ذهول وحرب في تويتر بين الخليجيين!
تفريغ شحنة الفشل السعودية ضد الجيران!
يحي مفتي
عُمان تبيع الخليج لإيران، والإمارات باعت السعودية،
هاشتاقان صناعة سعودية مخابراتية. فالغضب السعودي من صفقة
النووي الإيراني، وتهميش دورها الخليجي المحتمل، جعل النظام
وادواته فاقدي التركيز الى حد الجنون. في الوقت الذي اشتعل
فيه الخلاف بين السعودية وامريكا، اشتعل الى جانبه خلاف
مع قطر بحجة الموقف من مصر، واشتعل الخلاف مع سلطنة عمان
لاستضافتها مفاوضات سرية بين امريكا وايران، وعادت السعودية
فهاجمت الإمارات، لأن وزير خارجيتها طار الى طهران والتقى
بظريف وأثنى على الاتفاق النووي. ولم تهدأ الأحوال إلا
وظريف في الكويت فمسقط فالدوحة.
السعودية ضدّ الكل، وفي وضع يُرثى لها. وكتابها في
الصحافة المحلية والخارجية يضربون تحت الحزام تنديداً
بموقف سلطنة عمان بالذات، فكيف لا تخبر السلطنة الشقيقة
الكبرى بما يجري؟ وهذه الشقيقة التي لا تهشّ الذباب عن
نفسها، لا يسعها إلا ان تستعرض عضلاتها على جيرانها الصغار،
ولكن عضلتها تشققت وضمُرَتْ.
الهاشتاقان يحوي أطناناً من الشتائم ضد البلد والشعب
المسالم في عُمان بل وضد السلطان قابوس نفسه. اتهمت عُمان
بالغدر والخيانة والعمالة لإيران، وانها تخرب مجلس التعاون
وغير ذلك. والسعودي المقرب من السلطة لا يستطيع إلا أن
يحول الخلاف السياسي او عدم الرضا السياسي الى صراع مذهبي،
فانثنى جيش النظام في تويتر يشتم في الأباضيّة، مذهب عُمان
الرسمي، ويسخر من شعب غير متحضّر بنظر أصحاب الدماء الزرقاء!
العمانيون تدخّلوا وشاركوا في الهاشتاق، ودخل غيرهم
من دول الخليج، والمعركة استمرت ولكن كان أدب العمانيين
فوق المتوقع، أمام همجية (بيض تويتر السعودي). وكل إناءٍ
بالذي فيه ينضحُ، كما يقول الشاعر.
المطيري السعودي يقول: (عمان تبيع الخليج لإيران، غدرت
بنا، وراحت تقوّي العلاقات العسكرية والإقتصادية مع ايران).
آخر يقول ان عُمان تستغفل السعودية، وانها مالت باكتافها
نحو الشيعة فيالها من مصيبة. وأطلق بعض الموتورين المحسوبين
على النظام صفات وعبارات يستحيل ان تقرأها فيما مضى من
الزمن. انها حيّة من تحت تبن. انها تشلح مجلس التعاون
لصناعة مجلس آخر بقيادة ايران، لا تكون فيه السعودية أو
البحرين. انها تفرط عقد أنجح منظومة عربية. اما الإمارات
فيقول مغرد موتور، ففيها أقزام يحاولون ان يكونوا مثل
قطر فأصبحوا كالغراب. وقائمة الشتائم السعودية لا تنتهي.
معذورون، فقد كانت الضربة السياسية ثقيلة أفقدت حكام
الرياض الرُّشْدْ.
الصحفية والإعلامية البحرينية المعروفة لميس ضيف وهي
إذ تقرأ الشتائم، علقت موجهة كلامها لمغردين سعوديين:
(ليتكم برقي وحكمة قائدها يا تجّار الحروب). يسأل مغرد:
الإمارات باعت السعودية؟ أنت: يا السعودية اضطهدتِ كل
دول العالم العربي والخليج وشعبك. والان بدأتِ تجنين حصادَكِ.
لم يبق لك سوى شعبكِ. اكسبي ولاءه. يقول ابو صالح. لكن:
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيّاً.
مغرد آخر جاءنا بِمَثَلٍ نجدي: (ما سوّيت بالناس، يسوابك).
أي ما فعلته بهم فعلوه معك! أما السعيدي العماني فيسخر:
بالأمس عمان تبيع الخليج لإيران، واليوم الإمارات باعت
السعودية. ما أدري هل هي دول أم بعارين (جمع بعير). وبنت
بنوت تقول: اذا كانت الإمارات باعت السعودية، فالسعودية
باعت الدولة الإسلامية، وباعت الإسلام، وباعت شعبها. لا
أحد ينكر هذا. ويتدخل حكيم الإصلاح فيرد معاكساً: الإمارات
باعت السعودية، وقطر وعمات باعت السعودية، وأمريكا والغرب
باعوا السعودية، وقريباً الشعب يبيع حكامه ويتحرر من العبودية.
هناك سبب آخر للجنون السعودي: (فكلما نجحت دولة في
سياستها الخارجية، أو رفهت عن شعبها تصاب السعودية بحساسية،
خشية ان يشعر مواطنوها بالإحباط من فساد حكامها). ثم،
كما تقول مغرّدة، لماذا تدفع دولة مسالمة ـ اي عُمان ـ
ثمن عنتريات السعودي، التي لم تفلح داخلياً لتفلح خارجياً؟
حقاً: لماذا تماشي دول الخليج سياسة سعودية فاشلة تريد
الحرب ضد ايران والحرب فقط، لأحقاد خلقتها لنفسها ولبعض
شعبها؟
مغردون سعوديون كُثر، أيّدوا خطوة عُمان. سعد آل سالم
يضرب الأمراء تحت الحزام فيقول: (يكفي عُمان وأهلها فخراً
بأنهم لم يكونوا عوناً لمن يُشعل الفتن، ويتسبب في إراقة
دماء المسلمين في كل مكان). ابراهيم القحطاني الصحفي في
جريدة الشرق قال: (الجميل في الهاشتاق أدبُ العمانيين
في تعليقاتهم) وتساءل: (معقولة ما عندهم بيض في تويتر)
اي رجالا يغردون لصالح النظام؟. وأثنى الصقعبي على الدبلوماسية
العمانية التي أبعدت شبح الحرب عن الخليج. والتفت مغرّدة
سعودية الى مباحث تويتر وقالت: (الفتنة منبعها من السعودية).
وتقول نورة بأنه لولا حكمة قابوس لاغلقَ مضيق هرمز، ولبقي
نفط الخليج (طايح بِكْبودْهِمْ). وسخرت صوفيا: (هذا الخليج
ما ظل واحد إلاّ باعه. بسْ قولوا ليْ أيُّ مجنونٍ اشتراه؟).
وهنا يظهر لنا كنان ابو زيد فيخاطب قليلي الذوق والحياء
من الشتّامين الطائفيين: (والله لو بيدي لأبيعنّكم لليهود،
لأن ليس منكم فائدة. ياليت توصلون لنفس الحكمة العمانية
والتعايش الإسلامي فيها).
صفعات متتالية غير محتملة
اتفاق العالم مع ايران، او ما سمي باتفاق جنيف، وتهديد
السعودية بأنها ستكون نووية إن لم تؤدّب ايران، تحوّلت
الى هاشتاقات تبين الذهول السعودي من ذلك الاتفاق.
لم يمرّ الحكم السعودي بتحول تاريخي قد يفضي الى تهديد
وجودي كالذي يمرّ فيه بعد الاتفاق النووي الإيراني الغربي.
هذا هو على الأقل تحليل النظام بأركانه المختلفة، الدينية
والسياسية والإعلامية. وبحسب طارق الحميد في مقالة له،
فإن هذا التحول يعد أخطر من تداعيات احداث سبتمبر ٢٠٠١
على الرياض حين فجر سعوديون برجي نيويورك وهاجما البنتاغون
وغيرها.
في البداية كانت هناك محاولة سعودية لتسويق الاتفاق
على أنه هزيمة واستسلام لإيران، وقبولها ان تكون تحت الوصاية،
كما كتب الصحفي ناصر الصرامي، لكن التعليقات في أغلبيتها
الساحقة تفيد بهزيمة منكرة للسعودية واسرائيل الى حد ان
ابتسامة اجتماعات جنيف أثارت الحفيظة: (على الأقل اتفقوا
بدون ضحك. راعوا مشاعرنا شوي) كما يسخر خالد الناصر.
ردود فعل النظام تأخرت ريثما يتم استيعاب الصدمة، اما
الصحافة فانطلقت في حملة جنون غير اعتيادية في اليوم التالي
للإتفاق. يقول المغرد تنويري: (من قرأ كتاب الرأي في صحفنا
اليوم، يلاحظ هذيان وهلع، ولا يشاهد أي تحليل. انصحوهم
بعدم الكتابة إلاّ بعد أسبوع على الأقل).
الألم كان كبيراً في الدائرة المناطقية والطائفية للنظام،
حيث انقلب المزاج الى مقارنة بين ايران والسعودية. أحدهم
يقول بأن من يحكم ايران مفكرين وعلماء وساسة يجيدون التخطيط
والمفاوضات، ونحن لدينا عواجيز لا يحسنون القراءة والكتابة.
ثم إن (الدول العظمى لا تحترم الا القوي. شُغْلْ صبّابين
القهوة والشاي ما يجوز لهم) يسخر الصحفي ابراهيم القحطاني.
ومحمد السعد يقول: (ايران تتعامل مع الغرب نداً لند، اما
السعودية فتتعامل كالخادم عند سيّده). ولأن النفوس والعقول
صغيرة، كانت النتيجة فاضحة: (العالم يدور على مصلحته إلا
أنتم انشغلتم بالنسوان وعباية الكَتْف وجامعة نورة. أسأل
الله لكم المزيد من الجهل والخذلان) تقول عالية القرني.
في وضع كهذا يتوقع مغرد بأن الله إنْ طوّلَ في أعمارنا،
فإن بندر بن سلطان سيحجّجكُمْ الى قم (صَبُرْكُمْ شوي.
المهم تعلّموا اللطم)!
هناك اتفاق بأن آل سعود قد ضيّعوا البوصلة، وأنه لا
استراتيجية لديهم، ما جعلهم يمشون على غير هدى، ويتوقعون
أموراً مستحيلة الحدوث. يضحك فايد العليوي من ثقة حكام
الخليج في ماما امريكا: (كانوا يعتقدون انها ستسحق إيران
وتُسلّمهم المنطقة بكاملها). مغرد آخر يقول ان التاريخ
يبين ان رهان حكامنا يقع على الجواد الخاسر دائماً، ويبين
موقف الرياض من حكم الشاه ودعمها له مقابل الثورة التي
اطاحت به والاستمرار في عدائها منذئذ. المحيسني يقول بان
السعودية تعيش في كوكب آخر، العالم يتغيّر، في حين ان
الملك ذهب الى (البرّ) في روضة خريم للإستجمام.
انها الهاوية كما يرى الناشط محمد الحضيف خاصة وأن
قوة النظام في الخارج تقوم على تماسك الداخل المبني على
الحقوق والعدالة والحريات وهو غير متوفر في السعودية.
والقلق يعود الى أن ايران وهي في حصار اقتصادي وعزلة استطاعت
انتاج يورانيوم مخصّب (فكيف لو كانت حرّة، وشْ بتسوّي؟)
يتساءل المغرد الراشدي.
ما هو الحل؟ ما هي البدائل امام امراء الحكم السعودي؟
اول ما ناقشه المغردون هو التحالف السعودي مع اسرائيل،
والذي بدا واضحاً لهم للغاية. الشيخ السلفي يوسف الأحمد
حذر من معالجة الخطأ بخطأ آخر، فالركون لأمريكا لا يعالج
بالركون الى اسرائيل. واكتشف العوهلي ان كل العالم رحب
بالاتفاق النووي حتى السيسي. (حنّا لحالنا متكدّرين. اسرائيل
اللعينة زعلانة معنا. بَسْ تَبِيْ تنكّدْ علينا حتى الزّعَلْ).
اما البندري فقالها بصراحة ان الحل في الإتفاق مع اسرائيل
فهي من وجهة نظره، ليست بخبث الفُرْسْ، ويضيف: (تاريخياً
وجينياً هم أقرب لنا منهم. ومشكلة القدس تنحلّ)! لكن هذا
التعليق تم حذفه بعد تكاثر صواريخ التغريدات عليه.
من البدائل: الرضوخ: فاليد التي لا تستطيع عليها، صافحها.
ومن الحلول استعادة الصديقين التركي والمصري اللذين تمت
خسارتهما بعبث صبياني كما يقول عبدالله القرقاح. بديل
آخر يقدمه فاضل العجمي وهو التوجه نحو الدبّ الروسي الذي
فرض ارادته. فلنكن مع مَنْ غَلَبْ! ولأن النظام السعودي
يتحدث بلغة مكشوفة اليوم مهدداً بامتلاك سلاح نووي، رأى
البعض ان الحل في امتلاك ذلك السلاح. الصحافي محمد معروف
الشيباني يسخر: كيف ندخل النادي النووي بالله عليكم؟ بهكذا
وزراء تعليم لا تدخلون حتى المدرّجات! تبرع لنا مغرد بصورة
من مجلة الحوادث عام ١٩٨١ حيث كانت هناك مقابلة مع نائب
وزير الدفاع الاسبق (تركي بن عبدالعزيز) يتحدث فيها عن
بناء ثلاثة مفاعلات نووية. ابشروا انتهت الحكومة اليوم
في ٢٠١٣ في دراسة المشروع!
هل يكون الحل أن نتوجه نحو القاعدة ونصبح قاعديين أكثر؟
هذا ما يأمله الحربي؛ افتتح هاشتاق اتفاق فارس والروم!
مبارك آل عاتي، رئيس تحرير قسم الاخبار في التلفزيون السعودي،
وجد الحل في أسلَمة الشعوب ونشر الدين. تكفى يا ابا الشباب
كفاية علينا القاعدة. ودعا الى معاقبة من ساند خصومنا
بكل الوسائل، ويقصد عمان وقطر والإمارات وربما مصر السيسي!
أخيراً وجدها البعض في الحرية والتسالم الداخلي والإصلاح
السياسي. قد تكون نتيجة الاتفاق النووي ارتفاع سهم الشعوب
الخليجية، كما يأمل المحامي والقاضي السابق عبدالعزيز
القاسم. لكن الواقع هو زيادة القمع السعودي للناشطين،
فأصبح توقع ان يسعى المستبد لمصالحة شعبه بعد الاتفاق
النووي، في غير محله، لأن الحماقة أعْيَتْ منْ يداويها،
كما يقول القصير، ومثله زياد الجمعة، فالحكومة تفعل عكس
التوقعات! انه الذكاء الاستراتيجي!
الناشط السياسي الدكتور حمزة الحسن يتوقع أن السعودية
وخلال عقد ستكون في وضع سياسي واقتصادي واجتماعي صعب سيغيّرها
جذرياً؛ وان الرياض ستنكفيء سياسيا على الداخل وستواجه
معارضة شعبية أكبر، وضغوطاً خارجية عليها لمحاربة منابع
التطرف.
|