الوهابية تشغل المسلمين عن غزة
إغلاق مقبرة حواء، ودعوة وهابية متجددة لإزالة مولد
النبي
عبدالحميد قدس
هل هي مصادفة أن تكتشف الوهابية آثاراً اسلامية في
الحجاز لتضعها في خانة (المواقع الشركية) وتثير زوبعة
حولها، في نفس الفترة التي تتصاعد فيها الهجمات الإسرائيلية
على غزة؟
|
غار حراء: مطلوب للهدم وهابياً
|
أم هي مصادفة أخرى، أن يأتي قاضي القضاة في دولة آل
سعود، الشيخ صالح اللحيدان، ليفتينا بأن المظاهرات تلهي
عن ذكر الله، وأنها (إفساد في الأرض) وجزاء الإفساد تقطيع
الأيدي والأرجل من خلاف، والقتل والنفي من الأرض؟ ثم ليكمل
المفتي السعودي حلقة الظلام الوهابي، بتأكيده على عدم
فائدة المظاهرات، وليعضد قاضي القضاة فيما قاله؟
ترى ألمشايخ الوهابية عيوناً كعيوننا، ونفوساً كنفوسنا،
ومشاعر كمشاعرنا، بل ديناً كدين بقية المسلمين؟!
مالذي يجعل شذوذهم هذا في الرؤية وفي الفتيا مقصوداً
بغرض إثارة الشارع العربي والإسلامي المتوجه بأقصى مشاعره
تجاه غزة، ليصدموه بفتاويهم، وإثاراتهم؟!
بالأمس في حرب تموز 2006م، أفتوا بحرمة حتى الدعاء
لصالح حزب الله، فضلاً عن الدعم المادي، باعتباره كافراً
عميلاً لاسرائيل، وفجّروا الطوفان الطائفي الحاقد في الأمة،
فيما كانت اسرائيل تدكّ مدن وقرى لبنان على رؤوس الأبرياء.
وفيما كان العرب والمسلمون يستجمعون النصرة قدر امكانهم
في مظاهرات وكتابات ودعاء، وهو أضعف الإيمان.. كانت أنظمة
السوء السعودية والمصرية والأردنية تروج لحكاية (المغامرة)
التي قام بها حزب الله وتلقي عليه باللوم، وتلتقي بالقادة
الإسرائيليين طالبين مواصلة الهجمات كما كان يفعل بندر
بن سلطان.
واليوم يثيرون نفس القضايا، ولكن ضد حماس (السنيّة)،
وهي تواجه الآلة الحربية الصهيونية بأشلاء الأطفال، والنساء.
فما تقوم به حماس من دفاع عن ارضها وأهلها، هو لصالح ايران،
في محاولة لاستثارة النزعة الطائفية مجدداً، متجاهلين
الشهداء والدماء والبطون الغرثى، والأجساد الموزعة بقنابل
الصهاينة.
وكما خدمت الوهابية المنهج الرسمي السياسي السعودي
بفتاواها ضد حزب الله في وقت حرج تواجه فيه الأمة بمشاعرها
وسواعدها الصهاينة.. ها هي الوهابية نفسها تخدم المنهج
السياسي السعودي/ المتواطئ مع الصهاينة، فتثير قصة المظاهرات
تعضيداً لآل سعود في الداخل، وكسراً لمن يريد التظاهر
من الشعب السعودي، وتنديداً بمن تظاهر ونصر الفلسطينيين
في الخارج.
|
احمد القاسم الغامدي |
وزيادة على الجراح، تأتي سكاكين الوهابية، فتعلن ـ
فيما الجميع مشغولاً بغزة وما يجري فيها ـ أنها تريد تدمير
أماكن أثرية إسلامية، هي بعض بقايا الآثار العظيمة التي
دمرتها معاول التوحش الوهابي، محاولة الهاء الناس عن غزة،
او اقتناصاً لفرصة توجه الرأي العام العربي والإسلامي
والمحلي لغزة، كيما يقوموا هم بعمليات التدمير التي لا
يجيدون غيرها، بأقل قدر من الضجة والإعتراض. والحجة كما
في الماضي، هي ان تلك الآثار تنطوي على أعمال شركية، وتحفز
على ممارسة الشرك!
فقد دعت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة
المكرمة، أمانة العاصمة المقدسة إلى إغلاق نحو 14 موقعا
تاريخيا في مكة، بحجة (الحد من الممارسات الشركية) التي
يقوم بها المواطنون وبقية المسلمين!
وقال الشيخ أحمد القاسم رئيس فرع الهيئة في مكة المكرمة
بالنيابة: (طالبنا الأمانة بإغلاق هذه المواقع وإزالة
المعالم التي تغري العامة بزيارتها، أسوة بإزالة شجرة
البيعة في عهد عمر رضي الله عنه، بهدف الحد من الممارسات
الشركية التي يقوم بها بعض الزوار).
وأضاف: (أما المواقع التي لا يمكن إزالتها ـ مثل غار
حراء ـ فيمنع دخولها وتوضع حواجز وأسوار للحد من ممارسة
مثل هذه البدع والشركيات داخلها، حيث يحرص بعض المعتمرين
على زيارتها وممارسة طقوس بدعية تحت مظلة الجهل).
وقال القاسم بأن: (الحل الأمثل أن تقوم الأمانة بإغلاقها
والاكتفاء بتعريفهم عليها عن طريق المنشورات والبرامج
التلفزيونية التي تنتج تحت رقابة الشؤون الإسلامية لتقدم
لهم بطريقة وتصور صحيح خاليا من البدع والخرافات، وفرض
العقوبات على المساهمين في نشر هذه الخرافات ومنع السيارات
التي تقلهم من دخول هذه الموقع).
ليس هناك من شيء تعلق عليه الوهابية وهي ترى تآمر آل
سعود على فلسطين وأهلها.. فهذا لا يعنيها، كما لا يعنيها
تحالف آل سعود بآل سعود. لا يعنيها الجياع والمرضى والشهداء،
ولم يتحدث شيوخ الوهابية طيلة السنوات الثلاث ولو بكلمة
تدعم أهل غزة المحاصرة من قبل سياسات آل سعود ومبارك وملك
الأردن.
والآن في ظل الحرب، لا شيء يغري الوهابية بالتعليق،
ولا مشايخهم بالفتوى، ولم تثرهم الدماء بقدر ما أثارتهم
المظاهرات في كل الدنيا، شارك فيها ملايين البشر من كل
الأديان والطوائف، فجاؤوا ليفتوا للجميع بأن ما يقومون
به (إفساد في الأرض).. ألا إن آل سعود ومشايخهم هم المفسدون
حقاً، وهم الظالمون حقاً، وهم المتآمرون على هذه الأمة،
وهم من يسعى لتمزيقها وتفتيتها وإضعافها مقابل أعدائها.
استثارت فتوى الشيخ الوهابي بتدمير الآثار وإغلاقها
إن لم يكن بالإمكان تدميرها، المواطنين، خاصة من سكان
المدينتين المقدستين. فالوهابية لا تمثل إلا أقليّة من
السكان، ومعظم المنتمين اليها يقبعون في صحراء نجد، ويحكمون
البقية من خلال سيطرتهم التامة على مقدرات الدولة، رغم
أن عددهم لا يتجاوز ربع السكان.
انهالت، حسب صحيفة الوطن السعودية، الإتصالات عليها
منددة بما قاله الشيخ الوهابي أحمد القاسم، رئيس الهيئة
في مكة والمستقدم من خارج الحجاز، كما انهالت على دعوة
ذلك الشيخ الإتصالات والإحتجاجات، فأبدى بعض التراجع،
ونشرت له صحيفة الوطن في 9/1/2009 تصريحاً يقول فيه بأن
تصريحاته بشأن إزالة وإغلاق وتسييج مقابر تاريخية ومواقع
وآثار مرتبطة بالسيرة النبوية إنما كانت تعبر عن رأيه
الخاص وليس عن موقف رسمي للهيئة. وكأن هذه الأخيرة تحتاج
الى تزكية، وهي التي تتمتع بصفحة سوداء يراها كل مسلم
يحج ويعتمر، فلا يرى الا الوجوه الكالحة، والأصوات النافرة،
والتكفير واتهام المسلمين بالشرك، والمساهمة في كثير من
التعديات على الحجاج والمعتمرين اعتقالاً وتعذيباً في
بعض الأحيان. الهيئة لا تحتاج الى من يدافع عنها، فصفحتها
السوداء طويلة، وفضائحها ومخازيها ليست بالقليلة، وبينها
القتل والتهديد به، والإعتداء على كرامات الناس، وغض النظر
ـ وهذا هو المهم ـ عن أفعال السادة من آل سعود.
وقالت صحيفة الوطن في نفس التاريخ بأن تصريحات الغامدي
أثارت استياء شديداً بين علماء دين ومؤرخين وكثير من أهالي
مكة المكرمة، والذين اتصلوا بصحيفة الوطن التي نشرتها
للتعبير عن احتجاجهم على تلك التصريحات.
|
مقبرة حواء قبل هدم معالمها
الداخلية |
وبسبب ذلك أرسل الشيخ الوهابي المتطرف خطاباً رسمياً
للصحيفة، بعد ان اتصل بها هاتفياً، شارحاً موقفه، ومما
جاء في بيانه أنه بالنسبة لإزالة مقبرة المعلاة وقبر ميمونة
ومقبرة حواء ومسجد جعرانة إنما كان يرى إزالة الأسماء
التي ليس لها مستند ثابت. ولكنه اكد رأيه بضرورة إزالة
وإغلاق وتسييج مقابر تاريخية ومواقع وآثار مرتبطة بالسيرة
النبوية من باب منع ما وصفه بـ"أعمال شركية بدعية".
وزعم الشيخ القاسم بأن ما نسب له مخالف لما صرح به،
وهو غير صحيحن فكلامه كما اوضحت الصحيفة مسجل ونشرته صحف
أخرى، مثل صحيفة البلاد. لكن القاسم عاد وقال بأنه لم
يدع إلى إغلاق مقبرة المعلاة في مكة المكرمة وأمنا حواء
في جدة ومقبرة أم المؤمنين ميمونة على أطراف مكة، وإنما
دعا إلى إغلاقها في (المواسم فقط).
وأضاف: (ذكر في التصريح أنني أقول بإزالة مقبرة المعلاة
وقبر ميمونة ومقبرة حواء ومسجد الجعرانة وهذا كله ليس
صحيحاً وإنما رأيي إزالة الأسماء التي ليس لها مستند ثابت،
لئلا يظن أن من سميت بإسمه قد دفن بها منعاً لتوهم الناس
ما ليس بحقيقة مع إغلاق هذه المقابر في المواسم فقط وليس
إزالتها).
لكن الشيخ الوهابي عاد وتراجع عما تراجع عنه. إذ يبدو
أن هناك من هم أشدّ تطرفاً منه من مشايخ الوهابية، قد
أقنعوه بالثبات على الموقف التكفيري واتهام المسلمين بالشرك،
وضرورة تدمير كل ما يؤدي الى (الشرك).
ففي اليوم التالي لنشر تراجعه الجزئي، عاد ونفى في
10/10/2009م أن يكون قد تراجع عن دعوته لإزالة عدد من
الأماكن التاريخية المرتبطة بسيرة النبي عليه الصلاة والسلام،
وقال لصحيفة الوطن إنه متمسك بدعوته لتصحيح ما يراه مخالفات
شرعية، وإن تصحيحه يقتصر على عدم قوله بإزالة المقابر
وإنما إزالة المسميات الشهيرة عنها، وإن ما نشر يعبر عن
رأيه الشخصي كرجل علم وليس عن رأي الهيئة التي يعمل بها.
وتابع الشيخ القاسم الغامدي: (لم أقل إنني تراجعت)..
وأكد مجددا على إيمانه بدعوته إلى إزالة جملة من المواقع
التاريخية المرتبطة بالسيرة النبوية أو السبل المؤدية
لها والتي لم يثبت يقينا عنده أن بعض أحداث السيرة وقعت
فيها (لا أنكر أن رسول الله كان يتحنث (أي يتعبد) قبل
البعثة في غار بجبل النور، والجبل موقعه ثابت ومعروف ولكن
من يستطيع أن يثبت يقينا أن الغار الشهير الذي يصعد له
البعض هو ذلك الغار بعينه الذي كان يتحنث فيه رسول الله؟).
ودعا الشيخ الغامدي إلى إزالة الدرج المؤدي إلى غار حراء
والعلامات التي رسمت من حوله (وتوهم بعض الناس أن هذا
هو الغار بعينه).
وزاد الشيخ الوهابي أن دعا الى إزالة مواقع أثرية جديدة
غير تلك التي عرضت، ومن بينها: موقع مولد النبي الشهير
في مكة المكرمة، والذي أقيم مكانه مكتبة كحل وسط، بين
دعوات سبقت دعوة الشيخ الغامدي لإزالة الموقع الشهير،
ويرى أن تحديد الموقع (ليس ثابتا تاريخا وأرى إزالة هذا
الموقع ليستفيد من مكانه المسلمون). كما رأى إزالة الشاخص
أعلى جبل الرحمة والدرج المؤدي إليه، وكذلك الدرج المؤدي
إلى غاري حراء وثور في الجبلين الشهيرين جبل النور وثور.
بعد كل ما فعله من اساءات زعم الشيخ القاسم إنه لا
يقصد بتصريحاته هذه (الإساءة إلى أحد وإنما تصحيح بعض
المخالفات التي تقع في بلد الإسلام والتوحيد وبالقرب من
حرم الله وكعبته)!
وكان الأولى بالقاسم أن يطالب بإزالة القصر الملكي
المطل على الحرم المكي. وليس ازالة مولد النبي (الذي هو
مزال من الناحية العملية) ولا الى اغلاق الأبواب امام
المقابر والآثار الأخرى، بل الى إزالة قصور آل سعود، وتراثهم
الذي يحفظونه، مثل نظارة الملك وقلمه وما أشبه. فهل هذه
أولى من بقايا آثار الإسلام التي أتت عليه الجاهلية الوهابية
بمعولها؟
إغلاق مقبرة حواء
|
والآن جاء دور اغلاق مقبرة
حواء بالمرّة |
على مدار عقود طويلة، والوهابية ترفع شعار مكافحة الشرك،
لتبرر هدم معاولها كل تراث المسلمين في الحجاز.
الشرك لم ينته في جزيرة العرب، بل في قلب مقدسات المسلمين.
هذا ما تقوله الوهابية، التي تكتشف كل يوم معالم شركية
تهدمها وتحظر زيارتها، حتى أنها لم تبق في الأماكن المقدسة
إلا القليل مما لم تصل له يد الهدم الباغية.
ولأن مكافحة الشرك عملية دائمة ومستمرة، وهي اليافطة
التي تبرر كل أعمال الإنحراف الوهابي.. اكتشف الوهابيون
مؤخراً أن قبر حواء في جدة صار معلماً شركياً. وبناء عليه
قررت الوهابية منع زيارة المكان، لأن بعض الحجاج زاولوا
أعمالاً شركية بالمنظور الوهابي، فلا بد والحال هذه، إزالة
جذور الشرك، وهي تراث المسلمين من مساجد ومقابر وبيوت
الصحابة بل وبيت النبي نفسه.
قامت هيئة الأمر بالمعروف في 18/12/2008 بإغلاق أبواب
مقبرة (حواء) جنوب مدينة جدة أمام وفود الحجاج الذين اعتادوا
زيارتها، كأحد المعالم الدينية. وقال رئيس هيئة جدة الشيخ
علي آل حيان انه تم إبلاغ إدارة المقبرة بعدم السماح لمثل
هذه الممارسات غير الشرعية. وأضاف أن هذا الإجراء يتوافق
مع التعليمات والتوجيهات والآلية التي تعمل على الإرشاد
والتوجية والتوعية فيما قد يقع فيه بعض الحجاج من أعمال
تدخلهم في دائرة البدع والشرك. وقام عدد من الحجاج الآسيويين
الذين تجمعوا أمام بوابة المقبرة بالطرق عليها بهدف إدخالهم،
فيما تسلق آخرون الأسوار والأشجار المحيطة بالمقبرة والتقاط
الصور التذكارية ومشاهدة القبر.
وتقع مقبرة (أمنا حواء) في المنطقة الفاصلة بين حي
العمارية وحي البغدادية.. وهي أقدم مقبرة في جدة وإحدى
المقابر التي أثارت فضول الباحثين والمؤرخين. وتعد المقبرة
الآن إحدى مقابر جدة.. بل أقدمها على الاطلاق وكانت تقع
عند نهاية سور جدة القديمة وعندما أزيل السور بقيت المقبرة
على حالها فترة من الزمن حيث كانت مبنية بالحجر المنقبي
الذي بنيت به بيوت جدة القديمة وقد جرى مؤخراً تجديد سور
المقبرة وتغطيته بالرخام من الخارج وعمل مماشي داخل المقبرة
بعيداً عن القبور حتى يسير عليها الناس عند قيامهم بدفن
أحد الموتى.
وحسب المؤرخين فإن مدينة جدة اشتقت اسمها من وجود قبر
حواء أم البشر فيها. وقد ذكر الطبري في كتابه (تاريخ الطبري)
من رواية عبدالله بن عباس رضي الله عنه ان آدم عليه السلام
هبط بالهند على جبل يقال له واسم وهبطت حواء بجدة من أرض
مكة المكرمة وقد اتفقت أكثر الروايات التاريخية على ان
حواء أم البشر قد هبطت في جدة.. وان اختلفوا في تحديد
موضع قبرها.
وذكر الطبري أيضاً ان آدم عليه السلام عندما هبط في
الهند جاء في طلبها حتى اجتمعا.. فازدلفت إليه حواء مسمى
المكان (مزدلفة)، وتعارفا بعرفات فسمي المكان (عرفات)،
وهذا ما ذكره أيضاً ابن جبير ومن قبله الهمداني. وقال
ابن اسحاق: أما أهل التوارة فإنهم قالوا أهبط آدم بالهند
على جبل يقال له (واسم) وأهبطت حواء بجدة من أرض مكة المكرمة.
وذكر ابن جبير في القرن السادس الهجري خلال زيارته
إلى جدة أنه رأى بها موضعاً فيه قبة مشيّدة قديمة يذكر
انه كان منزلاً لحواء أم البشر.. كما أشار ابن بطوطة إلى
وجود القبة خلال رحلته إلى جدة في القرن السابع الهجري..
كما ذكر آثاراً تدل على قدمها.. وذكر الرحالة التركي (اوليا
جلبي) في رحلته الحجازية التي تمت عام 1082 هـ وصفه لمقبرة
أمنا حواء ما يلي:
(هناك قبة صغيرة على المكان الذي ترقد فيه أمنا حواء..
مع ان المكان رملي وسط الصحراء إلاّ أنه بسيط وغير مزين
والقبر مغطى بالحرير الأطلس الأخضر وخارج الضريح وحوله
مغطى بالحصى ناحية رأسها الشريفة وكذا ناحية قدميها).
وقد ازيلت القباب من المقبرة، باعتبارها شركاً من وجهة
النظر الوهابية.
ويوضح الأستاذ محمد يوسف طرابلسي مؤلف كتاب (جدة حكاية
مدنية) ان جميع المراجع والكتب التي استعان بها لمعرفة
تاريخ جدة وتاريخ هذا المقبرة قد أكدت جميعها على اتفاق
المؤرخين على ان حواء أهبطت بأمر الله عز وجل في جدة ولكنهم
اختلفوا حول مكان دفنها.. هل القبر الذي يحمل اسم مقبرة
أمنا حواء في جدة قد احتوى رفاتها أم لا.. ولكن هذا لا
يمكن ان ينفي قدم هذه المقبرة.. حيث وصفها عدد من المؤرخين
والرحالة في كتبهم وبعض هذه الكتب يعود للقرن التاسع الهجري.
وكان الملك عبدالعزيز قد أمر بهدم وإزالة القبر والقبة
لحواء بحجة (تصحيح معتقدات الناس وتخليصها من البدع والجهل)..
ولكن السور الخارجي المحيط بالمقبرة ظل باقياً إلى وقت
قريب، حيث تم تجديد السور ولازالت المقبرة قائمة ومستمرة
في استقبال ودفن الموتى حتى اليوم. ولازال حتى الاغلاق
الأخير يأتي عدد من الحجاج والزوار من مختلف البلاد الإسلامية
للوقوف على المكان الذي يقال ان أم البشر دفنت فيه والذي
لازال حاضراً في ذاكرة الكثيرين.
|