل مباشر،
وفي كل الحروب التي سبقت الأخيرة بشكل غير مباشر.
والسعودية لم تعجبها نتائج الحرب السادسة.. وكيف يكون
ذلك وقد احتل الحوثيون 48 موقعاً داخل اراضيها بعد أن
أعلنت الحرب ضدهم، وكانت تعتقد بأنها ستدفع بالحوثيين
عشرات الكيلومترات بعيداً عن اراضيهم وعن الحدود!
ما باليد حيلة!
انتهى الإستعراض العسكري السعودي البائس. والنتائج
البائسة للحرب يصعب تكرارها بتدخل سعودي مباشر!
لا تقبل السعودية بقاء قوة الحوثيين، ولا بمهادنتهم،
ولا بإشراكهم في السلطة اليمنية، أي أنها لا تقبل بنتائج
الحرب السادسة ولا تريد إلا الحرب والإنتقام.
|
السعودية: قاتلة اتفاقات
الدوحة! |
حسنٌ.. من سيخوضها هذه المرّة؟!
لن تفعل السعودية ذلك بنفسها كما فعلت من قبل.
لكن السعودية مستعدة لتخريب أية اتفاق سلام بين الحوثيين
والسلطة المركزية في صنعاء.
وعلى الأرجح، سيلقى اتفاق الدوحة عام 2010، مصير اتفاق
الدوحة عام 2006.
الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وبنظر معظم المراقبين
السياسيين، يفقد سلطته بشكل متسارع. وهو ينتقل من وهن
الى وهن.
معظم المناطق اليمنية خرجت عن سيطرته، في الشمال والجنوب،
وحتى في تعز.. لم يبق له إلا بعض صنعاء!
ومع هذا فإن الرئيس اليمني لم يفقد الأمل، فهو مقاوم
عنيد بطبعه، وقد يورده ذاك المهالك.
لا يميل علي صالح الى تنفيذ اتفاق الدوحة، وهو يعتقد
أن لديه من الأحابيل والحيل ما يجعله يشن حرباً أخرى،
يفرضها على الجميع حتى حلفائه الأميركيين والسعوديين وبعض
الخليجيين!
مشكلة علي عبدالله صالح تشابه مشكلة السعوديين.
كلا الطرفين لا يريد أن يخوض الحرب مباشرة ضد الحوثيين،
ضمن الظروف الحالية على الأقل.
ولكن كلاهما لا يشعران بأنهما قادران على التعايش مع
القوة الحوثية النامية والمتسعة، والتي لم تزدها الحروب
إلا قوة.
السعودية لا تريد أن تكرر التجربة الماضية، ولا تريد
فضائح جديدة لجيشها، وهي ترى مصير حليفها يتآكل، بل أنها
ترى نفوذها آخذ بالإنحسار الشديد بعد أن فعلت ما فعلته
من قصف وقتل المدنيين اليمنيين.
ومع هذا فهي تتمنى أن يجبر الضباط اليمنيون علي عبدالله
صالح على خوض الحرب من جديد ـ السابعة!
وهي تدفع المال من أجل ذلك، فيما يماطل علي صالح في
الإقدام مطالباً بثمن مالي أكبر قبل أن يقدم على خوض الحرب
من جديد قد تجعله متوقفاً في منتصفها بدون دعم السعودية.
ولكن من سيتحمس لهذه الحرب الجديدة من المواطنين والحلفاء
لعلي عبدالله صالح؟
الأرجح أن سقف التوقعات العالي الذي ظهر به علي صالح
في الحرب السادسة، لم يتحقق منه شيء بالمرّة، وهذا ما
أحبط جمهور حزبه وحطّ من سمعته؛ ومن الصعب بل من المستحيل
أن تتمكن أية آلة إعلامية من جرّ الجمهور الى حرب جديدة،
فالجمهور اليمني يائس من أية حرب وغير راغب فيها، وهو
يريد السلام وإن كان ثمنه إزاحة علي عبدالله صالح، حرصاً
على بقاء الوحدة وعدم تفكك الدولة وإنهاء قوة القاعدة.
لا توجد أوراق كثيرة لعلي صالح والسعودية لاستخدامها
في أي حرب جديدة. فالقوى التي يعتمد عليها استهلكت وأُضعفت،
جيشاً أو قوى قبلية تقليدية، أو زعامات مناطقية، أو حتى
تحالفات داخلية وخارجية تآكلت ولم تعد بتلك الفاعلية او
الحماسة لأي حرب أهلية، مهما أعطيت من أسماء وتزويقات
(حرب مذهبية/ حرب ايرانية).
السعودية أرادت جرّ الجيش اليمني الى الحرب، فطلبت
من حلفائها آل الأحمر زعماء قبيلة حاشد، أن يبدأوها ضد
الحوثيين، وذلك في أول رد سعودي على اتفاق الدوحة. لقد
استدعت السعودية منتصف سبتمبر الجاري حسين الأحمر الى
الرياض وأمرته بأن يعود ويشعل الحرب من جديد؛ وهو قد أعلن
بأنه سيهاجم الحوثيين وأطلق تهديدات ليست بمستوى قوته.
الحوثيون حللوا الأمر بأن ما قام به حسين الأحمر في
حوث والتهديدات التي أطلقها بعد زيارته الأخيرة للسعودية
إنما هي محاولة تضليل يراد منها جرّ السعودية الى الحرب
السابعة، وأن هذا مخطط من علي صالح يتكرر مثل الحرب السادسة،
التي أوقع السعوديين فيها.
|
هل تخوض السعودية سابعة الحرب؟
|
لكن هذا التحليل لا يعدو أن يكون احتمالاً واحداً.
ولربما أراد الحوثيون إرسال رسالة الى السعودية يقولون
فيها: احذروا، نحن نفهم ما تفعلون، ولكنا لا نرغب في الحرب
معكم، وكفاكم تدخلاً في الشأن اليمني، وأن رهانكم على
حسين الأحمر لا يجدي.
واضح أن السعودية هي أكثر اندفاعاً ـ حتى الآن ـ من
علي صالح باتجاه الحرب؛ وهي بالقطع لا تريد الآن أن تنخرط
مباشرة فيها، فتجربتها السابقة أكثر من كافية.
لكنها ـ أي السعودية ـ تريد تحفيز الوضع اليمني باتجاه
حرب جديدة مع الحوثيين، والأداة هي حسين الأحمر، وقبيلة
حاشد، التي طالما كان دمها يباع ويشترى في السياسة اليمنية،
ولحساب السعودية والسلطة المركزية في صنعاء.
بيد ان الوضع اليمني برمته.. وضع المجتمع، الإقتصاد،
السلطة، القوى السياسية المتصارعة.. الوضع الإقليمي والدولي..
كل هذا لا يدفع ولا يساعد باتجاه إعلان حرب جديدة في صعدة.
النظام في صنعاء غير قادر على حسم المعركة في الجنوب!
وهو غير قادر الآن على حسم المعركة ضد القاعدة!
فكيف به أن يضيف الى قائمة الحرب حرباً أخرى في الشمال
ضد الحوثيين، يحمد الله علي صالح أنها توقفت في الوقت
المناسب قبل أن تنفجر حرب القاعدة والجنوب بهذا العنف
الذي نشهده بشكل يومي.
الأميركيون لا يحبذون حرباً في الشمال يعلمون يقيناً
أنها لن تفضي إلا الى نهاية علي عبدالله صالح.
والأميركيون ينصحون السعودية بتهدئة تحركاتها في اليمن،
وأن لا تشعل النار، ولكن السعوديين لا يلتزمون بكل النصائح
الأميركية!! فالأحقاد الطائفية قد أعمتهم أكثر من أي أمر
آخر، حتى عن مصالحهم الخاصة.
يمكن تلخيص الوضع اليمني على هذا النحو:
نظام يترنح، وسلطة تتآكل وتنتقص من أطرافها وتزداد
وهناً.
وضع إقليمي ودولي بات يفقد الأمل بعلي صالح وبقدرته
على البقاء حياً، ويفكر في البدائل.
اما السعودية، فلا تدري ما تفعل باليمن، حديقتها الخلفية.
كل رهانها قائم على آل الأحمر المتحالفين مع علي صالح.
لقد استعدت معظم القوى اليمنية، وبهذا خسرت وستخسر
الكثير من نفوذها إن لم تبدأ بتغيير سياستها، ولا نظنها
ستفعل!
|