السعوديون غير راضين عن دبي والكويت والبحرين وعمان!

حربٌ سعودية إقتصادية، وقلق مبكّر من صواريخ إيران

عبدالحميد قدس

■ الملك قلق من احتمال إطلاق صاروخ إيراني ضد المنشآت النفطية السعودية، ويطالب بوش بمواجهة تهديدات إيران

■ أمير سعودي كبير يطلب من مستشارة بوش للإرهاب بأن تضغط على دبي لتجميد 12 مليار دولار من الإحتياطات النقدية الإيرانية تستثمر في بنوكها

■ تاونسند تطلب من السعودية استخدام نفوذها في عربسات لحجب بث قناة المنار، وسعود الفيصل يقول بأن الأهم من المنار هو إغلاق مركز الحزب الثقافي عبر استخدام قوات أممية!

لم تنظر السعودية يوماً الى إيران ما بعد الشاه إلاّ كعدو، وليس منافساً فحسب. الهواجس المذهبية والتاريخية، وكذلك السياسة السعودية الإلتحاقية بالسياسة الأميركية هي على الأرجح سبب ذلك. وإلاّ فإن المحلل والمراقب للسياسة الإيرانية تجاه السعودية لا يجد إلا المبالغة في التقدير الى حدّ (التملّق)، ولم يصدر عملٌ عدواني يدفع بالسعوديين الى الشك بأن الإيرانيين يتآمرون على أمن السعودية. على العكس من ذلك، لإيران أكثر من مبرر للشك في النوايا السعودية.

والأمراء السعوديون وعلى مختلف الأصعدة كانوا ولازالوا ينسقون مع واشنطن في كل ما يتعلق بسياسة حصار إيران ونشاطها الإقتصادي حتى وإن كان ذلك النشاط يمارس مع دولة خليجية كالإمارات (دبي).. وحتى لو كان الأمر شأناً داخلياً (مراقبة البنوك/ تنظيمات المعارضة/ الجمعيات الخيرية/ والأمن الشخصي للملك/ التعيينات في المناصب الأمنية، وغيرها). الوثيقة التالية توضح أن السعودية تطالب أميركا بأن تضغط على دبي لحجز أموال إيران واستثماراتها هناك؛ وتوضح أن السعودية تخشى الصواريخ الإيرانية.

المعلومات حول هذه القضايا، جاءت في وثيقة ومن لسان أمير مسؤول، بل عدّة أمراء، ترفض الوثيقة الإشارة الى أسمائهم. الوثيقة رقم (06RIYADH9095) والمؤرخة في 16/12/2006، حملت عنوان: (xxx والتهديدات الإيرانية) وهي صادرة من السفارة الأميركية في الرياض، تتحدث عما دار في لقاءات السيدة فرانسيس فراغوس تاونسند، مساعدة الرئيس بوش الإبن في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب. فقد قامت هذه الأخيرة بزيارة الى الرياض في نوفمبر 2006 والتقت بعدد من الأمراء الكبار، وناقشت معهم مسألة التهديد الإيراني، سواء الذي يراه السعوديون، أو الذي يزيد عليه الأميركيون ويضخمونه أكثر فأكثر (دواها بالتي هي الداء)!!

في الملخص للوثيقة جاء التالي:

[الأمير xxx] أخبر مساعدة الرئيس للأمن ومكافحة الارهاب فرانسيس فراغوس تاونسند، بأنه تكلّم نيابة عن الملك حين طالب بعمل ما لمواجهة التهديدات الايرانية. xxx قال بأنه قلق بدرجة أكبر من إطلاق صاروخ إيراني ضد المنشآت النفطية السعودية أكثر من هجوم إرهابي عليها، لأن بإمكانه ـ أي الملك ـ اتخاذ تدابير احترازية ضد الإرهاب، ولكن ليس ضد الصواريخ الإيرانية. في موضوع المبادرة البنكية الإيرانية، الأمير xxx طالب بأن تقوم حكومة الإمارات بتجميد ما يقدّر بنحو 12 مليار دولار من الإحتياطات النقدية الإيرانية في بنوك دبي. وناقش xxx مع تاونسند فشل تأسيس هيئة خاصة بالجمعيات الخيرية، والحاجة إلى استبدال رئيس وحدة الاستخبارات المالية السعودية، وكذلك التدابير الأمنية الشخصية للملك.

لا يعلم بالضبط من هو هذا الأمير الذي تشير اليه الوثيقة الأميركية الصادرة من السفارة الأميركية بالرياض. وهناك إشارات الى أمراء آخرين بدون إسم. الأرجح أن المعنيين لا يعدو أن يكونوا الأمراء المعروفين: تركي الفيصل رئيس الإستخبارات السعودية السابق/ أو الأمير بندر بن سلطان الذي تولى مسؤولية رئاسة مجلس الأمن الوطني/ أو الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الإستخبارات الحالية، أو نائبه.

سلطان يستقبل تاونسند في فبراير 2007

في التفاصيل تتحدث الوثيقة عن تدخل وتحريض سعودي على الإمارات ـ ودبي بالذات ـ التي كانت تشهد طفرة اقتصادية تصاغرت معها السعودية، من أجل تجميد الإستثمارات الإيرانية، لإضعاف الطرفين إيران ودبي، وهو ما حدث الى حد كبير. تقول الوثيقة تحت عنوان: الاحتياطات والمعاملات البنكية الايرانية:

في لقاء باكر في قصره بالرياض في 15 نوفمبر، بدأ الأمير xxx بسؤال تاونسند ما اذا كان هناك أي تطورات متابعة من لقاءاتها في اليوم السابق مع الأمير xxx أو الأمير xxx. ذكرت تاونسند بأن xxx يمتلك قائمة بالمؤسسات البنكية التي تزاول نشاطات تجارية مع إيران، وأنها تريد ضبطها والسيطرة عليها، وذلك من أجل دفع تلك المؤسسات لفعل مماثل لما قامت به كل من مؤسسة يو بي إس وكريديت سويس. وافق الأمير xxx على ذلك، واقترح بأننا بحاجة لأن تكون لدينا مقاربة، سواء بالاعلان بصورة منفتحة عن هذه السياسة كحكومات، أو ربما الطلب من بعض البنوك للإعلان عن سياسة جديدة إزاء إيران.

وحرض الأمير السعودي مستشارة بوش على دبي، معتبراً إياها بمثابة مشكلة أمام سياسة فرض الحصار على إيران:

ورأى الأمير xxx دبي بأنها تمثل مشكلة لهذه المبادرة الجديدة [محاصرة ايران اقتصادياً]. وقال بأن لدى دبي 8 ـ 12 بنكاً تقيم روابط ممتدة مع إيران، وهي تمتلك نحو 12 مليار دولار كاحتياطات مالية إيرانية. وأشار الأمير xxx الى أنه التقى شخصياً بمحمد بن راشد، وبمحمد بن زايد، وأوضح بأن الأخير كان داعماً لجهودنا، واقترح الأمير السعودي بأن نبعث شخصاً على وجه السرعة الى الإمارات العربية المتحدة لتجميد هذه الإحتياطات قبل أن يبدأ الإيرانيون بسحبها. ويواصل نفس المصدر: بالإضافة الى ذلك يجب على السلطة المالية السعودية إصدار تحذير الى البنوك السعودية لتحاشي المعاملات الإيرانية، أو أنها ـ أي البنوك ـ ستعرّض معاملاتها الدولية لخطر الإنهيار.

في موضوع آخر، أشارت الوثيقة الى ما أسمته بـ (التهديدات الإرهابية والصاروخية الإيرانية لمنشآت الطاقة السعودية). وهذا الموضوع أثارته مستشارة ومساعدة بوش للشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب فرانسيس تاونسند.. وقد رأى السعوديون أخذ زمام المبادرة ومهاجمة إيران.. تقول الوثيقة:

لاحظ الأمير xxx بأن هناك تطلعاً لرفع عديد حرس المنشآت النفطية ليبلغ 35 ألف شخصاً، مجهّزين بالأسلحة الضرورية. وأضاف بأنه واثق نسبياً بقدرة الحكومة السعودية على التعامل مع التهديدات الإرهابية للمنشآت النفطية من خلال حشد المزيد من القوات، وبناء ونصب المزيد من الحواجز والأسيجة الواقية. ولكن التهديد الأخطر، من وجهة نظره، هو في صاروخ سكود يطلق من إيران، والذي قد يحدث دون إشعار أو دون إشعار عاجل. وحسب قوله سيستهدف الإيرانيون المنشآت السعودية في رأس تنورة والجبيل، وربما أيضاً القواعد العسكرية الاميركية في قطر والبحرين، والذي سيتسبب في توريط السعوديين أيضاً.

إن مصدر قلقه ـ أي الأمير xxx ـ يكمن في تشديد العقوبات على إيران بما قد يتسبب في دفعها الى خطوة استباقية تقدح شرارة التصعيد وتؤدي الى إطلاق الصاروخ. وبالنظر الى احتمالية هذا السيناريو، توقّف xxx عند خيار هجوم استباقي. وقال (أفضّل أن أكون مهاجماً طالما أننا الهدف). وأضاف لاحقاً بأنه عنى حالة الجهوزية العسكرية، وليس عملاً هجومياً، وشدّد على أن هذا المعنى من الإلحاح إنما جاء من الملك عبد الله، ولم يكن صادراً عنه شخصياً. وأضاف بأن الأمير xxx والأمير xxx يعملان معاً على إعداد (قائمة بما يجب على إيران فعله).

وبشأن المواقف الأوروبية، شدّد xxx على أن الرئيس الفرنسي شيراك يريد أن يطمئن الى أننا قمنا بكل ما هو ممكن سياسياً. مهما يكن، فإن شيراك ليس مستعداً لأن يقبل إيران كدولة نووية. من جهة أخرى، فقد ملأ الملك عبدالله إذني روسيا بشأن علاقاتها مع ايران وسوريا، على حد زعمه.

وتلتقي الملك في يونيو 2006

واضح أن الشغل الشاغل للسعودية هو محاربة إيران على مختلف الأصعدة السياسية والدبلوماسية والإقتصادية والإستخباراتية والعسكرية والمالية والإعلامية والثقافية، والأمنية. حتى مشكلة القاعدة، التي ظهرت من رحم المذهب الوهابي، ونمت برجال وأموال السعودية وأفكار رجالها، اعتبرت مشكلة إيرانية. لا عجب، فقد سبق أن احتلّ العراق بحجة دعمه للقاعدة وتفجيرات 11 سبتمبر، وكان يفترض معاقبة الحليف السعودي الذي شارك أبناؤه وفكره وماله في تمويل وتنشئة القاعدة. لكن من يبحث في الغرب عن الحقيقة؟!

تتحدث الوثيقة آنفة الذكر تحت عنوان (التعاون في مجال مكافحة الارهاب) أي التعاون بين الرياض وواشنطن، عن أمور لم تقع، وسياسات يعتقد أن إيران سوف تقوم بها في المستقبل..

يرى xxx (تحالف الإرتياح) بين إيران والقاعدة. ويتفق هو والأمير xxx على أن إيران ستستعمل مسارين إرهابيين ضد السعودية: عناصر القاعدة، وحزب الله ـ الصغير في المنطقة الشرقية. وفي سؤال من قبل تاونسند حول دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى في التعاون في مجال مكافحة الارهاب، قال xxx بأنه راض جداً عن الإمارات العربية المتحدة، وليس راضياً عن البحرين، وغير مرتاح من موقف الكويت. تاونسند، التي التقت أمير الكويت في 14 نوفمبر، وافقت على هذا الرأي، وقالت بأن الأمير يركّز فحسب على ما يجري في الكويت. الأمير xxx قال بأن هناك تبايناً في الكويت حول تدابير مكافحة الإرهاب، وأن قناته الرئيسية هناك هي وزيرالخارجية الذي لديه قدم راسخة، وهو غير مرتاح مما يراه. أما سلطنة عُمان، فحسب xxx، هي تعتقد بأنها في مأمن لأنها بعيدة جيداً؛ وأضاف xxx بأنه يتمنى أن تتضمن نتائج قمة دول مجلس التعاون الخليجي في 9/10 ديسمبر قراراً واضحاً بشأن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.

يجدر بنا التذكير هنا، أن السعودية كانت الأداة الطيّعة بيد الغرب في مواجهة المعسكر الشرقي تحت غطاء (مكافحة الشيوعية). وبانهيار الإتحاد السوفياتي، أصبح همّ أميركا مواجهة الخطر الإسلامي ـ حسب تعبيرهم ـ وكان لا بدّ للأمراء السعوديين أن يؤهلوا أنفسهم من جديد لخدمة الغرب في مرماه هذا، وإلا خسروا تحالفهم معه، وحمايته لهم. كان صعباً أن تتحوّل السعودية التي استخدمت الإسلام لعقود في شرعنة نفسها وتوسعة هيمنتها، أن تنقلب عليه صراحة بين ليلة وضحاها.. وبدأت تتحول شيئاً فشيئاً حيث انقلبت على الحركات الإسلامية التي كانت تدعمها، وعادت الأنظمة التي ترفع ـ مثلها ـ شعار الإسلام وحكمه، حتى أنها سخرت منها وناصبتها العداء الشديد كما هو الحال في السودان وإيران وحتى في أفغانستان.. ولم تنقلب السعودية بالتمام والكمال على ما كانت تسميه بالمشروع الإسلامي إلا بعد أحداث سبتمبر 2001، حيث وجدت الرياض أنها لا بدّ أن تنخرط في هذا الجهد الذي اتخذ شكلاً جميلا: (مكافحة الإرهاب)! ولا يوجد إرهاب في عين الغرب سوى الإسلام، ولا ينحصر العدو في القاعدة (ربيبة السعودية) بل في كل نشاط إسلامي على وجه الكرة الإرضية، وكل نظام له صلة بالدين (اللهم إلا نظام آل سعود)!!

زيارات تاونسند كانت كثيرة جداً للسعودية، تصل الى سبع زيارات في فترة وجيزة. فبعد نحو ثلاثة أشهر من زيارتها الأخيرة في نوفمبر 2006، قامت بزيارة الى الرياض في فبراير 2007، والتقت بالملك وولي عهده وسعود الفيصل وآخرين. وفي يوليو 2007 عادت الى الرياض لتلتقي بالمسؤولين السعوديين وبينهم ولي العهد الأمير سلطان.

ويلاحظ أن هذه المسؤولة بالذات قد حظيت باهتمام كبير من الأمراء السعوديين، وكان وفدها يستقبل على أعلى المستويات. مثلاً هي التقت بولي العهد وبالملك وبسعود الفيصل في يوم واحد هو يوم 6/2/2007، كلاً على حدة. وكان مع الملك حين حاورته جحفل من الأمراء. فحسب وكالة الأنباء السعودية، فإن الحاضرين لاجتماع الملك معها من الأمراء كانوا: الأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة، والأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود مساعد رئيس الاستخبارات العامة، والأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز الأمين العام لمجلس الأمن الوطني، والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، والأمير منصور بن ناصر بن عبد العزيز، والأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، وإياد مدني وزير الثقافة والإعلام، والسفير عادل الجبير سفير السعودية في واشنطن، والسفير الأميركي في الرياض جيمس اوبرويتر.

الوثيقة السرية (07RIYADH367) الصادرة عن السفارة الأميركية في الرياض والمؤرخة في 24/2/2007، قدّمت تقريراً شاملاً حول ما دار من نقاش بين سعود الفيصل وزير الخارجية مع السيدة تاونسند في منزله يوم 6/2/2007 (المضحك أن وكالة الأنباء السعودية قالت انه استقبلها في مكتبه!!). الوثيقة تبين أن الأمراء منفتحين الى أبعد الحدود وفي كل القضايا مع الأميركيين، بما فيها مسألة قطع بث تلفزيون المنار.. بل وحتى الإعتقالات الداخلية التي جرت للإصلاحيين العشرة، والذين لازال معظمهم في السجون تمّ إطلاع الأميركيين عليها، واعتبرت جزءً من محاربة الإرهاب. هذه الوثيقة بالذات تكشف أن مزاعم أميركا بشأن حقوق الإنسان لا قيمة لها ألبتة، خاصة اذا ما علمنا أن المعتقلين معروفون لدى المنظمات الدولية بأنهم حقوقيون ودعاة إصلاح سياسي، ولكنهم بفضل بوش وتآمر آل سعود معه أصبحوا ممولين للإرهاب!!

تاونسند تلتقي الملك في يناير 2009 أيضاً

ملخص الوثيقة يتحدث عن نفسه، نورده هنا لننتقل بعدئذ الى ما يتعلق بإيران. يقول الملخص ما يلي:

مساعدة الرئيس للأمن الوطني ومكافحة الإرهاب فرانسيس فراغوس تاونسند غطّت قضايا التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والسياسة الإقليمية، وذلك في لقائها مع وزير الخارجية سعود الفيصل في منزله بجدة في 6 فبراير 2007. وصف سعود اعتقالات 2 فبراير لعشرة من المشتبه بتورطهم كمموّلين للإرهاب في جدة والمدينة، بأنها خطوة إيجابية يمكن أن تقود الى خطوات أخرى واعتقالات. فيما يرتبط بهيئة الجمعيات الخيرية المقترحة، قال سعود بأن الحكومة السعودية تميل نحو تشكيل مؤسسة حكومية تدفع مباشرة الأموال الخيرية. وقد حدد انخراطاً مع ايران كمقاربة ذات بعدين تشتمل على حوار صريح وضغط أمني. وقال الفيصل: (نحن نزوّدكم بالمنطق، وأنتم تقومون بالضغط)، مضيفاً بأن تقوية حضور البحرية الاميركية مؤخراً في الخليج يعتبر مثالاً جيداً لعنصر القوة. في رد فعل على طلب تاونسند لاستعمال الحكومة السعودية نفوذها في عربسات لحجب بث قناة المنار، أجاب الأمير سعود بأن المراكز الثقافية المموّلة إيرانياً في لبنان، والعراق، وافغانستان هي أكبر مصدر للنفوذ الإيراني في المنطقة أكثر من تلفزيون المنار. وحول القضايا العربية الاسرائيلية، تمنى الأمير سعود أن تعود الوزيرة رايس الى المنطقة قريباً لمعالجة (القضايا الجوهرية) للقدس واللاجئين الفلسطينيين. وفي لقاء خاص لاحق، جدّدت تاونسند قلق الولايات المتحدة حول السفير السعودي في الفلبين [المتهم بمساعدة أفراد من القاعدة]، وقال سعود بأن السفير سينهي جولته قريباً.

فيما يتعلّق بالموضوع الإيراني، هناك عدّة موضوعات:

زيارة لاريجاني لتهدئة النبرة الطائفية السعودية، فاتهمها سعود الفيصل بأنها تؤجج الطائفية. والأهم أنه أرسل تهديداً للأقليات الشيعية في الدول العربية، بما فيها بالطبع الأقلية الشيعية السعودية، معتبرا إياها في المضمون طرفاً في حرب بلاده مع إيران. واضح هنا، ان سعود الفيصل لا يفرق بين محاربة إيران ومحاربة التشيّع؛ كما لا يهتم بحدود الدولة القطرية، ولا بموضوع المواطنة، ولا بموضوع الحريات الدينية في بلاده. فمن يضع جزءً من شعبه في مقام العدو او ملحقاً لعدو لا يمكن له أن يعتبرهم مواطنين أو حتى أُناساً مسالمين.

في الموضوع المتعلق بإيقاف قناة المنار، واضح أن سعود الفيصل لم يشأ أن يلزم بلاده باتخاذ قرار بمنع بثها على عربسات، ففي ذلك تصعيد كبير، وفيه تعدّ على حقوق الدولة اللبنانية، وليس حزب الله فحسب، لذا كانت اجاباته بشأن إيقاف البثّ تعتمد التعمية، واتخذت صفة اعتذارية. أو ربما لم يكن الأمر كذلك، فسعود الفيصل طالب بقوات تدخل متعددة الجنسيات في لبنان لتقوم بإغلاق المركز الثقافي لحزب الله (؟) الذي اعتبره أخطر من قناة المنار!

هناك موضوع زيارة بوتين وعقد صفقة عسكرية مع روسيا. تبيّن أن توجّه السعودية لشراء السلاح من روسيا كان ويا للغرابة بتوصية أميركية. ربما لأن الأميركيين لم يكونوا يريدون إبرام صفقة مع السعودية تثير الكونغرس. ولكن سعود الفيصل أشار فيما أشار اليه بأن السعوديين يطرحون على الروس ثمناً سياسياً يتعلق بالمحكمة الدولية بشأن مقتل الحريري. هذا هو نص كل القضايا المثارة..

في سؤال من قبل تاونسند حول وجهات نظره حول التطوّرات في إيران، قال الأمير سعود بأن الرسالة الإيرانية الأخيرة، التي حملها لاريجاني، تحمل عرضاً بالتعاون لمنع الإنقسام الطائفي السنّي الشيعي. قال سعود بأن حكومته تركّز على الأفعال الإيرانية وليس الكلمات. السعوديون حذّروا الإيرانيين من تطبيق سياسة (خطرة) من الإنقسام الطائفي، وخصوصاً في العراق. وقال الفيصل بأن إيران سلكت طريقاً خطراً من (الفتنة) داخل المسلمين؛ موضحاً أنه بالرغم من وجود أغلبية شيعيّة في العراق، فإن الشيعة في أماكن أخرى من المنطقة هم أقليّة، وأن السياسة الطائفية في العراق قد تقوّض وضع الأقليات الشيعية خارج العراق، حسب قوله.

قارن سعود النفوذ الايراني في العراق بالنفوذ الايراني في لبنان، وعلّق قائلاً بأنه لحظ إشارات إيجابية في لبنان، حين حثّت إيران حزب الله على وقف الاعتراضات في الشارع والعودة الى المنازل. وقال سعود بأنها سياسة الحكومة السعودية التي تتبع مناقشات صريحة جداً مع الإيرانيين، ويشدّد الأمير قائلاً: نحتاج الى سياسة مشتركة من الصراحة والضغط الأمني. إن تقوية الحضور البحري الأميركي في الخليج بعث برسالة جيدة (أنتم تقدّمون الضغط ونحن نقدّم المنطق) حسب قوله.

قالت تاونسند بأن حزب الله لا يبدو، بالنسبة للولايات المتحدة، أنه خفّض من لهجته، وطرحت طلباً على السعوديين للمساعدة مع عربسات لحظر بث تلفزيون المنار. إن حجب المنار سيساعد في تقليص مجال نفوذ حزب الله، وقد وافق الفرنسيون على عدم السماح ببث المنار، حسب قولها. أجاب الأمير سعود بأن (المشكلة الأكثر أهمية) هي المركز الثقافي لدى حزب الله، والذي يمارس نفوذاً أكبر من تلفزيون المنار، والذي يمكن إغلاقه من خلال قوات متعددة الجنسيات، حسب قوله. يموّل الايرانيون أيضاً مثل هذه المراكز في أفغانستان والعراق، حسب قوله.

سأل السفير أوبرويتر الأمير سعود حول التقارير الإعلامية قبل زيارة الرئيس الروسي بوتين الى السعودية في 11 ـ 12 فبراير حول المصلحة في مناقشة (نظام أمن شرق أوسطي). قال الأمير سعود بأن ليس لديه علم بمثل هذه الخطة، وأن الزيارة المجدولة ستركّز على العلاقات الثنائية، بما في ذلك التعاون العسكري والاتفاقيات الاقتصادية. ولفت الى أن السعوديين سيطرحون صفقة شراء محتملة لمعدات عسكرية من الروس (لأنكم أبلغتمونا بأنه من الافضل الشراء من الروس، لأنها ـ أي المعدات العسكرية ـ أرخص وفي نفس المستوى من الجودة). قال بأنه لا يعلم لماذا أبلغت الولايات المتحدة المملكة للذهاب الى الروس، ولكنهم سيرغبون بذلك مهما يكن. وأضاف بأن السعوديين سيطرحون قضايا مجلس الأمن، وخصوصاً المحكمة الخاصة بالنظر في اغتيال الحريري وقضايا الرباعية.