ويكيليكس وسياسة السعودية اللبنانية
سعود الفيصل يطلب دعم الناتو لتدمير قوة حزب الله
نهائياً في بيروت
هاشم عبد الستار
ستواجه المتابعين للسياسة السعودية مقولة
متكررة من أمراء سعوديين كبار: (المملكة تقف على مسافة
واحدة) من جميع الأفرقاء اللبنانيين أو العراقيين أو حتى
الصوماليين. هذه المقولة، لا رصيد لها على أرض الواقع،
وإنما هي مجرد كليشيهات تقال في وسائل الإعلام. وإلاّ
فإن أحداً لا يمكنه أن يتصور أن السعودية تقف على مسافة
واحدة بين نصر الله والحريري!؛ ومثل السعودية إيران وسوريا
وأمريكا وفرنسا وجميع اللاعبين السياسيين على أرض لبنان
والعراق وغيرهما.
لكن السعوديين ـ خاصة وزير الخارجية ـ
بلغ حدّاً من الوقاحة والإستخفاف بفهم المواطنين والعالم
حين يكرّر هذه المقولة الرخيصة، في حين أن قنابل وصواريخ
الإعلام السعودي لا تزال شغّالة منذ سنوات تقصف بها حماس
وحزب الله وغيرهما، وبكل العبارات النابية والتخوينية.
السعودية طرف في لبنان ضد حزب الله، وهي
ليست محايدة. والسعودية طرف حين يتعلّق الأمر بصراع حزب
الله مع اسرائيل، فالسعودية ـ كما توضح من مواقفها في
حرب تموز 2006 ـ أقرب الى اسرائيل ومواقفها، بل كانت محرّضة
للأخيرة لكي تتخلّص من حزب الله. وتابع الأمير بندر اتصالاته
مع الإسرائيليين بعد حرب تموز والتقى برئيس وزراء الصهاينة
أولمرت وبرئيس الموساد ـ المستقيل حديثاً ـ داغان، وذلك
في الأردن وبسمسرة مسؤوليها، لتنسيق المواقف على الصعيد
اللبناني والسوري والإيراني.
وكما أن السعودية توّاقة للتخلّص من إيران
وسوريا، فهي تريد التخلص من حماس وحزب الله أيضاً، ولا
يهم آل سعود الوسيلة. الوثيقة التالية توضح أن السعودية
(تستدعي) الناتو والقوات الأميركية لإنهاء قوة حزب الله
وبالقوة العسكرية في بيروت، بالتنسيق مع قوات عربية، تموّلها
على الأرجح السعودية نفسها.
التآمر ـ كما النفاق، صفة (ملوكية سعودية)..
والموقف السعودي من حزب الله ولبنان، والذي عبّر عنه سعود
الفيصل في وثائق سابقة وفي هذه الوثيقة دليل على ذلك.
أمامنا وثيقة من ويكيليكس، يعود تاريخها الى 14/5/2008،
وتحمل الرقم 08RIYADH768، وهي صادرة من السفارة الأميركية
في الرياض، وموضوعها: (لبنان: وزير الخارجية السعودي يقول
بالحاجة الآن لقوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة)، وهي
عبارة عن محضر لقاء بين السفير ساترفيلد وسعود الفيصل.
تقول الوثيقة التالي:
1 ـ ملخّص: إلتقى السفير ديفيد ساترفيلد، وقائد قوات
متعددة الجنسيات، وفريق السفارة في بغداد مع وزير الخارجية
السعودي الأمير سعود الفيصل في 10 مايو. وبينما كان العراق
الموضوع الرئيسي للنقاش، فإن سعود استحضر الأحداث التي
تجري في بيروت، وشدّد على الحاجة الى رد فعل أمني على
التحدّي العسكري لحزب الله الذي يفرضه على حكومة لبنان.
وعلى وجه التحديد، ناقش سعود فكرة قوات عربية لإقامة وحفظ
النظام في وحول بيروت، وسيتم مساعدة القوات في جهودها
بحيث تندرج تحت غطاء قوات اليونيفيل في جنوب لبنان. وقال
سعود بأن الولايات المتحدة والناتو بحاجة الى توفير حركة
ودعم لوجستي، وكذلك الغطاء البحري والجوي. وقال سعود بأن
انتصار حزب الله في بيروت سيعني نهاية حكومة السنيورة
وإتمام السيطرة الايرانية على لبنان.
لبنان: مشكلة عسكرية مع حل عسكري
2 ـ افتتاح النقاش كان من جانب ساترفيلد الذي ركّز
بدرجة كبيرة على العراق، ولكن سعود مال أولاً الى لبنان
وقال بأن مسعى حزب الله وايران للسيطرة على بيروت كان
الخطوة الأولى في عملية ستفضي الى إسقاط حكومة السنيورة
والسيطرة الايرانية على كل لبنان. وأضاف بأن مثل هذا الانتصار،
إلى جانب الأعمال الايرانية في العراق وعلى الجبهة الفلسطينية،
سيكون كارثة بالنسبة للولايات المتحدة والمنطقة بأسرها.
وجادل سعود بأن الوضع الحالي في بيروت هو عسكري محض، وأن
الحل يجب أن يكون عسكرياً كذلك. القوات المسلّحة اللبنانية
كانت هشّة لتحمل المزيد من الضغط، فهي بحاجة الى دعم عاجل
لتأمين بيروت من هجوم حزب الله. ما هو مطلوب ـ حسب سعود
الفيصل ـ قوات عربية من الدول العربية المحاذية بأن تحتشد
في بيروت تحت غطاء الامم المتحدة وبحضور بارز من اليونيفيل
في جنوب لبنان، والتي لا تعمل أي شيء. وسيتم الطلب من
الولايات المتحدة والناتو تزويد المعدّات لهذه القوات
وكذلك الدعم اللوجستي والميداني، والغطاء البحري والجوي.
3 ـ سأل ساترفيلد عما اذا كانت هذه الفكرة تحظى بدعم
من السنيورة ودول عربية أخرى. أجاب سعود بأن السنيورة
يدعم الفكرة بقوة، ولكن الأردن ومصر وكذلك الأمين العام
للجامعة العربية عمر موسى هم فقط على معرفة بهذا المقترح،
خشية بروزه على السطح ما يؤدي الى فشله. لم تجر أية اتصالات
مع سوريا بخصوص أي تطورات في بيروت. قال سعود مضيفاً:
ما هي الفائدة؟
المعركة الأسهل للفوز
4 ـ قال سعود بأن من بين كل الجبهات الاقليمية التي
تتقدم فيها ايران، فإن المعركة في لبنان لتأمين السلام
ستكون المعركة الأسهل للفوز (أكثر من العراق أو الجبهة
الفلسطينية). قال ساترفيلد بأن الجدوى السياسية والعسكرية
للمشروع الذي عرضه سعود سيكون موضع تساؤل بدرجة كبيرة.
وعلى وجه الخصوص، إن محاولة تأسيس مهمة جديدة لليونيفيل
ستكون إشكالية جداً. وقال ساترفيلد بأن الولايات المتحدة
ستدرس بحذر أي قرار عربي في وقت لاحق. وخلص سعود بالتأكيد
على أن قوة حفظ سلام عربية/ أمم متحدة متزامنة مع دعم
جوي وبحري أميركي سينهي حزب الله للأبد في لبنان.
5 ـ السفير ساترفيلد صادق على البرقية
التوقيع: فراكر
|