مملكة تقتلُ الرغبة في الحياة!
محمد السباعي
لا مكان مثل (تويتر) يمكن من خلاله قراءة الرأي العام
الشعبي في مملكة آل سعود. فقد أصبح تويتر الوسيلةالشعبية
الأولى (وهي تسبق الفيس بوك) في التعبير عن الهموم والآراء،
وفي البحث عن التحولات في الإتجاهات السياسية والفكرية
والنفسية للمواطنين. لا عجب أن تجد مثقفي البلاد وناشطيها
وحتى مسؤوليها لهم مواقعهم على خارطة هذا الوافد الجديد
في صحراء الاستبداد. المملكة من الخارج شيء مختلف، تصنعه
الدعاية الرسمية الحكومية، أما في الداخل فهناك عالم متلاطم
من الأفكار والنشاطات والإبداعات ترسم صورة أخرى لها ولشعبها
ولنظام الحكم فيها. في كل عدد نختار بعضاً مما يشغل المواطنين
ويستقطب اهتمامهم.
# تعدد الزوجات يطيل العمر
ما اكثر الأخبار التي يؤلفها التكفيريون الوهابيون
المتطرفون، سواء ضد الخصوم، أو لتعزيز مواقفهم. لا عجب
فهناك فتاوى تجيز الكذب على المخالف. من بين الأكاذيب
التي روجت مؤخراً القول بأن دراسة بريطانية تؤكد ان تعدد
الزوجات يُطيل عمر الرجل بنسبة ١٢%، ويؤدي
الى سعادته، وتحسن أحواله المادية. بمعنى اخر، فإن الدعوة
الى تعدد الزوجات ـ وهو أمرٌ مشروع ـ لا يأتي من وجهة
نظر مشايخ التخلف إلا بتأليف أخبار كاذبة، ومعلومات مخترعة،
لا علاقة لها بعلم ولا هَدي من العقل او الدين.
الخبر ظهر من مصدر مقرب من المشايخ الوهابيين، وتكرر
في مواقع اخرى؛ وجاء أمير فقال: (ما مرّ عليّ معدّدٌ توفي
في الثلاثين او الأربعين ولا الستين من العمر).
الكذبة لم تمر، فقالت مغردة: (واضح ان الدراسة من كيسهم
ـ اي جاءت من جيب مشايخ الوهابية). ومصعب قال: (كلُّ من
أراد أن يؤلف، قال دراسة بريطانية. تشوهت سمعة بريطانيا
العلمية عقب هالدراسات المضروبة!). واحمد يسخر: (هي صح
ان الدراسة بريطانية، بس اللي عملوها سعوديين)! والغامدي
يسأل: (من متى البريطانيين والامريكان يتعددون، وعندهم
ممنوع قانوناً ويُعاقب عليه. ارحموا عقولنا).
ومن السخريات.. ألّف مغرّد خبراً عن دراسة حديثة، تماشياً
مع دراسة مشايخ التعدد، تقول: (وفي دراسة أعدته شركة تبغ،
تقول أن تدخين أكثر من باكت سجائر في اليوم يطيل العمر).
والمغردة نور تهزأ: (ايْ هيّن! لو صِدْقْ ما كان جدي ترك
حريمه، وباتَ عند النياق)! وسأل أحدهم المعددين في الزواج:
(مالذي سيستفيد منه العالم من بقائك حيّاً لخمس سنوات
اضافية؟ مجرد هدر لموارد الأرض). وعلقت فرح على مقولة
ان تعدد الزوجات يطيل العمر فقالت: (عمرك بيد الله يا
أبو الحريم). ومشاعل الغامدي، تقول بأن التعدّد (يقصّ
الظهر، والجيب، وطولة العمر بيد الله. دراستكم هذه حطّوها
بصندوق وأقفلوا عليها، بلا خرابيط وكلام فاضي).
# محاكمة صاحب الساطور
هي مملكة الأمن والأمان، وحكامها هم من جلب الأمن وعدّوه
واحداً من أسس شرعية حكمهم، ولازالوا يفاخرون كذباً به.
لكن الحقيقة هي ان المملكة المسعوَدَة هي الأدنى في توفير
الأمن مقارنة بشقيقاتها الخليجيات، وهي تعيش انفلاتاً
في كل شيء، بما فيه الأمن الضائع، ويكفي ان تقرأ صحيفة
يومية لتدرك أن (البلد فالتة) وأن الجرائم بشتى أنواعها
ترتفع بنسب ألفية وليس مئوية. لا أمن في مملكة الأمن والأمان
المزعوم. كل شيء ينبئك عن أن الأسوأ لم يأتِ بعد.
وقف مواطن عند إشارة المرور، وحمل ساطوراً وراح يضرب
به الضحية مراراً وتكراراً أمام المارّة، غير آبهٍ بسلطة
آل سعود، ولم يُعرْ أيّة أهمية لعقاب، لأنه يعتقد بأنه
سيخرج من السجن، وينجو من القتل، كما حدث لغيره، حيث يتم
شراء عائلة الضحية بالمال، كما فعل آل سعود أنفسهم حين
يقتل أبناؤهم مواطنين.. الأمر الذي أشاع جرائم القتل،
وأرعب المواطنين.
يوضح المغرد لويس السيناريو الحقيقي للأحداث: فبالأمس
(عندنا ذَبْحَةْ الرجّال مثل شَرْبَةْ المويَةْ) واليوم
محاكمة صاحب الساطور، وغداً سيأتي النائح: (تكفون.. اعتقوا
رقبة صاحب الساطور)! أي اجمعوا له الدية المطلوبة لينجو
من القتل! يظهر لك (نداء استغاثة لأهل الخير! ولدنا محكوم
بالقصاص، الدية عشرين مليون ريال، السبب ولدنا عَصّبْ
وطلّع ساطور وذبح رجّال بسْ على الخفيف)!
استاء الكاتب عصام الزامل وحذّر: (اذا بدأت حملة تبرعات
لعتق رقبة هذا المجرم، فأتمنى أن تبدأ حملة أخرى لجمع
أموال لأهل الضحية أكبر من المبلغ الذي سيأخذونه من القاتل،
ولكن مقابل عدم التنازل عن دم ابنهم)؛ وطالب السلمان بِـ
(صَلْب) المجرم وأن يكون عُرضَةً للرّجمِ والبصق ليكون
عبرة. ويسخر الكاتب خالد الوابل من النهاية المتوقعة للجريمة:
(نهاية القصة: كيف تصبح مليونيراً بدون مُعلّم)! اي أن
عائلة الضحية ستصبح غنية مقابل التنازل عن دم ابنها.
واتهم المغرد الجربوع من اسماهم بشيوخ الفتنة والهياط
القبلية بأنهم السبب في استفحال ظاهرة شراء الدم وانقاذ
القَتَلَةْ، داعياً الحكومة الى أن تغتسل وتتطهّر منهم.
لكن الشيخ المتطرف الفراج ينفي التهمة ويقول بأن ابو الساطور
ذكره بعصابات دارفور، فحاكموه عجلاً وإلاّ أكَّلَنا (خابورْ).
الكاتب البراء العوهلي يتحدث عن قتلة متهورين وكأننا
نعيش في غابة وليس في دولة. والصحفي هاني الظاهري يخلص
الى ان العنف المحلّي المتصاعد يموّل داعش بالمقاتلين:
(داعش ما جَتْ من المرّيخ. عَرْبَجِيَّتْكُمْ تطوعوا لديها
فقط). والكاتب الصحفي عبدالله الكويليت يعتقد بأن هناك
مضخّات للعنف المحلي الذي يموّل العنف الداعشي: (لا يكفي
محاكمة صاحب الساطور، ولا مَنْ يعذّبون الحيوانات، ولا
من يلتحقون بداعش، بل اسألوا: الى اي جحيم يذهب هذا الجيل،
أيّ حقدٍ وكُرْهٍ زرعتم فيهم). آخر يقول بأن الجرائم لم
تنتشرْ، وإنما وسائل الإتصالات الحديثة أبرزتها للعيان،
وأن احصائيات الأجهزة الحكومية بشأن الجرائم مشكوك فيها.
مرحى مملكة الأمن والأمان!
# أمير القصيم: الشيعة والصوفية
كفار ووثنيون!
أمير منطقة القصيم فيصل بن مشعل بن سعود، كتب مقالا
في صحيفة الجزيرة السعودية، شتم فيه كل المسلمين ووصفهم
بالشرك، ولكنه اختص الشيعة والاسماعيلية والصوفية، ووصمهم
بالكفر والوثنية. وكما كان متوقعاً فقد استاءت اكثرية
سكان السعودية غير الوهابيين، فالأمير يعلم أن أبناء نجران
اسماعيلية، والقطيف والأحساء شيعة، والحجاز صوفية. انه
مقال كارثي، بحسب وصف مغرد.
لكن الاخوا سلفيين الذين لا يدافعون عادة عن مسؤولين
حكوميين.. اصطفوا هنا للدفاع عن أمير القصيم المؤمن! فالإخواني
عوض القرني قال ان الأمير (أبان الحق) فحسب، واضاف بأن
ما قاله لا يناقض مزاعم الوحدة الوطنية، ومن يعترض على
الأمير فقد اعترض على القرآن والأنبياء والصحابة. وزاد
القرني بأن الأمير لديه دكتوراة في الشريعة وله حق طرح
رأيه.
الإخواني الحضيف رأى الاعتراض على الأمير الطائفي (طائفية)
وأن المشتومين: (في دينهم خلل) وعليهم إصلاحه، باعتبار
ان الوهابية هي الدين الصحيح وحده. والمتطرف الشيخ سليمان
الدويش راى ان الأمير لم يشكك، بل أقوى من ذلك، وان قضية
وثنية الصوفية والشيعة ليست اتهاماً بل حقيقة لا تغطّى
بغربال. اما الشيخ السعيدي فاعتبر المقال مجرد (نصيحة
مُشفق) الى الكفار الذين اتخذوا احبارهم ورهبانهم ارباباً
من دون الله! والشيخ الفيفي سعيد بما كتبه امير القصيم،
إذ أن هناك مسؤولون بمرتبة امير منطقة لديهم هذا العلم
والوعي والفهم الصحيح للعقيدة!
الاسماعيليون الذين ثاروا بالسلاح على والد أمير القصيم
حين كان اميراً في نجران، وحاصروا مقر الأمارة قبل سنوات
لأنه شتمهم كما الإبن الآن.. هؤلاء الذين يزيد عددهم على
المليون والثلاثمائة الف مواطن، غضبوا من المقالة ومن
الأمير كما من أبيه ومن النظام أيضاً.
كتب أحدهم مقالا يرد: (نحن مواطنون يا سمو الأمير)!؛
وسأل عارف الصقور: (هل ستسمح لي صحيفة الجزيرة بالرد على
الأمير في صفحاتها أم أن هذا لا يجوز ومخالف للوطنية؟)؛
ووصف الناشط محمد آل حطاب، المقال بأنه طائفي بامتياز،
وأشار الى أن مثل هذا الفكر والموقف هو الذي أفشل والد
امير القصيم. وتساءل حسين آل منصور: (صاحب سمو ملكي؟ وأمير
منطقة؟ ودكتور؟ ما هذه الطائفية المقيتة؟).
لكن يامياً رأى بأن الحلّ مع أمثال امير القصيم، لا
يكون الا بنفس الأدوات التي واجهت أباه: (يا أهل العوجا،
لِيقام الرصاص يغنّي؛ العهود نصونها، والموت نِطْحَنْ
حَبَّهْ). ووصف المحامي ابراهيم المديميغ فعل امير القصيم
بأنه لا مسؤول: (أيُعقل صدور هذا ممن يفترض فيهم التصدّي
والوقوف ضدّ هذا التأجيج؟). وطالب صالح عامر صحيفة الجزيرة
منح الفرصة للرد على الأمير وإلا فهي شريك معه في فكره.وشكك
المغرد الفنتوخ بأهداف الأمير، فالمقالة (ليست بالضرورة
دفاعاً عن السلفية).
الطبيبة ريما علقت: (كالعادة اذا فيه مشكلة كبيرة،
يشغلون الناس بالطائفية. تعوّدنا). والمغرد البحريني ناصر
أبل أصبح لديه مستمسكاً ودليلاً، فإذ (طلع واحد من أهالي
القصيم وفجّر نفسه بالشرقية، لَحَّدْ يقول: الإرهاب لا
دين له!). وتوقعت مغردة أن امير القصيم حين يقع تفجير
في مساجد الشيعة فلن تستغرب أن تراه وأمثاله يدينون ويستنكرون.
وهو ما فعله سابقاً بعد تفجير مسجد القديح، واستقبل من
ينعتهم بالوثنية ودعا الى الوحدة في (البلاد المباركة).
ويعتقد المغرد العجيلي بأن هدف الأمير من مقالته: إرضاء
الوهابيين التكفيريين، وتملقاً لداعش. وذكّر مغرد الأمير
بأن أغلب ثروات السعودية تستخرج من مناطق ومحافظات المشركين
والوثنيين؛ في حين اعتبرت المغرد الإحسائية وداد منصور
ما قاله الأمير صريح: (فالدولة تتبنّى فكر ابن عبدالوهاب،
وهو فكرٌ لا يقبل التعايش)؛ فيما أكد المغرد السدران بأن
خطأ الأمير كان (متعمّداً)؛ أي أنه يقصد ما فعله عن سابق
اصرار، وانه بهذا يُسقِط نفسه.
خلاصة مقالة امير القصيم: ان لم تكن سلفياً وهابياً
فأنتَ ضالّ او مشرك او وثني!؛ وهذه اتهامات (تعوّدن عليه
من كبارهم وصغارهم وجهلتهم ومثقفيهم)، تقول المغردة زينب.
وعليه من الخطأ أن يتوقع الشيعة بل أكثرية المواطنين الذين
هم غير وهابيين، ان يحصلوا على احترام آل سعود ومشايخهم،
إذ لا يستقيم الظل والعودُ أعوجُ.
# السينما ليست ممنوعة بالسعودية
في مقابلتين قال فهد التميمي، رئيس لجنة السينما بجمعية
المنتجين السعوديين بأن السينما في السعودية ليست ممنوعة،
وانه لا يوجد نظام ينص على حظرها، وان تصريح انشاء صالة
سينما لا يستغرق ٧٢ ساعة. يقال هذا الكلام
في بلد لا توجد به دار سينما واحدة!
)السينما زَيْ المرأة، تقدر تملك سيارة، بسْ ممنوع
تسوقها)، هكذا علق المغرد الجهني على الخبر. وآخر اكد
صحة الأمر (بدليل ان شوارعنا والمولات تعرض افلاماً يومية
ابطالها الهيئة والمرأة، والشعب: كومبارس). والصحفي الطبيب
ايمن كريّم سخر بأن السينما ليست ممنوعة (وليست مسموحة
أيضاً.. يعني خصوصية سعودية)! واعتبر مغرد عدم وجود السينما
في السعودية نوعاً من انواع الإضطهاد واغتصاب الرفاهية،
وقمع الترويح عن النفس.
المفكر سلمان رأى ضرورة وجود اماكن ترفيه، فذلك يقلّل
من المستسعرين في المجتمع. والمعارض المنفي والطبيب ماجد
الماجد يقول: (السعودية دولة ليست كلبة وشاذة فقط، بل
مريضة تعاني فصام). مضيفاً بأن أبسط أنواع شذوذها انها
الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع قيادة المرأة للسيارة.
ويبدو ان تركي العتيبي متأكد من حقيقة استمرار المنع
(دام حنّا بعهد سلمان الحزم، ووجود هيئة المنكر. بإذن
الله لن نجد السينما بدار أبو فهد). ويسخر عبدالعزيز فيقول:
(لو عندنا سينما في السعودية، كان سمّوها مركز الملك سلمان
التقني للرسوم المتحركة والبحوث. لازم يسدّون نفسك). وشتم
المغرد اللحيدان رئيس لجنة السينما التي لا عمل لها فقال:
(يا حمار يالتميمي، أهذا وقت سينما؟ في دولة الشريعة والحرمين؟
ما تستحي؟)! ولأن لجنة السينما موجودة في بلاد لا سينما
بها، يصبح الحديث عنها من قبل رئيس اللجنة كـ (أقرع يمشّط
شعرَهْ)!
|