مواجهات تويترية مع إعلام النظام وطائفيتة
هاشم عبد الستار
# الشيعة إخواننا
قال عنها رسول الله (ص) بأنها أرض فتنة كما في حديث
البخاري، خرج منها المرتدون، ومدعو النبوة سِجَاحْ ومُسيلمة
الكذاب، والخوارج، وفي القرون الأخيرة المكفراتية الذين
يقتلون باسم الله ويذبحون ويبقرون البطون. منها الفتنة
وإليها تعود، وأكثر فتنها هذه الأيام، الحرب الطائفية،
والقتل على الهوية، ونشر المفخخات في أصقاع الأرض القريبة
والبعيدة، بحيث لم تخل ارض من فتنتهم.
في بلد كهذا يدفع به رؤوسه نحو الفتنة الطائفية، ويمولونها،
ويعضدونها بالفتاوى والبشر، كيف يمكن أن تنطلق دعوة لوحدة
أمّة؟ كيف يمكن وقف هذا العبث بالدماء من قبل الضحايا؟
ومن يجرؤ على أن يدعو لذلك؟
كانت دعوة الدكتور محمد الحربي للمشاركة في هاشتاق
مضاد للفتنة والقتل والتمزيق تحت عنوان: الشيعة إخواننا،
عملاً جريئاً ولافتاً بين جمهور عصبوي تقوده العواطف والغرائز
وتُسخّر لخدمة أرباب السياسة. أطنانٌ من الشتائم ودعوات
القتل لمواطنين يختلفون في المذهب، فيردّ عليهم مواطنون
سنّة حازوا أعلى إعادة للتغريدات. هذا بعضها:
المغرد فوّاز نقل عن جمال الدين الأفغاني قوله: (ملعون
بكل الأديان من يهدر حق الإنسان، ولو صلّى وزكّى وعاش
العمر مع القرآن). اما الدكتورة لينا الشريف فلها أكثر
من تغريدة، فهي في البداية تدعونا لملاحظة الفرق بين من
يدعو لتحريم النيل من الرموز السنيّة، والذي يقول (لا
تقولوا إخواننا السنة بل قولوا أنفسنا) وبين من يدعو لاستئصالهم
في داخل الوطن نفسه في المناهج الدراسية وعلى المنابر
الدينية؛ ثم تؤكد بأن المتطرفين الوهابيين القاعديين لم
يقتلوا الشيعة ويكفروهم فقط بل فعلوا بنظرائهم ووصل إرهابهم
للغرب.
السعودي الغاضب يخاطب مشايخ الفتنة ويحددهم بمعرفاتهم
في تويتر: (طبعاً انتم ماخذين وضعيّة الميّت، ما تشاركون
في مثل هذه الهاشتاقات) أي أنكم لستم إلا دعاة فتنة وقتل
وليس وحدة وأخوة ومواطنة.
لكن لا تشتعل الفتنة بالضرورة إلا إذا كان هناك طرفان
متصادمان يغذيانها. لا يوجد شيء من هذا في الحالة السعودية،
وإنما هناك طرف واحد يمتلك أدوات الدولة ويشن حملات التكفير
على غيره سواء كانوا اسماعيلية او صوفية من الحجاز أو
شيعة في الشرق، او حتى ليبراليين أو اخوان مسلمين او غيرهم.
وحرب هؤلاء مصدرها نجد وسط الجزيرة العربية، وأدواتها
مشايخ السلطة، وخريجو معاهدها، وأما الفكر فهو السلفي
بنسخته (الوهابية)، ومساحة المعركة تمتد على كامل الكرة
الأرضية بنظرهم.
نورة العتيبي لاحظت ان المواطنين الشيعة وغيرهم لا
يردون على المهاترات: (لو رد الشيعة على كل ما يوجه لهم
من تهم وتخوين وقذف بنفس المستوى لاشتعل البلد عن بكرة
أبيه، لكنهم لم يفعلوا. شكراً لهم جميعاً). واضافت موجهة
كلامها لمواطنيها الشيعة: (أنتم من أعطيتمونا دروساً في
النضال، أنتم أحببتم الوطن، وسبقتمونا لإصلاحه، ونحن نمدّ
أيدينا لأيديكم، لنتعاون من اجل وطن أفضل، وطن للجميع).
وإزاء المهاترات الحكومية ومباحثها التي تروج لنظرية
تخوين ملايين من مواطنيها يخالفونها في السياسة، قالت
ريم: (إخواننا في الدين والوطن والإنسانية، لنا ما لهم
وعلينا ما عليهم، وليس من اللائق المزايدة على وطنيتهم)؛
ووجهت كلامها للمكفراتية: (الدين ليس ملكك لتكفرهم، والوطن
ليس ملكك ليكون لأبناء مذهبك فقط).
صاحب الهاشتاق محمد الحربي قال: (من تجرّأ على أخي
الشيعي كمن يتجرأ عليّ شخصياً. هو مواطن مثلي مثله). وتؤكد
إيمان آل سويدان: (لا تهمني طائفتك ولا عقيدتك ولا لونك
ولا عرقك، ما يهمّني تعاملك معي).
لكن مثل هذه الأصوات تكاد تضيع أمام افتعال الحروب
الطائفية نصرة لنظام سياسي يتمترس بها ويشق المجتمع حتى
يحتفظ بكامل كعكة السلطة. لذا يبدو صوت سارة، صوت الحق،
على أهميته ضعيف التأثير: (أتمنى من الحكومة السعودية
سنّ قانون صارم على من يحرض على الفتن، ويجب احترام المذاهب
والأديان بالسعودية).
ترى كيف يغلي بلد بطائفية غير مسبوقة في التاريخ حتى،
وحكامه يزعمون حوار الأديان ويعيّنون حاخاماً رئيساً لمركز
حوارهم؟ إنها لعبة السياسة القذرة.
# ماذا تقول لصحف بلادك؟
وسمٌ يوضح رأي المواطنين فيما يسمى بالسلطة الرابعة،
في حين أن السعودية لا يوجد بها سوى سلطة واحدة، هي سلطة
الملك وعائلته. فهم على رأس السلطة التنفيذية؛ والسلطة
التنفيذية هي السلطة التشريعية، حتى بعد تأسيس مجلس شورى
معيّن لا حول له ولا قوّة؛ وأما السلطة القضائية فيديرها
وزير الداخلية، وأكثرالقضاة في (جيب الأمراء)!
يمكن القول ان السلطة الرابعة هي أيضاً بيد العائلة
المالكة، فهمّ من أكبر ملاّكها، صحافة وتلفزيون. لم يتركوا
للشعب حتى وسائل التواصل الإجتماعي، فعمدوا الى حجبها
ومراقبتها ومعاقبة من يستخدمها في غير ما يرضي العائلة
المالكة. وأضحى أكثر الصحافيين على (البي رول ؛Pay Roll)
التابع للداخلية، ومن يشذّ عن القطيع يعاقب بالمنع من
الكتابة كما هو معروف. مجرد تلفون من الأمراء يلغي وظيفة
المواطن ويخرسه. لكن كان هذا في الماضي. اليوم هناك ألسنٌ
كثيرة، والكتاب كثر، ولكن على صفحات الإنترنت، التي كشفت
هزال الصحافة المحلية وأصبح سوقها بائراً! حتى الصحافيين
المحليين ينشرون في مواقع التواصل الاجتماعي ما لا يمكنهم
نشره في الصحف التي يعملون بها.
في موضوع ماذا تقول لصحف بلادك، كانت تغريدة الدكتور
الشيخ حمد العتيق هي الأكثر رواجاً، وهي من ثلاث كلمات:
(يستحب الإستجمار بها). أي أنه يمكن استخدامها كورق تواليت،
تماماً مثلما فعل الفيتناميون بمنشورات الجيش الأميركي
التي تتساقط عليهم أثناء الحرب. بالطبع هناك من يستخدمها
كسُفَرٍ للطعام، أو توضع تحت (البيالات) اي اكواب الشاي
الصغيرة، شرط ان يصّغر حجم الصفحات! فلتكن خِرْقَةً او
منشفةً او سفرةً، ولكنها لن تكون صحفاً. ولا نختلف بأنها
عند الفقراء مفيدة لتجفيف البطاطس المقلي.
الصحف السعودية مجرد نسخة مكررة لا تمييز بينها. وهي
تشترك في الكذب (اي التشليخ بالتعبير العامي) لذا يقترح
السيد الشاخوري بأن تقسّط الصحافة الكذب ولا تأتي به دفعة
واحدة كقولها ان السعودية (تنشر الحب والسلام والديمقراطية)!
مهمة الصحافة الشريفة حسب صبا الحمد ان تنقل ما يريده
الشعب الى المسؤول أي ان تتحدث بلسان المواطن لا الحكومة.
اما الصحافة غير الشريفة فلا زالت تطبع الأكاذيب على الورق
في زمن اصبح الخبر الالكتروني الصادق متاحاً. وتنصح عذبة
أصحاب الصحف: (واصلوا النوم والسبات العميق. كنتم نائمين
قبل تويتر، والآن انتم في وضعية الميت).
# تحذير المعلمين من الخوض في السياسة
(الشيوخ أبخص) بالسياسة وبالدين وبالحياة، ومعنى ذلك
أنه مطلوب منك أيها الرعيّة الصمت، وإلاّ.. فإذا تحدّث
الشيوخ، صمت الجمهور. كانت هذه هي الحالة، وتطور الأمر
حتى أصبح الحديث في السياسة أمراً مخالفاً لدين الأسياد؛
وتدخلاً للمرء فيما لا يعنيه، وإذا ما تدخل وتحدث في شؤونها
كانت للحيطان آذان تسمع، يتلوها صلاة السجانين والجلادين
على أجساد المعتقلين.
السياسة شأن عام، يصعب تخصيصه في فئة او عائلة او حزب.
السياسة دخلت كل شأن، وأثرت في كل قضية.. ولكن هناك من
يعتقد بضرورة إعادة الناس الى الوراء، فلا حديث في السياسة
لا في مسجد ولا في حج ولا في جامعة ولا مدرسة ولا محفل
إلا إذا كان المتحدث من أولي الأمر، وإلا إذا كان الحديث
في خدمتهم.
اليوم السياسة تقتحم الأبواب، بل حتى المدارس، ويأتي
وزير التعليم ليحذر في بدء العام الدراسي المعلمين من
الخوض فيها منذراً مهدداً، ولكن ماذا عن الطلبة الذين
لا يصمتون ويحرجون المعلم الذي يخشاها اكثر منهم؟!
هاشتاق: التربية تحذر المعلمين من الخوض في الأمور
السياسية كان مهماً من هذه الزاوية، حيث القلق الرسمي
من انتشار الوعي، وتداول مواقف تخالف رأي العائلة المالكة
سواء في الشأن الداخلي او الخارجي.
وحيد الغامدي تساءل لماذا لم تحذر الوزارة من الطائفية
والتكفير والتبديع؟ ولاحظ مغرد ان المفتي وخطيب الحرم
السديس يحذرون ائمة المساجد من التدخل في السياسة اللهم
إلا مدح ولاة الأمر والثناء على منجزاتهم. ورأى ان ذلك
تلاعب بالدين. لكن عامر التومي اراد إرعاب ولاة الأمر!
فقال ساخراً: (أبشركم أننا شكلنا أحزاباً داخل المدرسة،
وعلى وشك كتابة دستور وعمل انتخابات). وفهم المغرد سلطان
من تحذير وزارة التربية والتعليم بأن الغرض هو: جعل التعاطي
السياسي محصوراً في فئة معينة، وزرع العبودية في الأجيال
الجديدة. وذات الأمر فهمه بندر القحطاني الذي رفض أن يكون
شغل السياسة حكراً على الأمراء، الذين يريدون التستر عن
الفضائح.
# شهيد الغِيْرَهْ أحمد مصلاب
في كل يوم هناك عرس جديد في القطيف، حيث تقتحم القوات
الخاصة بلدة العوامية للبحث عن مطلوبين كل جرمهم هو التظاهر
ضد النظام، والنتيجة سقوط الشهداء من المطلوبين وغير المطلوبين
امنياً، فضلاً عن جرحى الرصاص والمعتقلين. هذا هو الحال
منذ أشهر عديدة، فلا يكاد المواطنون يودّعون شهيداً إلا
ويبدأ زفاف شهيد آخر. إنه إرهاب الدولة التي لا يحاسبها
أحد، ولكنه إرهاب يرتدّ عليها في النهاية. ذلك أن استسهال
ارواح المواطنين وممتلكاتهم لا يمكن إلاّ أن يقصّر في
عمر النظام. تلك سنّة الله في خلقه ولكن الطغاة لا يفقهون.
آخر من ودّعتهم العوامية، الشهيد أحمد مصلاب (١٩ عاماً).
لم يكن الا ضحية احد اقتحامات النظام بقواه العسكرية،
فهو لم يكن مطلوباً ولا مداناً. كل جرمه أنه ابن أرضٍ
ترفض الإنصياع لحكم الطغاة. والى جانب الشهيد كان هناك
١٥ جريحاً بالرصاص أيضاً، بعضهم في حال الخطر.
هاشتاق شهيد الغِيْرَهْ أحمد مصلاب، حوى بعض نَفَثَات
الأسى والألم لأبناء هذه المنطقة التي تمّ إفقارها وقمعها
رغم انها تنتج معظم ثروة مملكة آل سعود. علي آل زايد يقول:
(ما ظننتُ أن صورتك وأنت تمسك صحن الشموع في ليلة الزفاف
أن يرسمها محبوك في ألبوم صور ليلة التشييع). مغرد آخر
يعتذر لفظاعة صور ما رسمه الرصاص على جسد الشهيد، ويقول:
أطلقْ رصاصَكَ حيثما شئتَ من جسديْ/ أموتُ أنا اليومَ
ويحيا غداً بلدي!
ويعلق الناشط حسين اليوسف: لقد اعتدنا أن نرى تشويهاً
لأجساد الشهداء إما سحلاً او بأعقاب السجائر أو في البالوعات،
أما المصلاب فتكفلت الرصاص بتشويهه. لاما القطيفي رأت
بأن رجال النظام يخلقون شعباً يكرههم. هناك اجيال وأجيال
نادت بالقصاص منهم، فللأرض دمٌ يغلي، وذاكرةٌ لا تَنْسى.
أما الناشط الحقوقي أحمد الربح، فربط بين الإيغال في الدم،
وقرب رحيل النظام. (إيغالهم في دمائنا يعني رحيلهم عن
ترابنا. عشرات الآلاف في عرس الشهيد أحمد المصلاب تهتف
برحيلهم). يقصد في التظاهرة التي اعقبت أستشهاده.
في كل حارة من العوامية هناك منزل فيه معتقل أو شهيد،
يقول مهدي الزاهر. ويسأل مستنكراً: من سَلَب الأمنَ في
العوامية؟ وضمن أي بند قانوني تسوغ السلطة اعتداءاتها
بالرصاص ضد المواطنين؟ ثم يذكّر الناس بأن هناك أبرياء
قتلوا في مطاردات سابقة للسلطة: هل تتذكرون الشهيد المناسف
والزاهري اللذين سفكت دماؤهما في الشارع حين مداهمة منزل
الشهيد خالد اللباد؟
#غرّد كأنكَ في قناة العربية
مبغضوها كثر. قالوا أنها القناة (العبرية)؛ وأن شعارها
(أن تكذب أكثر). هي بلا شك أداة سياسية للسعودية؛ وتخوض
حروب الرياض على أكثر من جبهة. أُسست لمقابلة قناة الجزيرة،
وكلتا المحطتين سقطتا وخسرتا الجمهور. العربية بنظر باغضيها
الكثر تدعم الصهاينة، ولا همّ لها إلا محاربة حماس وحزب
الله. وهي تشعل الحرب في سوريا، وتلمّع النظام في الرياض،
ويتجمع فيها الفلول. هي بحق قناة الثورة المضادة، وهي
ايضاً بنظرهم اضافة الى شقيقاتها القناة التي تفسد الذوق
والأخلاق.
استاء منها البحريني والعراقي والسوري والفلسطيني واللبناني
والمصري والتونسي والسوداني وغيرهم. اي انها غير مرحب
بها في كل الدول التي تخاصمها السعودية العداء. هذه المرة
مشكلتها في مصر، وتحديداً مع جمهور الإخوان ومؤيديهم في
كل مكان، بما فيها السعودية نفسها. وللعلم فإن السعوديين
أكثر قسوة عليها من أي قناة أخرى، نظراً لأنها تمثل الموقف
الرسمي، ولا تمثل الضمير الشعبي.
الهاشتاق الذي وضعوه لها كان بسبب موقفها المتحيّز
ضد الإخوان، وضد أكاذيبها كما يقول المغردون. لو كان الأخيرون
يعملون فيها فماذا سيكتبون؟
مغرد كتب انه سيطيّر خبراً يقول: (القبض على أبو جهل
في ميدان رابعة متنكراً بزي أبرهة الحبشي الذي هرب مع
البلتاجي). آخر تحدث عن انتحار ٥٠٠ اخونجي أحرقوا أنفسهم
في مستشفى رابعة. ثالث وهو أحمد بن راشد بن سعيد الذي
يلاحق منذ زمن على تويتر ما أسماه (الإعلام المتصهين)
شارك بهذه التغريدة: (مؤرخون: الجدّ الرابع والثلاثون
لحسن البنا، كان في الجيش الذي قتل الحسين بن علي قبل
١٤ قرناً). وأتحفنا الدكتور المنبطح لولاة أمره بهذه التغريدة:
(عاجل: حركة تمرد ومؤيدو الانقلاب يرقصون العَرْضَةَ النجديّةَ
الآن في التحرير احتفالاً بضبط الأمن). والعربية تحصل
على صورة منجنيق استخدمه الإخوان وكان عليه توقيع أبو
لهب.
عمر القحطاني تحدث عن ظهور حيتان بأعداد كبيرة في الربع
الخالي، وأن سباقاً للهجن يقام في المحيط الأطلسي، نقلا
عن العربية طبعاً. ويختم ناصر الخاتم التعليقات من واقع
مشاكله الخاصة في الأحساء شرقي السعودي فيقول بأن الإخوان
تسببوا في انقطاع الكهرباء عن حارتنا منيفة، والناس تهجُّ
من البيوت!
|