الرأسمالية البشعة تجتاح المقدّسات الإسلامية
ناصر عنقاوي
لكِ الله يا مدينة الرسول، يا طَيْبَه. لكِ الله يا
مكة المكرمة. لكم الله يا جيران الحرم، ومجاوري رسوله
صلى الله عليه وسلم.
استبيحت الأماكن المقدّسة، بتراثها المدمّر الذي لم
يبق الحكام ومتطرّفوهم السلفيون سوى النزْرِ القليل منه.
واستبيحت أحياءُ مكة ودمّرت عن بَكْرَةِ أبيها بحجّة
التوسعة؛ ومثلها فعلوا بمدينة الرسول، فهجّر سكانهما،
ليبني الأمراء وحاشيتهم واللصوص الملتفون حولهم فنادق
الدرجة الأولى، تكثيراً للأموال المنهوبة، على حساب التراث
وعلى حساب الأهلين.
نحو نصف مليون مواطن من مدينة الرسول سيهجّرون قريباً
بذات الحجج الواهية، وبتعويضات تافهة، لا تعوّض فقدان
القرب من الحرمين الشريفين، ولا تكفي لتأسيس منازل جديدة.
انها جريمة.. لهذا كان هذا الهاشتاقان في تويتر: المدينة
تستصرخ، ومكة تستصرخ، من له ضمير حيّ، ومَنْ يغارُ على
تراث الإسلام من النهب ومن الأمراء الرأسماليين الجشعين.
الصحفي علي ابو حسون لامسَ مشكلتهم في مقالة؛ وزميله
الصحفي عمر المضواحي طلب استغلال فرصة زيارة المفتي للمدينة
لإيقاف تغوّل اساءات المسيئين لجيران النبي وأحبابه: فهل
تكون التجاءً من الرمضاء بالنار؟
وامحمداه! هي الصرخة الأكثر ألماً. هي صرخة ضد طمس
التاريخ وازالة الآثار وتهجير المواطنين. لم يبقَ شيء
لم يدمر من الآثار لصالح المستربحين؛ لكن هناك تحذير من
رسول الإسلام لكل الظالمين يذكرنا به هيثم طيب: لا يريدُ
احدٌ أهلَ المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص،
او ذوب الملح في الماء.
فليحذر آل سعود من غضب الله؛ وليحذر وعّاظهم من جبّار
السماء، فإنه يمهل ولا يُهملْ.
ما يجري جريمة بكل ما تحملها الكلمة من معنى. تهجير
بدون رضا وبدون مبرر منطقي. ياللهول، يقول السيد برقة،
ولا حول ولا قوة إلا بالله. انهم شرار الخلق عبدة المال
يستعلون في الأرض بحجة التوسعة. ويصرخ مغرد: أفلا من مُجيب،
ألا من يوقف الظلم ويغيث الملهوف. انها مدينة الرسول.
فهل نسيتم؟ التاريخ يدمر، بحسب اتساع رقعة الجشع، لتستبدل
المنطقة بملامح لا هوية لها. ما هو الأذى الذي حذر منه
رسول الله إن لم يكن هذا التهجير القسري؟ الصحفي الشيباني
يستصرخ الملك، ومثله فائز جمال، ولكن كيف يكون الحل بيد
من أعطى الأوامر السوداء؟ كيف يكون الحلّ بيد من أعطى
أوامر الهدم؟
قالها مغرّد متألم وهو الدكتور النعمي: نعم أيها المسؤولون
الكبار! عندكم البلاد طولاً وعرضاً اعبثوا بها كما شئتم!
ولكن جنّبوا مقدساتنا هذه المظالم. نعم سيتحول أهل المدينة
الى مهاجرين بعد أن كانوا أنصاراً؛ ١٤٨٠٠ عقار سيُنزع
من اهله، ويشرد نصف مليون مواطن. هذه لغة الأرقام. سيقف
اهل المدينة مخاصمين الطغاة أمام ملك الملوك في يوم عدل
لا ظُلم فيه. لا سلاح لدى المواطنين الفقراء جيران الله
ورسوله، سوى الدعاء في الروضة الشريفة. هدير المعدات يحيل
الدور الى ركام امام ابصار اهلها، وهم يلوذون بالواحد
القهار، وغداً يوم العرض والحساب. المغردة سكينة عادت
للتو من عزاء رب أسرة رفض مغادرة منزله بعد قطع الكهرباء
عن بيته في مكة وتوفي بسكتة قلبية.
لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيّاً لحثى
التراب في وجوه الطغاة ووعاظهم ومن معهم من اللصوص، ولتبرّأ
من مشاريع توسعتهم التي تُبنى على أنقاض منازل الضعفاء.
الأمة مشغولة بالحروب والمقدسات يفتك بها خوارج العصر
وطغاتهم.
المدينة ومكة تستصرخان الضمير، ومدينة أخرى هي بريدة
معقل الوهابية والطغيان تستصرخ رجالها الرأسماليين لشراء
عقارات مكة والمدينة قبل نزع الملكيات!
انهم يريدون تغيير الديمغرافيا والجغرافيا والتاريخ.
لكن الله لهم بالمرصاد.
|