من عجائب الزمان
مصلحٌ.. ولكن عهده فاسد!
خالد شبكشي
لم يشهد العالم ظاهرة محيّرة في عالم (أهل الحكم) وملوك
الزمان، كالظاهرة السعودية، حيث يلتقي الصلاح والفساد
في مكان واحد، وزمان واحد، بل والأغرب من ذلك كله في شخص
واحد. ولكّنه الإعلام الذي يصوّر، كالشيطان، الأمور على
خلاف حقيقتها، فيظهر الفساد صلاحاً، والسرقة تعباً ورهقاً،
والرشوة جوداً وكرماً، وتحميل الأبرياء المسؤولية شفافية
وصدقاً. كنا نعتب على الإعلام المحلي وحتى العربي كونه
قد بايع الشيطان مقابل بيع الذمم، فصار يشري ضميره الحر
بحفنة مال زهيد بالغ مابلغ قبالة الضمائر الحرّة التي
لا تقدّر بكنوز الدنيا، وإذا بالاعلام الغربي الذي ينتمي
للعالم الديمقراطي، وقد أغرته الأموال السعودية فما كان
يقبضه في الظلام وبعيداً عن أجهزة الرصد، صار، وفي ظل
الإعلام الكوني، يمارسه بقبح غير مسبوق.
في 17 أغسطس الماضي، أعلنت مجلة (نيوزويك) الأميركية
عن اختيارها الملك عبد الله ضمن قائمة أكثر عشرة زعماء
في العالم كسبوا احتراماً عالمياً نظير أعماله في تطوير
المملكة على نطاق واسع. ووصفت المجلة الملك عبد الله بـ
(المصلح)، وقالت (إنه منذ تولي الملك عبدالله بن عبدالعزيز
آل سعود الحكم 2005م أعطى الضوء الأخضر لتطوير نظام التعليم
والمدارس، وعين نساء في مناصب عليا، واستثمر في مجال العلوم
والتقنية والطاقة النووية السلمية، إلى جانب جهوده في
مكافحة الإرهاب ودعوته للتسامح والاعتدال والتوازن).
لو ذكرت مجلة أخرى هذا الكلام الممجوج لقلنا إما أنها
تفتقر الى مصادر وازنة تساعدها في الحصول على معلومات
ذات مصداقية عالية، أو أن المجلة تنتمي الى دول العالم
الثالث، التي غالباً ما تعكس الأوضاع الاستبدادية التي
تعيشها هذه الدول، حيث تذكر ما يفوق الخيال العلمي من
قصص مفبركة. ولكن المصيبة أن (نيوزويك) ليس كذلك على الإطلاق،
فهي مجلة عريقة، وذات مهنية عالية، ولديها من المصادر
ما يكفي للوصول الى معلومات حقيقية. إذن أين يكمن الخطأ؟
في المال قاتله الله.
في عهد هذا المصلح المزعوم، كل شيء يمكن تخيّله قد
حصل، من نهب بأرقام فلكية، وانهيار في الخدمات التعليمية
والصحية، وبطالة ومعدّلات فلكية للفقر، وفساد مالي وإداري
عكست حجمه كوارث السيول في جدة والرياض والدمام ومدن أخرى.
في عهد هذا المصلح انفتحت سيرة سرقة العائلة المالكة للمال
العام. فقد أجاب أحد المختّصين عن سؤال: كيف حصلت العائلة
السعودية على هذه الأموال الخرافية؟، فأجاب: لقد كانت
مدينة الرياض القديمة (الديرة) أقل من 1% من الرياض الحالية؛
أي أن الرياض تضاعفت أكثر من مائة مرة؛ فكان الأمراء السعوديون
يقدمون طلبات لشراء الأراضي الصحراوية المهملة حول الرياض
وتوافق الحكومة على طلباتهم وتستوفي منهم مبالغ رمزية
حوالي خمسة ريالات (دولار وربع) للدونم الألف متر مربع،
وكان الأمراء يبيعونها للمواطنين الذين ينشئون عليها المساكن
والمشاريع والمتاجر، وكانت بلدية الرياض تشتري الشوارع
من الأمراء بسعر المتر المربع 5 آلاف ريال (1333 دولار)،
وقد بلغ ثمن الشوارع التي اشترتها بلدية الرياض من الأمير
سلطان لوحده عام 1979م - 1399 هجري 270 مليار ريال (72
مليار دولار) وقد عجزت بلدية الرياض عن تسديدها من ميزانية
عام واحد وقد قبل سموه مشكوراً تقسيمها على ميزانيتين.
هذا حال مدينة الرياض وحالها ينطبق على بقية المدن
السعودية وكان أنشط أربع أمراء في شراء وبيع الأراضي هم:
سلطان وفهد وعبد الله وسلمان، ولكن كل الأمراء والأميرات
كانوا يقومون بهذا العمل؛ وقد شاهدت بنفسي، حسب الخبير،
أثناء عملي في السعودية عام 1983 سيارة بها جهاز مساحة
وزوايا حديدية ومطرقة وبخاخات دهان وبها عاملون ومساح
يتبعون الأميرة صيته بنت عبد العزيز، يبحثون عن الأراضي
المهملة بين المشاريع المقامة على طريق الدمام - الجبيل
السريع ويمسحونها ويدقون الزوايا الحديدية لكي يقدموا
طلبات استملاكها من الدولة.
إن المال الوفير قد يكون نقمة على صاحبه بدلا من أن
يكون نعمة أنعمها الله عليه؛ لقد أحضرت أموال النفط كل
لصوص العالم من أمريكا وبريطانيا وفرنسا والصهيونية؛ إن
كوريا الجنوبية لا تملك نفطاً ولا غازاً حتى الزراعة فيها
بالكاد تكفي سكانها ولكنها أحدثت معجزة اقتصادية وصارت
دولة عظمى اقتصادياً وارتفع الدخل القومي من 3.2 مليار
دولار عام 1962 إلى 786 مليار دولار عام 2005 (أي أنه
تضاعف 341 مرة) وارتفع دخل الفرد من 87 دولار بالسنة عام
1962 إلى 16291 دولار بالسنة عام 2005 (أي أنه تضاعف 187
مرة) وأصبحت ترتيبها رقم 12 بالعالم اقتصاديا وتخطت دولاً
كثيرة مساحتها أضعاف مساحة كوريا، وسكانها أضعاف سكان
كوريا؛ ولقد مولت صناعة الحديد والصلب (والتي تحتاج الكثير
من المال وبالنقد الأجنبي) عن طريق باروكات الشعر؛ فقد
ظهر في السبعينات دواء يبيض بشرة الزنوج ويعتمد على الزئبق
وقد جرى منعه فيما بعد لأنه مسرطن؛ وقد استعمله زنوج أمريكا
بكثرة ورأيناه على المغني الأمريكي مايكل جاكسون وكولن
باول وزير خارجية أمريكا الأسبق؛ وكانت المشكلة عند مستعمليه
في الشعر الذي يظل أكرت غير مناسب للون البشرة الأبيض
الجديد فكان زنوج أمريكا يشترون باروكات الشعر من كوريا،
وكان كل كوري وكورية يطيل شعره لحد معين ثم يحلقه وترسله
شركات كورية لزنوج أمريكا وكانت كوريا تمول صناعة الحديد
والصلب بالعملة الصعبة التي تجنيها من أثمان الشعر؛ كما
أن الرئيس الكوري بارك شونغ الذي قامت النهضة في عهده
(لأن النهضة لا تقوم إلا بقرار سياسي سيادي حر) من المفروض
أن يكون خائن وجاسوس كالحكام العرب لأن كوريا الجنوبية
منطقة نفوذ أمريكي وبها 60 ألف جندي أمريكي لكنه خدع أمريكا
وانتهز فرصة انشغالها بحرب فيتنام وذيولها وأقام النهضة
وكان المستبد العادل ومثال الوطنية والنزاهة ونظافة اليد
مما اضطر الأمريكان لقتله عام 1979 ؛ إن العزيمة والإرادة
أهم من المال وهي التي تخلق المال وهي التي جعلت الكوريين
يفكرون بالحصول عليه من الشعر.
|
عبدالعزيز وقائد قوات الإحتلال
البريطاني للعراق بيرسي كوكس
والخاتونة مس بل في البصرة عام 1916 |
لم نقرأ سطراً واحداً في أي من المجلات الأميركية عن
تفوّق التجربة الكورية، ولا تميّز التجربة اليابانية ولكن
هذا الإطراء القبيح لعهد الملك عبد الله له ما له من المال
الحرام. فما ذكرت المجلة سالفة الذكر عن إنجازات المصلح
عبد الله، ولكنها إنجازات لم تحلّ مشكلات المواطنين المزمنة،
ولم تحقّق لهم ما وعد به من معالجات لأزمات البطالة والفقر
التي بلغت مستويات قياسية، كما لم تضع حداً للفساد المستشري
الذي لا يكاد يختفي من أي مؤسسة حكومية. هل لمجرد تعيينه
إمرأة نجدية كنائبة لوزير التعليم العالي أصبح مصلحاً،
وهو لم يسمح حتى الآن لها بقيادة سيارة فضلاً عن أن تكون
عضو مجلس بلدي أو مجلس شورى..مالكم كيف تحكمون!، أم لمجرد
انه افتتح جامعة للعلوم والتقنية أصبح مصلحاً، وهو ما
لم يستطع حل مشكلات مئات الآلاف من خريجي الثانوية الذين
يجوبون بلاد الأرض بحثاً عن جامعات تستقبلهم، بعد أن عجزت
جامعات محلية عن استيعابهم، رغم أن كثيراً منهم قد حاز
علامات متفوّقة، فيما حوّل الأمراء التعليم الجامعي مصدر
استرزاق، فأقاموا جامعات، بأموال التجّار كما فعل أمير
الشرقية محمد بن فهد، وفرضوا رسوماً عالية على المواطنين
إن أرادوا التعليم لأبنائهم، فهل جرى ذلك إلا في عهد المصلح
إبن المصلح؟!!
إن الملك عبد الله بن عبد العزيز قد بدأ حياته السياسية
بشهادة حسن سلوك في 2006 بشراء أسلحة أمريكية بـ 15 مليار
دولار وأسلحة بريطانية بـ 12 مليار دولار وأسلحة فرنسية
بـ 5مليارات يورو، وها نحن نقرأ في 13 سبتمبر عن صفقة
أسلحة جديدة مع الولايات المتحدة بقيمة 60 مليار دولار.
ليست هذه أول مرة تسيطر أمريكا على أموال سعودية فقد
كان للحكومة السعودية وديعة في أمريكا 350 مليار دولار
عام 1985م، وهبط سعر النفط إلى 12 دولاراً للبرميل واحتاجت
الحكومة السعودية وديعتها فتلكأت أمريكا في إعطائها الوديعة
وأخرت الحكومة ميزانيتها حتى تأخذ وديعتها وسافر الملك
فهد إلى أمريكا بنفسه وقابل الرئيس الأمريكي رونالد ريغان
الذي وافق بالكاد على إعطائه ملياري دولار فقط من أصل
350 مليار دولار، وقال له: أعمل ميزانيتك بالمبلغ المُتيسر
معك فقط.
لقد رهن السعوديون إرادتهم للإنجليز عندما عقد عبد
العزيز بن سعود معاهدة دارين مع بريطانيا في ديسمبر 1915
والتي بموجبها تعهد بأن لا يقبل نصيحة إلا من الإنجليز
وأن لا يعتدي على مشيخات الخليج التي تحت الحماية البريطانية
مقابل أن تعترف له بريطانيا بالحكم له ولورثته من بعده
على نجد والإحساء وقدمت له بريطانيا بموجب المعاهدة: ألف
بندقية موزر ومائتي ألف طلقة وخمسة آلاف جنيه إسترليني
سنويا لعبد العزيز ومساعديه وقرض بدون فوائد مقداره عشرون
ألف ليرة ذهبية. وقد تبع هذه المعاهدة اجتماع عبد العزيز
الرئيس الأمريكي روزفلت في فبراير 1945 في مصر بعد انتهاء
الحرب العالمية الثانية وتحول النفوذ الإنجليزي إلى نفوذ
أمريكي لأن أمريكا أصبحت الاستعمار الصاعد وقتها وورثت
الاستعمارين الإنجليزي والفرنسي.
لكن ظل الإنجليز يبتزونهم بين الفينة والأخرى فقد سرق
الإنجليز مشروع اليمامة بمبلغ 70 مليار دولار وقيمة العمولات
ثلاث مليارات دولار كرشى ودعارة للسعوديين القائمين على
المشروع؛ والمشروع هو شراء طائرات حربية بريطانية، ولو
أن السعودية اشترت بهذا المبلغ ألعاب أطفال لكان أكرم
لها، فكل هذه الأسلحة التي كلفت المليارات انهزمت أمام
جماعة الحوثيين وهم ليسوا بجيش نظامي وضعيفي التسليح لكن
إرادتهم قوية ويحاربون حكومات خائنة لشعوبها.
في عهد المصلح أيضاً، قرأنا في 31 أغسطس الماضي، ما
نشرته مواقع إعلامية سعودية بأن وزير الداخلية السعودي
يعترف باستحالة توظيف كل الشباب.. ويحذر من انتمائهم الى
منظمات خارجة عن الدين والوطن. وجاء الخبر على خلفية تنظيم
المئات من خريجي الجامعات السعودية مظاهرة نادرة أمام
وزارة التربية في العاصمة الرياض للمطالبة بإعطائهم وظائف
وفقا لمصادر صحفية سعودية. وحمل المتظاهرون لافتات أمام
مبنى الوزارة كتب على احداها (كفاية ظلم). في وقت طالب
وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز أن يشغل
الشباب السعودي الوظائف في القطاعات الحكومية والخاصة.
وقال النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير نايف بن
عبد العزيز في تصريح له عقب ترؤسه اجتماع أمراء المناطق
ونقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) فيما يتعلق
بتوظيف المواطنين إنه (من المستحيل سواء في المملكة أو
في جميع دول العالم أن توظف الحكومة كل الشباب، ولكن يجب
أن تشغل الوظائف في القطاعات الحكومية والخاصة بالمواطنين).
|
عاطلون يبحثون عن وظائف
|
وفيما يتعلق بمعالجة أوضاع الشباب في جميع مناطق المملكة
قال الوزير السعودي (أنه بدأت تظهر ظواهر في مجتمعنا غير
مناسبة فضلا عن انحراف فكر بعض الشباب وذهابهم إلى منظمات
خارجة عن الدين والوطن وانزلاقهم في أشياء لا تليق بالشباب
السعودي سواء في التصرف أو في المظهر). ودعا الأمير نايف
وزير الداخلية الآباء إلى (عدم التعامل مع الأبناء بعنف
بل بالتوجيه والنصيحة). حسناً أيها التربوي ولكن أين دور
الدولة التي تمسك بمصادر الثروة والقوة؟ الأمير نايف يقترح
حلاً عجيباً، وكأن المشكلة نفسية بالدرجة الأولى، فقد
شدّد على ضرورة (أن يكون هناك أماكن يقضي فيها الشباب
أوقات فراغهم وهذا يتأتي بالنوادي المتكاملة بالأنشطة
الرياضية). وهل بالنوادي يمكن معالجة مشكلة الفقر والبطالة
يا سيدهم سمو النائب الثاني؟! طبعا كلا، والأمير كان واضحاً
شديد الوضوح في معالجة هذا الأمر، حيث أكّد على أن (الاجتماع
ناقش كل ما يتعلق بشؤون المواطنين، وتنظيم تعاون القطاعات
الحكومية فيما بينها والتنسيق في شؤون الخدمات العامة
للمواطنين). ولكن كيف، تابع الأمير نايف (يجب أن تهتم
الجهات الحكومية بإيجاد وظائف لهؤلاء الخريجين، ويجب على
القطاع الخاص كذلك أن يشغل هؤلاء الشباب وهذا ما بحثته
مع عدد من الغرف التجارية).
تشير الأرقام الرسمية إلى أن معدل البطالة وصل إلى
10% في العام الماضي ولكن توليد وظائف جديدة للسكان الذين
يبلغ تعدادهم قرابة 18 مليون هو أحد أصعب التحديات التي
تواجه المملكة. ويبلغ إجمالي تعداد المقيمين في السعودية
27.1 مليون وتقدم المملكة مزايا اجتماعية ولكنها دون ما
هو ممنوح في دول خليجية اخرى مثل الكويت وقطر حيث تعداد
المواطنين أقل بكثير. ويضطر عدد كبير من السعوديين للعمل
كسائقي سيارات أجرة وحراس أمن أو في اعمال متدنية الأجر
لتلبية احتياجاتهم. ولا تنشر الحكومة السعودية بيانات
عن البطالة بصفة دورية نظراً لحساسية القضية بالنسبة للسلطات
لانها تبرز التفاوت في توزيع الثروات في واحدة من أغنى
دول العالم.
ورغم مواردها النفطية الضخمة تجد السعودية صعوبة في
إيجاد وظائف لمواطنيها بسبب النظام التعليمي العتيق الذي
يركز على الدين الوهابي أكثر من المهارات المهنية اللازمة
لتنويع موارد الاقتصاد الذي يعتمد على النفط ويثقل كاهله
قطاع عام متضخم. ونقلت مصادر صحفية عن نايف التميمي المتحدث
بإسم المعتصمين أمام وزارة التربية قوله أنه تخرج من الجامعة
ولكنه عاجز عن ايجاد عمل. وأضاف (فوجئت بعدم توافر فرص
وظيفية على رغم وجود حاجة لمعلمين... لكن الوزارة لم تول
تلك الحاجة اي اهتمام). ويخشى المسؤولون الذين يؤيدون
العاهل السعودي ان ينخرط الشبان العاطلين عن العمل في
اعمال عنف في المستقبل. وكان تنظيم القاعدة قدشنّ حملة
ضد الدولة في 2003 واتهم الاسرة الحاكمة بالفساد وحملها
مسؤولية التحالف مع الولايات المتحدة. وكان معظم من نفذوا
هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 على الولايات المتحدة
من السعوديين.
وقد شهد موقع التجمّع أمم وزارة التربية بالرياض حالات
إغماء عدة ما استدعى طلب سيارات الإسعاف لإجراء الإسعافات
الأولية لهم، في الوقت الذي أكد فيه خريجون تعرضهم للظلم
في ما يختص بالوظائف السنوية التي تطرح لتخصص اللغة العربية،
خصوصاً أن أعدادهم تتجاوز 12 ألفاً وتتزايد سنوياً، في
مقابل أن عدد الوظائف لا يتجاوز 600 وظيفة، بخلاف التخصصات
الأخرى التي تتجاوز الوظائف السنوية المخصصة لها سنوياً
ذلك العدد، مطالبين بالعدل والمساواة في الفرص.
وجاء في الخبر أنه في صباح السبت الموافق 28 أغسطس
الماضي تجمهّر أكثر من 150 سعودياً من الخريجيين الجامعيين
من أقسام اللغة العربية أمام مبنى وزارة التربية والتعليم
في العاصمة السعودية مطالبين بتوظيفهم و وضع حد لمعاناتهم
من البطالة. ورصدت وكالة (أخبار المجتمع السعودي) بعض
الدوريات الأمنية وهي تحاول تفريق المتجمهرين بسبب إعاقتهم
حركة المرور فيما تم نقل أحدهم إلى مجمع الرياض الطبي
بعد أن فقد الوعي أثناء التجمهر.
وقال أحد المتجمهرين الذي عرف نفسه بأنه المتحدث باسم
خريجي اللغة العربية إن أعداد زملائه العاطلين من خريجي
نفس التخصص تجاوزت 12 ألف عاطل موضحاً أن التجمهر جاء
لمطالبة الوزارة بفتح المجال لتوظيفهم خصوصاً وأن الكثير
منهم متزوجون ويعولون أسراً وبعضهم خريج بدرجة امتياز
مع مرتبة الشرف.
ويظهر حجم مشكلة البطالة المتفاقمة في السعودية مع
تقدم أكثر من 113 ألفا فوجئت بهم إدارة الدفاع المدني
للتعيين على 700 وظيفة برتبة جندي بعد الإعلان عنها وفقا
لصحيفة (الرياض)، كما واجهت إشكالية كبيرة في استقبال
طلبات التوظيف لضخامة عدد المتقدمين. وأشار مصدر في الإدارة
العامة للدفاع المدني إلى تفاجئهم بطلبات العديد من حاملي
الشهادة الجامعية وخريجي كليات التقنية لهذه الوظائف،
فقد وصل عدد خريجي كليات التقنية لوحدها الذين تقدموا
على الوظيفة نفسها 15 ألفا بالإضافة إلى خريجي الثانوية
ومتسربي الجامعات ويسجل عدد المتقدمين لهذه الوظيفة رقماً
قياسياً غير مسبوق كما يكشف هذا الرقم عن التحدي القادم
الذي تواجهه وزارة العمل وجهات التوظيف المختلفة في القطاعين
الحكومي والخاص والذي يتمثل في ارتفاع نسبة العاطلين وإشكالية
خلق وظائف لطالبي العمل.
|
إصلاحي؟! إنها بحقّ كذبة
كبرى! |
ولم تكشف الإحصائية الأخيرة للتعداد السكاني عن رقم
العاطلين عن العمل ومستوى تعليمهم وهذا يعد مأخذاً كبيراً
على مصلحة الإحصاءات العامة التي تحجب معلومة يمكن أن
تخدم جهات التوظيف في تخطيطها المستقبلي.
من جهة ثانية، ومن آيات عهد الملك عبد الله الإصلاحي
المزعوم، سجلت إدارات مكافحة التسول في المملكة ارتفاعاً
في نسبة المتسولين من السعوديين والسعوديات إلى 19 في
المائة مقارنة بـ 15 في المائة العام الماضي. وأوضح التقرير
السنوي الصادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية، أن عدد المتسوّلين
من السعوديين من الجنسين بلغ 5206 متسولاً ومتسولة هذا
العام، مقارنة بـ4952 متسولاً ومتسولة العام الماضي، مشيراً
إلى أن عدد المتسولين من غير السعوديين بلغ هذا العام
21136 متسولا ومتسولة بانخفاض اثنين في المائة عن العام
الماضي، الذي سجل عدد 30008 متسولين ومتسولات. وكشف التقرير
أن عدد الحالات المضبوطة من المتسولين السعوديين من حملة
الشهادات الجامعية بلغت حالتين في الرياض والطائف، فيما
بلغ عدد المتسولات من السعوديات اللائي تم ضبطهن من حملة
الشهادة الثانوية 92 حالة، ورصد مكتب المكافحة في بريدة
57 حالة، ومكتب المكافحة في الرياض 17حالة. وبحسب التقرير
بلغ عدد المتسولين بين السعوديين من الجنسين 1393 ذكراً
مقابل 3814 أنثى، وسجلت بريدة أكبر عدد من المتسولات السعوديات
بلغ 1546متسولة، تليها الرياض بـ 1009 متسولات، وأبها
344 متسولة، والدمام 335 متسولة، وتبوك 158 متسولة. في
حين سجلت تقارير مكاتب مكافحة التسول أقل عدد متسولات
من السعوديات في حائل بثلاث حالات، ومكة المكرمة بعشر
حالات، والمدينة المنورة 54 حالة، والأحساء 63 حالة. وفيما
يخص المتسولين السعوديين، سجل مكتب مكافحة التسول في الرياض
أعلى عدد بـ422 حالة، ومكتب بريدة 289 حالة، أبها 248
حالة، الدمام 179 حالة، فيما سجلت مكاتب مكافحة التسول
في حائل حالة واحدة فقط بين السعوديين، ويليه في مكة المكرمة
بـ 10 حالات، وجدة بـ 11 حالة، في والخرج بـ 16 حالة.
أما على مستوى الفقر في بلد الثراء النفطي، وكذلك أزمة
الاسكان التي يصفها الخبراء بأنها قنبلة موقوتة، لا يبدو
أن الإصلاحي المزعوم ولا أي من أمراء آل سعود الكبار والصغار
يريد نزع فتيلها، وقد تكون ضمن موضوعات صراع الاجنحة أوالمزايدات
الهابطة، فإن الأرقام تتحدث عن أمور مرعبة. يقول تقرير
صدر مؤخراً:
مثل آلاف غيره من الشبان السعوديين يجد نايف الناصر
نفسه ممزقا بين مشاعر الحب وسوق العقارات التي أصابها
الجمود. إرتبط الناصر (34 عاما) بخطيبته قبل سبع سنوات.
وتدر عليه وظيفة بائع سيارات دخلاً يبلغ 5000 ريال (1333
دولاراً) شهرياً. وعندما يحقق مبيعات طيبة يزيد دخله بما
يصل إلى 4000 ريال شهريا فوق الراتب الأساسي. يقول الناصر
إنه في مثل هذا الوضع كان من المفترض أن يكون متزوجاً
بالفعل وينعم بحياته.
بيد أن هناك مشكلة. فالناصر لا يملك منزلاً وإلى أن
يحدث هذا يصر والد خطيبته على عدم إتمام الزيجة. يقول
الناصر (المطلوب بيت وليس شقة فهو لا يريد لابنته أو شقيقاتها
وأمها عند زيارتها أن يشاركهن أغراب في المبنى.. وهو يعني
بذلك الجيران).
ولفترة قصيرة فكر الناصر وخطيته في الاقامة مع أسرته.
لكن الناصر قال (أول سؤال يطرحه عليك صهر المستقبل هو:
هل لديك بيت؟ الأمر لم يعد كما كان عليه من قبل عندما
كان المطلوب أن تكون لديك وظيفة وقبل ذلك كان يكفي أن
تكون مسلماً صالحاً).
وشراء بيتك الأول يمكن ان يكون تجربة حافلة بالمعاناة
في أي بلد في العالم. لكن قلة من الدول تنطوي على نفس
المزيج من المشاكل المالية والثقافية مثل السعودية. والعقبة
الكأداء هي سوق للرهن العقاري لا مثيل لها يبدو أنها تأسست
لتعود بالنفع على ملاك العقارات الحاليين والمقترضين ميسوري
الحال بينما توصد أبوابها في وجه الطبقة الوسطى ومحدودي
الدخل.
في عهده الميمون يا (نيوزويك) ومن لفّ لفها ودار في
فلكها، أصبح لدينا فساد مالي بحجم ميزانيات الدول العربية
مجتمعة مدة ثلاثة أعوام، أي ما يقدره الخبراء في الداخل
بـ 3 تريليون ريال (نحو 800 بليون دولار أميركي)، ولدينا
أيضاً وفي عهده الاصلاحي الميمون نحو 3 ملايين فقير بدون
أي حسابات أخرى (أي دون الاعتماد على احصائيات صندوق الضمان
الاجتماعي الذي دفع أحد أعضاء مجلس الشورى الى تقدير عدد
الفقراء بنحو 8 ملايين فقير)، ولدينا في عهد الملك الإصلاحي
6 آلاف مشروع وهمي، بعشرات المليارات الدولارات..من بينها
مشروع قطار المشاعر بطول 18 كيلومتراً ولكن بكلفة فلكية
بلغت 6.8 مليار ريال، وللحجّاج والمعتمرين تقدير السرقة
الفلكية من ميزانية المشروع، ومنها أيضاً مشروع مدينة
الملك عبد الله الرياضية التي بلغت ميزانية دولة وقدّرت
بنحو (10 مليارات دولار)..
أما على المستوى السياسي، فلكم تخيّل أن سقطاً مثل
المجلس البلدي المعوّق نشأة ونموّاً واستمراراً، فقد أجهضت
تجربته الأولى حمل التجربة الثانية، فقد أرجأ الأمير نايف،
صاحب الكلمة الطولى في دولة المصلح المزعوم، موعد الدورة
الثانية لانتخاب نصف أعضاء المجلس من الذكور الى عامين،
وها نحن نقترب من نهاية المدّة المقررة للتأجيل ولم يصدر
حتى الآن قرار بدء الحملات الدعائية للمرشحّين، وقد تخضع
العملية للمزايدات الاعلامية، أو بانتظار تطوّر الأمور،
فإن كان هناك ما يستوجب التأجيل تمّ لهم ذلك، وإن واجهت
العائلة المالكة ضغوطات محلية أو دولية عدلت عن قرار التأجيل،
ولكن بعد أن تدخل تعديلات على قرار البدء حتى تخرجه للنور
كسيحاً، مشوّهاً، بلا طعم ولا رائحة..هذا هو عهد الملك
عبد الله الإصلاحي ياسادة الديمقرطية؟
|