الصـوفـيـون فـي الـحـجـاز
نشر موقع العربية على شبكة الانترنت في الرابع من مايو
مقالاً للكاتبة بلقيس دارغوث تحت عنوان (الصوفيون يخرجون
الى الضوء في السعودية)، تحدثت في عن أجواء الانفتاح الديني
الجديدة في السعودية، والتي سمحت للمدارس الفكرية المتعددة
بالانبعاث مجدداً، ومن بينها المدرسة الصوفية السائدة
في الحجاز. يتناول المقال موضوعاً يقترب من تقارير تتناول
جماعة لم تجد مساحة حرية كافية تسمح لها بممارسة شعائرها
الدينية دونما احتياطات وحذر، ولكن يبقى للمقال أهمية
خاصة كونه يعكس جانباً من الشعائر الدينية واحيائها في
منطقة الحجاز، وبخاصة إحياء المولد النبوي الشريف. وذكرت
الكاتبة في مقالها:
خيم الصمت على الحشد حين التقط شاب يجلس القرفصاء الميكروفون
وغنى من دون عزف وموسيقى، قصيدة حول النبي محمد. وبعيون
مغلقة وعمامة بيضاء وبرتقالية أنشد بحماسة هادئة: كم ابتهج
العالم وازدادت السماء نوراً... يوم ولد النبي محمد. الرجال
الذي حضروا المولد جلسوا على البسط الملونة مع هزة لطيفة
إلى الأمام والخلف، فيما وزعت علب المحارم على النساء
اللواتي كنَّ يبكين وهنَّ يشاهدن المنشد من على شاشة عرض
كبيرة في الطابق العلوي. ويشكل المولد، الذي تعود تقاليده
لقرون خلت، ركناً أساسيا بل الأكثر روحية لدى الصوفيين،
وحتى فترة قريبة كان المولد يعتبر بدعة وضلالة في السعودية
وممنوع في المملكة من قبل التيار الوهابي تحديداً.
حلقة تعبدية صوفية
إلا ان الانفتاح والتسامح الذي تشهده المملكة في الآونة
الأخيرة جعل الصوفيين يخرجون إلى الضوء لممارسة شعائرهم
وطقوسهم بحرية وبالعلن. ويرجع بعض المحللين الصوفيين التغييرات
والتطورات الحاصلة في المملكة إلى أحداث 11 ايلول عام
2001، إذ من أصل 19 مختطفا كان هناك 15 سعودياً، الأمر
الذي أدى إلى مراقبة الوهابيين، مذهب السعودية الرسمي،
من داخل وخارج البلاد، وبالتالي استفاد الصوفيون من هذا
التحول في المملكة ليجدوا لأنفسهم مكانا على الخارطة المذهبية
في المملكة.
وعن ذلك قال (المعلم الصوفي) سيد حبيب عدنان 33 عاما،
لصحيفة واشنطن بوست الأميركية: (إن هذا من حسنات 11 أيلول،
حيث لجمت بعض ممارسات الوهابيين لناحية التكفير وطرد كل
من هو خارج ملتهم... أدركت السلطات السعودية أن فرض معتقد
ديني واحد على الجميع لم يكن بالفكرة الجيدة).
عندما انتقل عدنان الى السعودية قادما من اليمن قبل
4 سنوات كانت التجمعات الصوفية سرية في أغلب الأحيان وتقام
في البساتين خارج المدينة أو في طوابق تحت الأرض وبدون
مكبرات صوت خوفاً من لفت الأنظار... وقال عدنان (لم يكن
باستطاعتي أن ألبس عمامتي أو عباءتي وإلا فكنت سأصنف كـ(صوفي)
ما كان يعتبر في حينه شيء خطير وممنوع ... حتى الكلمة
كان محظوراً لفظها... كأنك تتحدث عن المخدرات!!).
يقولو صوفيو السعودية إنهم ليسوا طائفة أو يتبعون ديناً
آخرا بل بعيشون حياة تتمحور حول مفهوم الإسلام عن الإحسان
وفق الحديث النبوي الذي يقول أن اعبد الله كأنك تراه فإن
لم تكن تراه فإنه يراك... كما يتبعون قاعدة أخرى تؤمن
بقوة بركة النبي وآله وصحبه.
وساد الفكر الصوفي سابقا في الحجاز، المنطقة الغربية
من المملكة السعودية، وحين تولى آل سعود مقاليد الحكم
سيطروا على الحجاز ومنع الوهابيون الموالد على أنها بدع،
كما حطموا أضرحة السيدة خديجة زوجة الرسول وابنته فاطمة
وأضرحة بعض الصحابة خوفاً أن تؤدي إلى شكل من أشكال (عبادة
الأصنام والإشراك بالله).
ومنح الوهابيون إدارة الشؤون الدينية في المملكة بعدما
ساعدوا آل سعود في السيطرة على مناطق متعددة لتصبح المملكة
العربية السعودية عام 1932.
واشتدت وتيرة كبت الصوفيين بالإضافة إلى آخرين بعدما
سيطر وهابيون مسلحون على مسجد مكة المكرمة عام 1979 مطالبين
بتطبيق قواعد إسلامية أكثر تشدداً في البلاد. وخشية تنامي
حركة واسعة ومنافستهم على الحكم، قمعت السلطات السعودية
في حينها محاولة الوهابيين، إلا أنها سمحت لهم بالتحكم
بزمام بعض الأمور.
وبعد ذلك بفترة قصيرة، أصدر رجال الدين فتوى كفّروا
بموجبها محمد علاوي المالكي، الزعيم الروحي للصوفيين آنذاك.
ومنع المالكي من إعطاء دروس في الجامع الكبير حيث علم
كل من أبيه وجده، كما تم استجوابه من قبل المرجعيات الدينية
ووزارة الداخلية. وبعد محاولة هجوم عليه في أحد المساجد،
صدر قرار بأن يصلي تحت حراسة مسلحة.
وفي حملة دعت إلى إيقاف الصوفيين قبل أن يتناموا، هوجمت
تجمعاتهم وألقي القبض عليهم. إلا أن الأحوال تغيرت في
السعودية عام 2003 بإيعاز من ولي العهد حينها والملك حاليا
عبد الله بن عبد العزيز، الذي ترأس سلسلة اجتماعات للاعتراف
بطوائف البلاد الأخرى والمدارس الفكرية المتعددة في المملكة،
وكان المالكي أحد ضيوف الملك.
وعندما توفي المالكي في العام الذي تلى، كان الملك
عبد الله على رأس وفد من الوزراء والأمراء لحضور الجنازة...الأمر
الذي كان بمثابة اعتراف كامل وشامل بالصوفيين. (تمت ترقيتنا
من كفار إلى جهلة يمارسون شعائر الدين بشكل خاطئ) قال
واصف القبلي، رجل أعمال 59 عاماً.
ورغم الأجواء المشاعة بالاعتراف بهم، إلا أن شكاوى
بعض الصوفيين كشفت أن الوهابيين ما زالوا يحطِّمون أضرحة
أماكنهم المقدسة ويهاجمون تجمعاتهم.
وقد أقام الصوفيون تجمعا الشهر الماضي لمناسبة ذكرى
المولد النبوي حيت احتشد أكثر من 1000 شخص. وفيما خصصت
زاوية لبيع أشرطة واقراص ممغنطة للترويج للفكر الصوفي،
تحدث عدنان بالإضافة إلى 4 آخرين إلى الحشد متسائلا عن
أسباب مهاجمة تجمعاتهم في الوقت الذي يتجمع فيه الآلاف
لحضور مباراة كرة قدم ولاء للفريق الذي يدعمون.. (أما
نحن فمضطرون دائما لتفسير ولاءنا للنبي).
محمد، طالب جامعي يتخصص في قسم الإقتصاد قال إنه وعدداً
من الشباب السعوديين لفتهم (مفهوم التركيز على رب العالمين).
وقال شاب آخر (لتكون صوفياً عليك أن تصفّي قلبك من كل
شي سوى الله)، وأضاف (الإسلام الذي تعلمناه هو جسد بلا
روح... الصوفية هي الروح.. هي ليست ديناً بديلاً وبإمكانها
أن تحتوي كل المسلمين).
وكان قبول الداعية السعودي سلمان العودة دعوة عدنان
لحضور درس الأسبوع الماضي إشارة واضحة على المصالحة مع
الصوفيين.
وقال عدنان الذي كان يجلس إلى جانب العودة (صحيح
هناك اختلاف في أساليب العبادة، إلا أن هذا دليل على أن
الناس تفكر وهذا دليل صحة، لكن علينا أن نركز على ما يجمعنا
سوية.. حب الله والنبي، علينا أن نستغل ما هو مشترك بيننا).
نبذة تاريخية
ظهرت مدرستان رئيسيتان في نشأة الصوفيين.. مدرسة يمثلها
أئمة من أهل السنة تميل الى تفضيل نصوص الترهيب والترغيب
وتحض على الزهد في الدنيا (يمثله الحسن البصري والحارث
المحاسبي رضي الله عنهم).
ومدرسة الكوفة ذو توجه فكري بجذور عرفانية. أهم أشخاصه
جابر بن حيان وأبوهاشم الصوفي وعبدك الصوفي.
تعتبر المصادر أن أول من بدأ بتأسيس التصوف ضمن مدرسة
الزهد الإسلامي هو الجنيد أبو القاسم بن محمد توفي 297
هجري الذي كانت له آراء خاصة في التوحيد و النفس, ثم ظهر
في ما بعد الحلاج.
شهدت الصوفية بعد ذللك قفزة جديدة بالتحول الجذري عند
الإمام الغزالي الذي انقلب من مدرسة المتكلمين الى المدرسة
الصوفية و كان كتابه (إحياء علوم الدين) محاولة لتأسيس
العلوم الشرعية بصياغة صوفية, تلاه إعتماد الكثير من الفقهاء
أبرزهم عبد القادر الجيلاني وأبو الحسن الشاذلي للصوفية
كطريقة للتربية الإيمانية, ويبدو أن الجيلاني وأبو الحسن
الشاذلي وتلاميذهما الذين انتشروا في كافة بقاع المشرق
والمغرب العربي عادوا بالتصوف الى الجذور الإسلامية بالتركيز
مرة أخرى على تعليم القرآن والحديث مقتدين بأشخاص مثل
الحارث المحاسبي. وينسب بعض المؤرخين لهذه المدارس الصوفية
المنتشرة دوراً كبيراً في تأسيس الجيش الذي ساند صلاح
الدين في حربه ضد الصليبيين.
أهم الطرق الصوفية
1ـ الطريقة الجعفرية وتنسب لسيدي الشيخ صالح الجعفري
الحسيني شيخ الأزهر الشريف.
2- الطريقة الأحمدية الإدريسية: طريقة سيدي أحمد بن
إدريس.
3-الطريقة الرفاعية: والتي تنسب إلى الشيخ أحمد الرفاعي.
4-الطريقة القادرية: وتنسب إلى الشبخ عبد القادر الجيلاني.
5-الطريقة الشاذلية : وتنسب إلى الشيخ ابو الحسن الشاذلي.
6-الطريقة التيجانية : وتنسب إلى أحمد التجاني
7- الطريقة العلية القادرية الكسنزانية: وتنسب الى
السادة الشيخ عبد الكريم شاه الكسنزان والشيخ عبد القادر
المهاجر والسلطان حسين الكسنزان والشيخ عبد الكريم وشيخها
الحاضر الشيخ محمد الكسنزان.
|