الحرب على جبهة (تويتر)
من يستطيع غلق الأفواه في مملكة الصمت؟!
فريد أيهم
لازالت سياسة القمع للفكر والرأي قائمة في (مملكة الحرية)!
السعودية في مقدمة دولة العالم في التشديد والرقابة
على الرأي، سياسياً كان أو اجتماعياً، ولا تقبل حتى النقد
في حدوده الدنيا.
هذا ما جعل وسائل التواصل الإجتماعي فاعلة ومؤثرة،
بل أصبحت تغذّي الرأي العام بعيداً عن الصحافة والإعلام
الرسمي، وتشكل فكره وتبلو رأيه.
وهو السبب نفسه الذي جعل تلك الوسائل تحت الضغط الشعبي،
ومثار التندر والتهكم.
بل أن معظم الكتاب وأصحاب الرأي والناشطين الحقوقيين
والسياسيين كما الأفراد العاديين، لديهم مواقع في تلك
الوسائل يطلون من خلالها على الرأي العام، الذي تعرض لصياغة
راديكالية في السنوات القليلة الماضية، لم تخدم العائلة
المالكة التي أنّت واشتكت على لسان الملك نفسه وعلى لسان
مفتي الدولة في خطب الجمعة كما على لسان وزير الداخلية
الجديد الذي أشار الى محنة آل سعود في أولى تصريحاته بعد
تعيينه وزيراً!
من لا يستطيع نشر مقال له في صحيفة، نشره في تويتر
والفيس بوك!
من يتظاهر او يعتصم تشاهده على اليوتيوب بعد فترة وجيزة،
بل يمكن مشاهدته حيّاً (على الهواء مباشرة)، كما في تظاهرات
الجمعة 7/9/2012 في القطيف، والتي شارك فيها آلاف المواطنين
منددين بآل سعود ونظامهم وسياساتهم.
من يحقق معه من الناشطين الحقوقيين والسياسيين، يبلغ
متابعيه بتطورات ما يجري عليه أولاً بأول، فما أن ينتهي
من جلسات التحقيق أو المحاكمة (كما حدث مؤخراً مع الدكتور
الحامد) حتى تجد التفاصيل أمامك!
إنه العالم الجديد، والجمهور الجديد، والفكر الجديد،
الذي لم تفد في قمعه كل وسائل السلطة، رغم اعتقال عدد
من المغردين.
ونظراً لفعالية وسائل الإتصال الإجتماعي، تغيّرت بعض
سياسات الحكم، وتراجع بعض الأقطاب عن بعض القرارات. وسوف
يزداد الضغط على النظام أكثر فأكثر، حيث المؤشر في ارتفاع.
اصبحت وسائل الإتصال الإجتماعي، وسيلة تعبير، كما هي
وسيلة فضح وكشف للنظام وسياساته، بل وايضاً وسيلة تحشيد
ضدّه وتكتيل الرأي العام بصريح القول وبأسماء في كثير
من الأحيان صريحة واضحة فاقعة، مدعومة بالصورة والفيديو
والوثائق!
جريمتي مشروعة: مقال نُشر في صحيفة الشرق السعودية
(6/9/2012)، وبسببه تمّ منع الكاتبة رهام العليط من الكتابة،
وإغلاق زاويتها (سرّي للغاية)، كما تم إيقاف نائب رئيس
التحرير عن العمل، ثم عمدت الصحيفة الى حذف المقال من
أرشيفها بعد انتشاره.
بسبب هذه القضية احتشد كتاب وصحافيون وناشطون ومواطنون
عاديون في تويتر للتعبير عن رأيهم بشأن إيقاف الكاتبة،
وتوجه النقد في أكثره الى الحكومة ممثلة في وزير الإعلام،
عبدالعزيز خوجة، الذي أعلن في حسابه بتويتر براءته من
القرار، ورماه على مسؤولي صحيفة الشرق نفسها، في حين ان
القرار ـ كما هي العادة ـ يأتي من وزارة الداخلية، التي
تأمر بفصل الكتاب وتغيّر رؤساء التحرير، وتستدعي الصحافيين
للتحقيق، وتقرص آذانهم مهددة بالمنع من الكتابة، وربما
من السفر أيضاً!
نص المقال: جريمتي مشروعة
الجريمة مشروعة رغم أنف القانون لطالما هناك قصر في
توفير الحياة الكريمة والسليمة.
ولو سألنا مواطنا مغلوباً على أمره عن أبسط تعريف (للحياة
الكريمة) ستكون الأجوبة على النحو التالي:
ـ لا أعرفها، لا أملك تلفازاً أساساً.. من هي حياة
كريمة؟!
ـ أعرف الحياة، لكن لا أعرف الكرامة.
ـ الحياة الكريمة هي الكذبة الإنسانية طوال 81 عاماً
[يقصد الكاتب عمر الحكم السعودي منذ اعلان السعودية دولة
بمسمى المملكة العربية السعودية].
يتضمن الحد الأدنى للحياة الكريمة ثلاثية ارتكازية
اذا سقط أحدها سقطت كرامة المواطن: (الأمان، الغذاء، توفير
فرصة العمل). وعندما تكون غير قادر على تحقيق الثلاثية،
فأنت (غير قابل للولاء، وغير صالح للحياة).
فانظر حولك لتستطيع تقييم حياتك، واحذر أن تخلع رقبتك،
، ولا تدرها بعيداً لكي لا تصاب بالخيبة، وانظر قريباً
هنا وهناك حيث الظلم، والتفاوت في النصيب من الثروة، والفقر
المدقع، والإضطهاد، وسلب الحريات، والحروب الأهلية والقومية،
بعد أن وفرت القيادات السلفية الصالحة الحياة الكريمة
حتى للبهائم، ولا تتحسر ايها المواطن العزيز على بني آدم
عندما تذكر مقولة الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز: (انثروا
القمح على رؤوس الجبال لكي لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين)..
بعدما جاع الطير في بلاد الخير، وجاع البشر، وعمّ الضجر،
وسُرق الحجر، وسوّر البر والبحر..!!
أخي العزيز: لكي تعيش حياتك كما تريد، لا بد أن تتعلم
كيف تحصل على حقوقك، وأن تلمّ بثقافة الحقوق قبل ذلك،
وأن تكون على بيّنة بما لك وبما عليك، وتلم بالأحكام والدستور.
الحرب على جبهة تويتر!
انتهى خبر مقالة رهام الى تويتر، وكتبت رهام في حسابها
لقرائها متندرة وساخطة التالي:
- عذرا وعن إذنكم سأذهب لأمارس حياتي كأنثى، وأروح أطبخ
وأكمل واجباتي الجامعية واستمتع بالقيلولة!
- أنا أحمل همّ الكتابة، وهم يحملون وزر النشر! أعيدوا
نائب رئيس التحرير! أعيدوا الزملاء. لم ينتبه السيد الرقيب
أن القلم أحدّ من المقص.
- أعيدوا نائب رئيس التحرير، أعيدوا الزملاء. الكلمات
ليست ثورة عربية، ولا مظاهرة! لم أكن أرغب بإيقاف أحد،
ولكن كما أوقفتهم مشاغبة قلمي، آمل أن تعيدهم.
- المقالة لم تكن الا مشاركة في الحفاظ على أمن الوطن
الاقتصادي والاجتماعي، وقد يستغلها من في قلبه مرض. وما
آثار حفيظتي هو إيقافهم لي عن الكتابة. خطاب الى الجهلة:
الحياة مجموعة أفكار تتوافق وتتعارض. مصلحة الوطن هي الهدف.
جريمتي مشروعة!
- هل حشرتم المذاهب أيضاً مع العقول والأقلام! عجباً
كيف تفكرون وتكفرون! هيروئينهم الطائفية يتخبط بها الأشهب
والأملح. اقصوا المذاهب عن الفكر والصحافة!
- الكتابة تمرض ولا تموت.. سنظل نكتب المقال ولكن أين؟
لا نعلم! صفحات الأحلام محجوبة! المنتقدون (للوضع القائم)
وحدهم المحبّون، ما عدا ذلك في الهامش. متى تتعلمون أن
النقد يرتقي بالأمم ويعلو بالهمم؟!
- هناك من يعيش بكرامه دون حياة كريمة، لكني أنادي بكلا
الإثنين كحق. الحياة الكريمة او الموت الشريف. القيود
شارفت أن تخنق رقابنا. (الحياة الكريمة) أو (الموت الشريف)
تعرقل حريتي وحرية قلمي.
- هذه المرّة حُجب مقالي، وأوقفت من الكتابة في الجريدة.
أخشى المره الثانية أتوقف بكبري في (سجن) الحاير!
تنديد الكتاب والصحافيين والمغردين
عبدالله العلويط (كاتب في صحيفة الوطن): من أوقف الكاتبة
رهام العليط ينطبق عليه المثل: اللي على راسه بطحا يحسس
عليها، لم تذكر (رهام) إسم شخص أو دولة، فلماذا المنع؟
هنيئا لنا هذه الحرية.
عادل العامر (مهندس): في نفس اليوم الذي أُوقفت فيه
رهام العليط لمقالها، تم تعيين عمار بوقس (من ذوي الإحتياجات
الخاصة) معيداً في جامعة دبي، بعد طرده من جامعة سعودية.
شكراً وطني، فماذا خبأت لجيل الغد؟!
د. محمد الحضيف (ناشط): يظنون رهام العليط تغرد وحدها..
(أنقذوا) السفينة، لا (تخنقوا) الصريخ المنادي. بوركت
رهام.
تركي العبدالله (صحافي): معالي الوزير أتذكر تصريحك
أنه لن يقال في عهدك رئيس تحرير، وحتى الآن أقيل رئيس
تحرير الوطن، ونائب رئيس تحرير الشرق هل من تفسير؟
سارة العيسى (مغرّدة): سبب تخلف اي أُمة هو انعدام
حرية الرأي والتعبير! كيف للانسان ان يُبدع وهو لا يستطيع
ان يقول ما يدور في داخله.
محمد خالد النزهة (ماجستير قانون): بعد مقال الاخت
رهام العليط وما صاحبه من احداث، لم يصبح للصحف فائدة
سوى مسح النوافذ والزجاج.
معاذ بن خالد المسلم (مذيع): أصحاب النفوس الدنيئة
يا رهام لا يعرفون إلا مصالحهم. ومن أوقفك أو منعك من
الكتابة هم في الصورة (المسؤول، البطانة، المواطن الغلبان).
خالد الناصر (مدون وكاتب في جريدة اليوم): مقال رهام
العليط: الحقيقة بلا لفّ ولا دوران.
رغد آل ثاني: حجب المقال دليل على نجاحه يا صديقتي.
قلمك مؤثر. استمري في مقالاتك الرائعة، وسبل النشر كثيرة.
وليد أبو الخير (ناشط حقوقي): المقال البديع لرهام
العليط يقول الكثير مما في نفوسينا ويثير الكثير مما في
نفوسهم، فنتجت عنه جلبة بدأت بإقالة.
ابراهيم الجهني (مغرد): جريمتي مشروعة: لك الحق أن
تعيش فقيراُ في بلد ثري، لكن لا تتحدث عن الفقر فتزعج
الأثرياء.. مفارقة لا أفهمها!
البروفيسور ابراهيم صالح المعتاز (استاذ جامعي): تم
حذف مقال رهام العليط من موقع الجريدة، وأغفلوا حقيقة
ان المنع هو احد اسرع وسائل الانتشار! صورة المقال منتشرة
ورسالتها وصلت.
بندر النقيثان (محامي): ما رأيكم بهذا الهاشتاق (#إختيارات_الرقيب)
للكتب والمقالات الممنوعة المختارة من الرقيب؟ وذلك على
غرار قائمة جريدة النيويورك تايمز! أنا بصراحة مؤيد للرقابة
لأنها تلفت إنتباهنا لكتب ومقالات جيدة.
ماجد المنيف (صحافي في الوطن): بمناسبة مقال جريمتي
مشروعة لرهام العليط، فقد قال خوجه سابقا: لن أوقف أي
كاتب ولن أقيل أي رئيس تحرير، والنقد الصادق لا سقف له،
وصاحبه يكافأ!
هند الشريف (مغردة): رهام تكتب بحروف تنضح بعبيرالحرية
ثم تتوجها بالزبدة: اما الحياة الكريمة اوالموت الشريف.
مقولة ستبقى طويلاً في ذاكرتنا.
ليلى المطوع (روائية/ البحرين): قيمة الكلمة تقاس بصوتِ
وقوعها والى اي حد وصل هذا الصوت. سأقولها مرة اخرى: في
هذا الزمن يتم قطع يد المثقف بدلا من قطع يد السارق؛ لان
المثقف هو من سيكتب ولن يصمت.
د. محمد الشبلان: الرقيب عايش وهم التسعينات، ولم يدرك
المتغيرات من حوله.
سلمان عبدالباري (طبيب): هنا تمارس بحقنا سياسة اطفاء
الحرائق. لقد اتسع الخرق، ولا منجي غير الإصلاح الجذري.
عادل الهذلول (كاتب رأي): إقالة ابراهيم الأفندي نائب
رئيس تحرير الشرق يعتبر آخر مسمار في نعش حرية الصحافة
في وطني. بعد هذا أرجو ألا نكذب ونتغنى بالحرية.
بدر الشمري: (طبيب واستاذ جامعي مساعد): لا جديد، الإعلام
الحر أكبر كذبة لدينا، أصلاً إذا كان لدينا إعلام.. فإعلامنا
إما كاذب أو مستورد.
نايف الرخيص (مهندس): سياسة تكميم الأفواه وكسر أقلام
الصادقين ما هي الاّ تلك الشرارة التي أشعلت نيران الربيع.
إيمان النفجان (بلوغر): هل الدكتور خالد الماجد ما
زال في السجن بعدما قبض عليه وأدين بعد كتابة مقال (ماذا
لو قال السعوديون الشعب يريد إسقاط النظام)؟
مغردون آخرون:
ـ أتفهم الآن لم كثر استخدام الصحف الورقية كسفرة للطعام!
ـ ممارسة الرقابة على وسائل الإعلام التقليدية في عصر
الإنترنت و تويتر (عقيمة). يبدو أن السيد الرقيب ما سمع
بـ (الشق أكبر من الرقعة).
ـ لم اعرف رهام العليط قبل ان يخط قلمها جريمتي مشروعة
التي ارعبت كل فاسد.
ـ جريمتي مشروعة لسان حال الجميع. مازال الإنترنت
بعبعاً.
ـ عندما تُغيّب حقوقي المشروعة فإن (جريمتي مشروعة).
اعتقد ان هذا ملخص مقال رهام.
ـ رهام العليط اوجعتهم ولمست موضع الألم.
ـ يا للمفارقة: السقف يزداد كل يوم انخفاضا رغم أننا
في زمن انعدام الأسقف (زمن الانترنت الذي لا يختفي فيه
أي شيء).
ـ الاعتراف بالخطأ هو السبيل لمعالجته، أما قمعه فهو
السبيل لانتشاره.
ـ نهاية الكاتب وبدايته تحددها تعامله مع الطريق المسدود،
فإما أن يقف عنده أو يكسره.
ـ لو كان الإيقاف عن الكتابة في الكويت أو الإمارات
لدهشت، كون الأولى تحتل المرتبة ٦٣ والثانية ٦٥ في حرية
التعبير، بينما السعودية ١٤٨ من اصل 169 دولة!
ـ قلم نظيف يدار بعقل نيّر. أكيد ستحارب وتحجب مقالاتها.
هذا بحد ذاته وسام شرف لها. تحية من الأعماق لها، وتباً
للأبواق وأقلام العهر!
ـ حرية الصحافة من ركائز الديمقراطية والتقدم والازدهار.
والصحافة فاضحة للفساد والمفسدين ولا يحاربها إلا من عشعش
الفساد في رأسه.
ـ رهام العليط كتبت بجرأة. لم تعر الخطوط الحمراء
المرسومة لها أي اعتبار. تحدثت بمصداقية وشفافية وتوعوية
فكان جزاؤها الإقالة!
ـ يحق لنا تغير الوضع. يحق لنا سحب الكراسي من تحتهم.
يحق لنا الحرية والحياة الكريمة!
ـ ما طائل و جدوى التقييد في الصحافة، والإنترنت مشرع
الأبواب؟!
ـ ألا تتعظون من الأنظمة التي سبقتكم في تكميم الأفواه
ولم تجن إلا التخلف؟ إن الصحافة هي السلطة الرابعة وهي
الناطقة باسم الشعوب.
|