الرأي العام في السعودية.. إتجاهات ومؤشرات
محمد فلالي
لا مكان مثل (تويتر) يمكن من خلاله قراءة الرأي العام
الشعبي في مملكة آل سعود. فقد أصبح تويتر الوسيلة الشعبية
الأولى (وهي تسبق الفيس بوك) في التعبير عن الهموم والآراء،
وفي البحث عن التحولات في الإتجاهات السياسية والفكرية
والنفسية للمواطنين. لا عجب أن تجد مثقفي البلاد وناشطيها
وحتى مسؤوليها لهم مواقعهم على خارطة هذا الوافد الجديد
في صحراء الاستبداد. المملكة من الخارج شيء مختلف، تصنعه
الدعاية الرسمية الحكومية، أما في الداخل فهناك عالم متلاطم
من الأفكار والنشاطات والإبداعات ترسم صورة أخرى لها ولشعبها
ولنظام الحكم فيها.
في كل عدد نختار بعضاً مما يشغل المواطنين ويستقطب
اهتمامهم، من خلال متابعة الهاشتاقات. وهذا بعضٌ منها.
# تهجير أهل المدينة بحجة التطوير
مكة المكرمة؛ والمدينة المنورة تتعرضان لتغيير ديمغرافي
متعمّد، يستهدف ابعاد سكانهما الأصليين عن الحرمين الشريفين،
وتحويلهما اما الى مركز استثمار يملكه أصحاب الدماء الزرقاء
من وسط البلاد، وابعاد الأهالي الى مدن أخرى، كما هو الحال
مع سكان مكة المكرمة، او جلب عناصر قبلية تستطيع النخبة
المناطقية الحاكمة الزعم بأن المدينة المنورة ليست حجازية
بالمعنى الأصلي للكلمة والإنتماء.
المخطط واضح، وحتى الآن فهو ناجح، فلم يعد أهل المدينة
المنورة إلا أقلية، وها هم أهل مكة قد هُجّروا من قلبها،
واستولى الأمراء ومنطقتهم على قلبها. ولكن كما في الحديث
الشريف: (ليتركنّ المدينةَ أهلُها خيرُ ما كانتْ، نصفينِ
رطباً وزَهْواً). وقال الراوي بأن من يخرجهم هم: أمراء
السوء. وفي حديث آخر: (مَنْ أرادَ أهل هذه البلدة بسوء
ـ يعني المدينة ـ أذابَهُ الله كما يذوبُ الملحُ في الماء).
هاشتاق (تهجير أهل المدينة بحجة التطوير) يبدو مكرراً
لهاشتاقات اخرى طرحت سابقاً بشأن مكة المكرمة، حيث تجد
نفس النقاشات والحجج، وذات المأساة. عشرات الألوف يهجرون
من منازلهم بحجة التطوير، ويدمر معها التراث المتبقي لتاريخ
الإسلام، ولا يتم منح اصحاب الأملاك حقوقهم، ثم يأتي الأمراء
واتباعهم فيحولون الجزء الأكبر من المساحة الى مشاريع
استثمارية خاصة بهم.
المغرد بدر يتساءل: (سيتم إزالة أربعة عشر ألف وثلاثمائة
عقار، فأين سيذهب سكانها؟ أليس هذا تهجير؟). ويؤكد بدر
المحياوي بأنه لم يبق شيء من التاريخ والآثار غير المساجد
المحيطة بالحرم وسقيفة بني ساعدة. إذ لم يُبقي الوهابيون
تراثاً حيّاً للمسلمين. اما المغرد الحربي فكان في قمة
العجز عن التفوّة بكلمة، فهو لا يريد أن يصدق بأنه سيغادر
منطقة الحرم، بل انه لا يقوى حتى على المشي بسبب المأساة.
وردة المدينة شككت في تغريدتها بأن عمليات التدمير
هدفها توسعة الحرم، ورأت ان ما يفعله الأمراء ما هو إلا
إحدى علامات قيام الساعة. وتتحدث سناء عن حالها: (كل شوي
يبعدون بيوتنا عن الحَرَمْ، حتى نصبح خارج الحدود، ولا
يوجد أي تعويض يعادل مجاورة الرسول، وسماع الأذان من الحَرَم).
عمر البدراني يتحدث عن تدمير احياء المدينة، التي تحمل
عبق التاريخ، ويقول بأن المنطقة المركزية الحديثة نحرت
تلك الأحياء الشعبية فلم يبق إلا حيّ الجمعة. وكتب أبو
حاتم المدينة بألم: (لا يعرف قيمة المدينة إلا أهلُها.
لسانهم يقول: نبيعُ الدنيا ونسكنُ بجوار النبي الكريم،
فهو أغلى من أي شيء لدينا). في حين يؤكد بندر الحربي بأن
سُبُلَ التطوير كثيرة، اذ يمكن تطوير المناطق الخارجية
وربطها بالقطار الى الحَرَم، فهذا أفضل من تهجير أهلها.
وترى وديعة المدني بأن طرد أهل المدينة جريمة لا يجب السكوت
عليها، بل انها دسيسة اسرائيلية. ويخاطب تاج الأهلي المغردين:
(أغلبكم غَفَلَ عن تجارة الأمراء والقُصْمان في شراء العقار
بالأحياء القريبة من الحرم). ويختم أحمد التهامي متألماً:
(مساكينَ المدينة بعدما كان المسجد النبوي مأوىً لهم،
اليوم يقال لهم: لا مُقامَ لكمْ فارجعوا).
# السعودية تفوز بمقعد في حقوق
الإنسان
قد يبدو امراً مستغرباً ذلك الإنزعاج الكبير من المغردين
السعوديين بسبب استمرار السعودية في مقعدها بمجلس حقوق
الإنسان، حيث فازت مجدداً بالعضوية في هيئة المجلس. ربما
كان السبب هو اعتقادهم بأن تلك العضوية لا تتماشى مع النقد
الحاد الذي تعرض له سجل النظام الحقوقي أثناء المراجعة
الدورية الشاملة في جنيف في اكتوبر الماضي.
وهناك سبب آخر ربما، وهو ان الرياض تقول مضللة الرأي
العام بأن سجلها الحقوقي (الأبيض) هو ما منحها العضوية
من خلال تصويت ١٤٠ دولة لها، وهو ما زعمه عبدالله المعلمي
سفير السعودية في الأمم المتحدة، وكذلك بندر العيبان رئيس
الوفد السعودي الى جنيف، الذي قال بأن انتخاب بلاده شهادة
حق تؤكد جهود بلاده في ترسيخ العدل والمساواة وحماية حقوق
الانسان.
السخرية هي طابع التغريدات عامة، اذ كيف تفوز السعودية
مع أنها أكبر منتهك لحقوق الإنسان بدون خجل او محاولة
لستر فضائح الانتهاكات؟ هل نحن بازاء احد أفلام الخيال
العلمي؟ كما كتب أحد المغردين في تويتر. أو كما سخر زميل
له بالقول: لعله مقعد بحقوق (النياق) جَمْع ناقة؛ او كما
غرّد ثالث: (لم يبق إلا أن تُسلّم إمامة الحرم للبابا
وبكذا ختمنا الدنيا). المغرد ابن عباد اخذ الأمر على شكل
نكتة حين سمع خبر العضوية السعودية من أحدهم فرد عليه:
والصومال أمس ضربت اسرائيل بالنووي. الأخ ينكّتْ!
اذن السعودية فازت ولله الحمد، ولكن السؤال: بكم؟ كما
يسخر هيثم طيب، أي كم دفعت الرياض لشغر المقعد؟ وهل ستدين
الدول التي تسجن مخالفيها الرأي؟: لا تنه عن خُلُقٍ وتأتي
مثله؟ كما يقول الدكتور عبدالله الفارس. اما فرح آل ابراهيم
فتقول بان العضوية هي ثمن للتهزئة التي تعرضت له الرياض
في جنيف لسجلها الأسود، وتضيف: (وآخرتها يراضونا بكرسي؟
نطالب برئاسة المجلس)!
بدر كريّم يرجع الإنتصار الى الى الدعاية التي عنوانها:
(مملكة الإنسانية)؛ وليلى عبدالرحمن تعلق: (وقحين ووسيعين
وجه من يومهم. بسْ أستوعب الخبر أرجع أشوف هالنكتة)؛ اما
جميل العتيبي فتساءل بسخرية مُرّة: (حقوق يعني أيش؟ إنسان
يعني أيش؟ أها.. ذاك المخلوق اللي يُسجَنْ عشان تغريدة!
قوّاكم الله). ووصلت الليبرالية فاطمة الى قمّة الإندهاش:
(السعودية تفوز بمقعد بحقوق الإنسان؟ هذي يبي لها تفجير؛
مو تكبير)! ذلك أن طاولة حقوق الإنسان تعجّ شرفاً وطهارة
يا عمّ سام، الذي يتهمه مغرد بأنه وراء امتياز المقعد
لحليفه (ووليفه) بعد أن اغتصب شعبه.
مغرد قال: كم هو مدهشٌ هذا الفوز، إنه يشبه إعلان مملكة
الإستبداد بأنها تنقذ العالم منه! او كما قال مغرد: (حال
فوز السعودية بمقعد في حقوق الإنسان، يشبه بالضبط الملحد
الذي يطوف بالحَرَم الشريف)! الدولة التي لا تعرف من حقوق
الانسان شيئاً تشبه العميان الذين أفتوا بعدم كروية الأرض
ودورانها حول الشمس، في اشارة الى الشيخ ابن باز، المفتي
السابق؛ لهذا لزم ـ كما يقول المغردون ـ بعد فوز الغارقة
في الانتهاكات: اعادة تعريف حقوق الإنسان. وإلا جاز للمغرد
ابن نهّاش ان لا يستغرب (فكل ما فعلته الرياض ان في سجونها
٣٠ الف معتقل وخمسة آلاف آخرين لا يُعلم أينهم. مسألة
بسيطة جداً، لا تحتاج الى تضخيم: لا تكبرون السالفة يا
جماعة؟)، وتوقع مغرد آخر: لا تستغربوا ان يفوز قريباً
وزير الداخلية محمد بن نايف بجائزة نوبل للسلام، فإسحاق
رابين مش أحسن منه ولاّ أيه؟
حقاً كما يقول العطوي: (من أجهض الربيع العربي بنفطه،
ومن نجا من القضاء البريطاني بفساده، لن يعجزه الفوز بمقعد).
إن سجن الحاير وشقيقه ذهبان، أي حايرتنامو وذهبانتنامو
أكبر شاهد على احترام حقوق الإنسان في هذه السعودية المباركة؛
حيث أغنى دولة وأفقر شعب. لذا لزم الطبطبة على كتف هذا
الشعب: ( الله يقوّيكم يا سعوديين على الصَدَمات التي
تجيكُمْ وحدَهْ وراء وحدَهْ).
فوز السعودية بمقعد في حقوق الإنسان مضحكٌ مبكٍ. بل
هو مهزلة: يكتب مغرد: قاضٍ يُفصل لتغريدة؛ ومثقف يُعتقل
لتغريدة، وإمرأة تلدُ محرمها، ومعتقلون بلا محاكمة. لا
عزاء لحقوق الإنسان في السعودية.
هنيئاً للنظام مقعده، فالإنسان في مملكة الإنسانية
لم يُصبح إنساناً بعدْ.
# المخالفون يعاملون بكرامة
في المثل: (حَشَفٌ وسوءْ كَيْلَهْ). لم يكتف النظام
بقتل العمال الأجانب بعد أن أهانهم واستضعفهم وأكل حقوقهم
ولم يوفر لهم أدنى حماية. ولم يكفه أنه لم يضع أنظمة تحمي
المستضعفين من النساء والرجال الذين قدموا لبلاد التوحيد
وحيث يطبق شرع الله كما يقول الحكام. ولم يكفه أيضاً وهو
للتوّ قد قتل ثلاثة من العمالة الأجنبية، ولم يأخذْ على
أيدي مواطنين انخرطوا في ضرب وتعذيب وقتل أولئك العمال.
وأيضاً لم يكفه أنه روّج لخطاب العنصرية والاستعلاء على
الآخر لعقود طويلة، بحيث اصبحت ممارسة الخطيئة تجاه الضعفاء
من العمال الأجانب (عدا ذوي البشرة البيضاء الآتين من
أوروبا وأمريكا طبعاً) عملاً مقبولاً ومستساغاً وربما
مأجوراً عليه!
بل زاد النظام على ذلك، بأن زعم فوق هذا بأنه ليس فقط
يحترم حقوق العمالة كما زعم ممثلوه لدى مجلس حقوق الإنسان
في جنيف مؤخراً، بل أنه عاملهم وهو يرحلهم كالدواب بكرامة.
هذا ما قاله امير الرياض خالد بن بندر، وزاد في مواجهة
نقد الممارسات التعسفية بأن ما يفعله النظام من ظلم هو
(حقٌّ سيادي)!
(يعاملون بكرامة)؟! هكذا إذن؟
مغرد خاطب امير الرياض: (إذا كان المواطن السعودي لا
يشعر بأي نوع من الكرامة، فهل تريد أن تقنعني بأن المقيم
المخالف للإقامة يعيش في رفاهية. خيالك خصب طال عمرك).
وسأل المغرد حمد، الأمير: (بعد أن فَقَعتَ وجوهههم، ولعنتم
أصلهم، قلتوا: نعاملهم بكرامة؟ يا حليلكم). أبو عمار أيّد
مقولة أمير الرياض: (نعم يعاملون بكرامة، والدليل ضرب
رجل أثيوبي مسنّ حتى الموت في منفوحة)، واضاف: (لن تشعر
بالظلم الذي يتعرض له المقيمون إلا إذا تمّت اهانتك لدى
موظفي جوازات ابن سعود، الأعراب العنصريين).
ومن وحي التجربة يقول مجيد انه اخذ الشغالة لتبصم لدى
الجوازات وهناك: (انا السعودي ما عاملوني بكرامة). فعلى
من يضحك الأمير، ويريد إقناع من، خاصة وأن مواطنين تعرضوا
لما تعرضت له العمالة من أوباش اعتدوا عليهم عند بيت الله
وعند قبر رسول الله حيث طعنوا بالسكاكين، وأصبح الضحايا
متآمرين!
ويرد المغرد الغامدي على الأمير: (وين الكرامة، وأين
التصحيح لمخالفات الإقامة؟ أخرجتموهم من أوكارهم وجمعتموهم
تحت الكباري، وصار اللي ما يشتري يتفرّج). أكثر من هذا،
هناك مقطع امام جثة شاب اثيوبي قتل بالرصاص، ومواطن يقول:
(كلب ومات يا رجّال، كلب ومات) وزادوا بان استخدموا السكاكين
التي هاجموا فيها الأثيوبيين وحتى الآن لم ينتقدهم مجرد
الإنتقاد احد، حتى ان اموال الضعفاء نهبت ممن لا يخاف
الله.
مغردة سمعت من ابيها عن الترويع والوحشية لما يجري
من انتهاكات ولم تصدق إلا بعد أن رأت مشاهد بعينها كما
تقول. وخالد يؤكد ويضع فيديو لسعوديين يسرقون أثيوبي بعد
قتله، ويضيف: حسبي الله عليهم!
هذه هي الكرامة! لدى فئة من المجتمع ترى انها صاحبة
الدم الأزرق، ولديها الاستعداد لأن تفعل ذلك بمواطنين
ايضاً.
يسخر مراد بأن تعريف الكرامة سعودياً يبدأ بالإهانة
وينتهي بالقتل! لكن الأمير تركي بن سعود يقول بأن التعامل
بالطيبة والعقل ديدن حكومة أسرته الرشيدة! ولا ندري أي
رُشدٍ بقى بعد هذه الأفعال المهولة في وحشيتها؟
# الشورى يلغي جلسات الشأن العام
أمر رئيس مجلس الشورى المعيّن من قبل الملك بإلغاء
جلسات النقاش للشأن العام، ولينحصر عمله على ما يُعرض
عليه من موضوعات من الجهات الحكومية سواء كانت تقارير
او اتفاقيات تحتاج الى بصمة الأعضاء. الخبر نُشر في صحيفة
الوطن فاستاء المغردون في تويتر، وتنادى الصحافيون والكتاب
والمؤلفون والناشطون للسخرية من برلمانهم العجيب. عبثاً
حاول المواطنون اقناع العائلة المالكة بضرورة انتخاب مجلس
يمثل الشعب، ولكن ها هو المجلس يقرر عدم مناقشة قضايا
الشعب اصلاً.
خلف الحربي الكاتب والصحفي علّق: (لا يلام الوزير ان
كتب أسفل التقرير: يحول الى مجلس الشورى للمراجعة)! وانتقد
توفيق السيف صمت الأعضاء الذين لا رأي لهم حتى في نظام
عمل المجلس وصار شغلهم الاستماع لرغبات رئيسه. اما سلطان
العجمي فرأى ان المجلس وأعضاءه وتوصياته لا قيمة لها ولا
يستفيد منها سوى المستبدّ.
وسخر الصحفي ابراهيم القحطاني بسؤال استنكاري للشعب:
(يعني ما اخترتم المجلس وتريدونه يناقش قضاياكم بَعَدْ).
المغرد الحجازي قال: (أظن أن أجدادنا الحُجُزْ لما قالوا:
غشيم ومُتسَلْطِنْ، كانوا يقصدون مجلس الشورى).
الناشط عقل الباهلي سخر من انتاج اعضاء المجلس من التشريعات
التي قال انها اربكت السلطات التنفيذية. فأرادوا اراحتهم
قليلاً. في حين أن الصحفية حليمة المظفر طالبت في تغريدة
ومقالة بتخفيض رواتب اعضاء مجلس الشورى عديم الفائدة.
كثيرون طالبوا بأن يُلغى هذا المجلس الشوروي العتيد،
مثل الكويليت فالمجلس مجرد خيال ومن الجيد توفير المال!
علي مكي ايضاً تساءل في تغريدة ومقالة : ماذا لو تم الغاء
مجلس الشورى؟ هل ستحسون بالفراغ؟.
بالقطع كلا..
الناشط الحقوقي وليد أبو الخير تمنى: (عقبال ما يلغي
المجلس نفسه. محسوب علينا وهو لا يمثّلنا). وأراد محسن
الشاخوري ان يهدّئ اللعب كما يقال: (اذا قام العامّة بانتخابهم،
ستكون أولوياتهم الشأن العام لضمان انتخابهم مرة اخرى).
وربما شقّ بدر الراشد ثيابه حزناً، فقال: (السعودية تسجل
أعلى نسبة جلطات بسبب مجلس الشورى. الشعب سيفقد انجازات
المجلس العظيمة)!
وقارن محمد الأسمري بين (الكرسي) و(عضو الشورى): الأول
اي الكرسي: متحرك، مفيد، جماد. وعضو المجلس: جامد، مقيّد،
مجمّد!
المغرد والصحافي خالد الوابل أتحفنا بهذا المثل: (مين
شافَكْ يللي في الظلام تغْمِزْ). يعني يا مجلس الشورى
ما حسّينا بك حيّاً قبل أن تموت! وشريفة الشملان الكاتبة
والصحفية تتساءل: (متأكدين أن اسمه مازال مجلس شورى).
فايد العليوي الصحافي علق هو الآخر: (المثير ان في
المجلس لجنة اسمها العلاقات البرلمانية. لفظ برلمان في
هذا المجلس يجعلني أتحسّس مسدسي)! يعني انتم مو كفو تكونوا
برلمان!
واخيراً الكاتبة الأدبية رائدة السبع تقول بان الشورى
الغى جلسات الشأن العام (ليتفرغ لترقية ولَدْ خالَة وزير
الأخشاب والألواح، واستحداث وزارة للملفات الخضراء لوَلَدْ
عمّةْ وزير القهوة).
عذراً مجلس السلطة غير الموقّر! فشّيْنا فيكْ خِلْقنا!
# ما بعد أمريكا
ليس المقصود من هذا الهاشتاق: ماذا بعد زوال أمريكا،
وإنما ماذا بعد أن تخلّت أمريكا عن حليفتها السعودية؟
أو هذا ما يشعر به الأمراء السعوديون، فانكفأ بعض المغرّدين
يحللون متسائلين: ماذا نصنع؟ هل نبحث عن حضن جديد؟ هل
نستقل بأنفسنا؟ فالكثيرون يعتقدون بأن بلادهم ليست مستقلة.
مع مَنْ نتحالف، وكيف نصنع قوتنا الخاصة بنا بعيداً عن
أمريكا؟ وفي الأساس هل يمكن لدولة الإستبداد أن تعيش خارج
اطار الحماية الغربي؟
الصحافي عبدالله الكويليت هو مقترح الهاشتاق، وغرضه
البحث فيما اذا كان هناك امكانية للتحول في السياسة الخارجية
السعودية بحيث تبتعد عن أمريكا ولو قليلاً. وتساءل الكويليت:
لماذا لم تتجه السياسة الخارجية السعودية شرقاً باتجاه
الصين وروسيا كما فعلت امريكا نفسها؟ ولاحظ أن صحفاً امريكية
بدأت بالتحدث عن ان دول الخليج ستنتهي خلال سنوات، بعد
أن انخفضت أهمية الشرق الأوسط في السياسة الأمريكية وبالتالي
تقلصت مظلة الحماية عن المشايخ. والسؤال بالنسبة للكويليت:
هل تهيأنا لمرحلة ما بعد أمريكا؟
عبدالعزيز الحِيْصْ حلل وضع امريكا من الدولة القائدة
الى الدولة الآفلة، سياسياً بسبب حماقات جورج بوش، واقتصاديا
بسبب الأزمة. واشار الى أن الدول الصاعدة اقتصاديا هي
التي ستغير وجه العالم، فبعد الإقتصاد امتلكت تلك الدول
أسناناً سياسية ستعاني منها أمريكا طويلاً.
بيد ان مشكلة العائلة السعودية الحاكمة أنها لم تقرأ
المتغيرات الدولية الحادّة هذه.
انها حسب الناشط السياسي حمزة الحسن، تتصرف كطفل سيفقد
قريباً أمّه، او مرضعته، وهو لا يمتلك مقومات الفطام.
وتساءل: هل تستطيع الرياض العيش بدون (حضن) يحميها؟ هل
لديها المقومات لذلك؟ رانا تقول مستحيل ان يكون هناك شيء
اسمه ما بعد أمريكا، فالطفل ما يستغني عن أمّه. ويسخر
المغرد عزّوز من ذلك ويقول: (الله يخلّي الماما بسْ. هل
نضحك على بعض؟). وناديا الناصر تستبعد الفطام، فرضوخ الرياض
لماما أمريكا متشعب. السعودية بحاجة الى عقدين من العمل
والتخطيط حتى يمكنها التحدث بلغة الإستقلال والسيادة.
والحديث عن مرحلة ما بعد امريكا الآن مبكّر جداً جداً.
رحم الله امرئاً عرف قَدْرَ نفسه. يقول حمزة الحسن. فأمريكا
تستطيع الحديث عن (ما بعد السعودية) أما الأخيرة فلا تستطيع
ان تتحدث عن ما بعد أمريكا، لأن ليس للرياض خيارات أخرى،
حيث أنها عادت القوى الإقليمية والدولية المؤثرة. وبذا
يصعب ان يصبح الأسير التابع سيّداً.
مالحلْ إذن؟ هل هو سؤال متأخر وكان ينبغي الاستعداد
له منذ زمن بعيد؟ هل تلجأ السعودية الى العدو الصهيوني
لحمايتها، كما يسخر الناشط الحقوقي يحي العسيري: (هذا
هو مصير الدول منزوعة الإرادة التي تبحث عن حامٍ بديل).
هل تقوم السعودية بمصالحة إيران وإغاظة امريكا؟ ام يكون
الحل بالتحالف مع تركيا التي تكرهها الرياض أيضاً. فحسب
سلطان فإن العلاقة بين السعودية وأمريكا لا تعبر عن تحالف،
بل عن تبعية: (مالنا غير الأتراك هم اللي بينفعونا). وتتوقع
السلطانة استمرار مرحلة العبودية السعودية لدولة أخرى.
بعض المغردين وجد الحل الذهبي: إنه الإعتماد على النفس،
وبناء القوة الذاتية. ترى هل هناك ارادة سياسية لتحقيق
هذا الأمر؟ كم من الزمن يحتاج هذا الإستقلال الضائع سياسياً
واقتصاديا وعلميا وغذائيا وامنيا وعسكريا وحتى نفسياً؟!
مثلاً: هل عندنا قوة تحمينا من هجوم خارجي؟ لا فالأسلحة
موجهة للشعب، كما تقول حنّو! هل صحيح ان حماية عرش الأسرة
هو الهدف الأساس ولذا لا يتم الإهتمام بمشاريع الطاقة
وتقوية الجيش لأن العدو لازال هو: الشعب؟ كما تقول احدى
المغردات.
الاستقلال عن امريكا له ثمن مثلما هي الحرية لشعب يعيش
تحت وطأة الاستبداد. وبلقيس ترى ان ليس مهما البحث عن
حليف بديل عن امريكا، بل الأهمية القصوى في كسب الداخل
بالإصلاحات الجذرية. عبدالرحمن يعتقد ان زمن (الشيوخ أبْخَصْ)
انتهى، ولن تستطيع الدولة التحرك بدون اصلاحات سياسية
داخلية وبناء جيش حقيقي؛ حيث ستنكشف عورة هذا الجيش وصفقات
السلاح المشبوهة في مرحلة ما بعد الحماية الاميركية. وأخيراً
تنصح صالحة الغامدي بالعمل على محورين: (الاستقرار الداخلي
والانفتاح على مطالب الشعب و تكوين تحالفات جديدة).
في المحصلة لن يحدث سوى أمر واحد: الابن الزعلان سيعود
الى حضن أمه وينام بهناء وطمأنينة!
|