القمع والتدمير في مملكة «النووي» و«الإحتساب»!
محمدالسباعي
لا مكان مثل (تويتر) يمكن من خلاله قراءة الرأي العام
الشعبي في مملكة آل سعود. فقد أصبح تويتر الوسيلة الشعبية
الأولى في التعبير عن الهموم والآراء، وفي البحث عن التحولات
في الإتجاهات السياسية والفكرية والنفسية للمواطنين. لا
عجب أن تجد مثقفي البلاد وناشطيها وحتى مسؤوليها لهم مواقعهم
على خارطة هذا الوافد الجديد في صحراء الاستبداد. المملكة
من الخارج شيء مختلف، تصنعه الدعاية الرسمية الحكومية،
أما في الداخل فهناك عالم متلاطم من الأفكار والنشاطات
والإبداعات ترسم صورة أخرى لها ولشعبها ولنظام الحكم فيها.
# إزالة قرية مقنعة بمكة المكرمة
بلدة غافية اسمها (مَقْنَعَةْ) تبعد عن مكة المكرمة
نحو اربعين كيلومتراً، تمّ تهديمها بالكامل، وسِيْقَ رجالها
الى المعتقل لاحتجاجهم، فيما تمّ نثر حاجيات المواطنين
واسرتهم في الشوارع، ولاذت النساء والأطفال بأصحاب العون
لتخليصهم من الجريمة وآثارها.
البلدة الغافية، التي فاجأتها الجرافات، وأدوات القمع،
يوجد بها كل مستلزمات الحياة. كهرباء، وماء، وشوارع، وغيرها.
وهذا لا يمكن ان يتأتى إلا باعتبار البلدة، كائناً شرعياً
عمره اكثر من مائتي عام. لكن الأمير محمد بن سلمان، وزير
الدفاع، وولي ولي العهد، قرر الاستيلاء على القرية وتشريد
أهلها، بحضور العساكر، وبحضور قوى الأمن؛ من أجل أن يقيم
عليها مشاريع خاصة به.
العائلة الحاكمة الفاشلة في توفير سكن للمواطنين، انتهجت
سياسة الهدم لبلدة كاملة، بحجة التعدّي على الأملاك العامة،
ويا لها من حجة سخيفة؛ فشبوك الأمراء تطوّق المدن وتدفن
البحار، وتسيطر على الصحارى؛ ولا يعدّ هذا تعدياً على
المال العام!
انفجر المواطنون في تويتر معبرين عن غضبهم. رغم ان
تويتر هذه الأيام لم يعد كما كان، حيث اختفت معظم الأسماء
المهمة، وانخفض التعبير خشية الاعتقال لعشر سنوات بسبب
تغريدة واحدة لا ترضي سلمان وعائلته الحاكمة.
التغريدة الأولى لحمزة الحسن: (قلنا لكم إنهم صهاينة
الحرمين! دمّروا القرية وسجنوا رجالها حتى يبني إبن سلمان
مشروعه). إنه زمن عجيب، فالشبوك التي ضيّقت على الناس
في سكناهم تبقى، وبيوت الفقراء تُهدُّ وتُهدم، يقول المغرد
ماجد. والكشكول يرد على مقولة: (تبغون يصير فينا مثل سوريا)؟
ويجيبهم: (صار وحنّا ماكلين تراب وخانعين حتى العبودية)،
ويصرخ: (يا عبيد الحَقْلْ، اتحدوا).
المغرد تركي الشلهوب كان موتوراً بما شاهده من ظلم
وعلق: (تتركون شبوك اصحاب القصور، وتهدمون قرية يسكنها
الفقراء. فعلاً: اذا سرقَ فيهم الشريف تركوه). والمغرد
الاخواني عبدالله القصادي يقول انهم هدموا القرية أولاً،
ثم استعانوا بالقضاء لتبرير فعلهم. واضح جداً نزاهة الأمانة
واحترامها للقضاء. واعتبر صالح القعيد ما جرى مباراة وصراعاً
بين السفلة والنبلاء.
المغرد الحوّاس يقول بأن كل مواطن معرض للطرد من منزله،
البلد كلها ملك الأمراء، اخذوها بالسيف الأملح. وتسأل
منال: لماذا الهدم، أمِنْ قلة الأراضي بهالبلد الكبير،
عشان تطمعون بقرية، وتهدمون بيوت اللي فيها؟ وعبدالعزيز
الهاشمي يتحدث عن الشبوك، وعن ثمانين بالمئة من الشعب
لا يملك سكناً، وفوق ذلك هدم منازل السكان على رؤوسهم.
وتسأل نورة الشهري: (الشعب محروم من متر مربع في هالشبه
قارة ـ وتقصد مساحة السعودية ذات المليونين والربع مليون
كيلومتر مربع). وتضيف: (في أي شرع أو ملة هذا؟)، وتجيب:
(فقط في شرع بن سروق. الله يورِّينيْ فيهم عجايب قدرته).
الدكتور علي السعد يقول أنه لم يرَ امرا أكثر غرابة
من هذه الإزالة للبلدة، إلا سكوت هيئة الأمر بالمنكر.
والمغردة مها تسأل عن المشايخ ومن لهم سابقة في الإحتساب:
(طيّب اعتبروها رياضة بنات بالمدرسة واعترضوا)، كما فعلتم
من قبل!
شكراً.. العهد السلماني المجيد!
# أنا أحتسب
أنا أحتسب، أي أمارس واجب الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر. وقد تحولت الحِسْبة في المهلكة الى أداة قمع وتضييق
الحريات وممارسة الرذائل ودعم الطغيان. وقد انحصر الاحتساب
في متابعة ما يكتبه المواطنون، والتجسس عليهم في منازلهم،
وقهر النساء في الأسواق، واجبار الناس على التدين الزائف.
هنا للمواطنين رأي في الحِسْبَة.
المغرد حسن باني يقول أنه سيحتسب (ضد كل عدو للحرية،
وضد كل من يخنق بداخلنا الإنسانية، وضدّ كل من جعل الفضيلة
رذيلة) وهو يقصد رجال الإحتساب، ومشايخ السلطة. عمرو بن
طلال قال ساخراً بلسان رجال المنكر: (انا أحتسب على الضعوف،
وأترك الأقوياء. لأني لو احتسبت ضد الأقوياء، فلن أكون
قادراً على الإحتساب بعدها. فشكراً للقوي الذي منحني حصانة
من الضعوف). والهنوف تسخر بأنها ستحتسب فتسحل الفتيات،
وتطردهن من المطاعم وتناصحهن بشأن العبايات الملونة، (اما
الفساد للوزارات، وفساد بعض المسؤولين، فهذا مُوبْ مهم).
ولأحمد العواجي تغريدات عميقة فهو يقول: (انا أحتسب
ضد قواعد الولاء والبراء، والنواقض والردة والتكفير التي
خالفت فيها السلفية جمهور السنّة، فاستُبيحت بسببها دماء
الأبرياء واعراضهم)؛ وهو يحتسب ضد من ينكرون على الناس
اختياراتهم في مسائل خلافية، ولكنهم لا ينكرون على إخوانهم
في النهج والمنهج استباحتهم للدماء وقتلهم للأبرياء. وتدعو
همسة السنوسي الى الإحتساب ضد عَضْل المرأة وابتزازها
وضد منعها من حقها في قيادة السيارة، وضد التحرش بها.
الكاتبة رائدة السبع تحتسب ضد العنصرية النتنة والطائفية
المقيتة وتصنيف الناس الى شية وسنة ومسيح؛ والكاتب خالد
الوابل يرى أنه لو كان (احتسابنا لمحاربة الفساد، بمثل
ما هو احتسابنا ضد كل شيء يتعلق بالمرأة، لصُنّفْنا ضمن
الدول الإسكندنافية في الشفافية). والناشطة عزيزة اليوسف
تحتسب ضد كل مفسد في الأرض وضد كل ظالم ومعتدي على حقوق
البشر.
# عضو شورى يهاجم
الإعلاميين
محمد الرحيلي عضو معيّن في مجلس الشورى شتم الاعلاميين
وشكك في وطنيتهم، ودعا ما اسماه (المؤسسة البرلمانية)
السعودية (الله الله!) ان تضطلع بمسؤولياتها تجاه الصحفيين
وكتاب الرأي الذين وظفوا ادواتهم لتقسيم البلد وتصيد الأخطاء.
ونزّه الرحيلي زميلين له في مجلس الشورى يكتبان في الصحف
هما: د. فاطمة القرني، وأحمد الزيلعي، لأنهما من نفس خطّه،
موضحاً (اذا كانت الحرية ستؤدي الى شق الوطن فلا حاجة
لنا بها). والغريب ان كلمة الرحيلي قوبلت بتصفيق حار من
زملائه وهو يدعو الى تقييد الصحافة أكثر مما هي مقيّدة،
وهي ميزة من ميزات العهد السلماني.
الصحافيون انزعجوا من تصريحات الرحيلي المقرب من التيار
الإخواسلفي، وايضاً من المباحث السعودية، ويقال انه كان
عاملاً نشطاً فيها. والصحفيون الذين أرعبهم سلمان بالإعتقالات
والفصل من الوظيفة والتهديدات الشخصية، شأنهم شأن المغردين
باتوا اليوم في حيرة من أمرهم. بعضهم ترك الكتابة، وبعض
آخر، اخذ في مدح النظام ورموزه ومباحثه وانجرّ لمعاركه؛
وبعضهم يترقّب التوقيف والتحقيق!
الاستاذ الجامعي السابق حمزة المزيني، طالب بالتحقيق
مع الرحيلي في اتهامه للكتاب السعوديين بأنهم يحاربون
(الدين والعقيدة والوطن). والصحفي عبدالحميد العَمْري
علق: (لا يهمني ولا يسعدني أبداً أن تقرأ مقالاتي أيها
العضو، ولا كلّ من صفّق لك بالمجلس). والمغردة الدكتور
الليحاني قالت ان بعض اعضاء الشورى يعيشون خارج التاريخ،
وهم مؤدلجون يضللون الرأي العام؛ والدكتور صالح زيّاد
قال ان هجوم الرحيلي عضو الشورى كوم، والتصفيق الحار الذي
قوبلت به كلمته كوم آخر. هذا التصفيق الحار هو اللغز.
الصحفي خلف الحربي ومن خلال الدعوات المتكررة العلنية
وفي الفضاء الاجتماعي، رأى ان هناك (موسم هجوم على الإعلاميين
وتخوينهم). هناك جهة ملكية وراءهم على اية حال تدفع بهكذا
تهديدات مبطنة الى الواجهة. والدكتور ناصر الجهني علق
على التصفيق الحار بقوله: (الحالة تعبانة يا ليلى)!
واعتبر المحامي والصحفي عبدالرحمن اللاحم ما قاله عضو
الشورى وغيره أن ذلك مؤشراً من مؤشرات الدولة العميقة،
اي الدولة البوليسية التي تصاعد عنفها منذ عهد سلمان.
واضاف اللاحم: (هذا وما عندنا انتخاب وعضو الشورى يهاجم
الإعلاميين. اجل لو وصل عوض الى قبة البرلمان، وش يبي
يسوّي بنا؟ ستنصب المشانق).
لا توجد حرية في السعودية ولكن الملك سلمان مصرّ على
دفن الصحفيين معها. ولله في خلقه شؤون!
# حكاية حسن
(حكاية حسن).. قالت قناة آل سعود العربية انها
بصدد اعداد فيلم وثائقي عن السيد حسن نصر الله، كجزء من
المعركة الإعلامية التي تفتعلها الرياض ضد خصومها، والتي
تعوّل عليها في تغيير موازين القوى التي هي في غير صالحها
في أكثر من بلد.
(حكاية حسن).. جرى الترويج له قبل بثّه
في حملة اعلامية كبيرة، وحين تمّ بثّه، انقلبت الدنيا
على القناة ومديرها تركي الدخيل، لأنه جاء مخيّباً لآمال
الجمهور النجدي الوهابي المتطرف سياسياً ومذهبياً. فقد
تعوّد هذا الجمهور على اللغة الحادّة الخشنة والمسيئة
جداً للخصوم، ولم يتحمل عرض معلومات بديهية عن (حسن نفسه)
أين ولد، وأين تعلّم، وكيف هرب من قمع صدام، وكيف ترك
حركة أمل، ثم جاء احتلال لبنان اسرائيليا، وصعد الحزب
في المقاومة، وكيف استشهد امينه العام السيد عباس الموسوي
بصاروخ اسرائيلي، الخ.
اراد التيار الوهابي ان يضرب الجناح الليبرالي المؤيد
هو الآخر للسلطة السعودية؛ فشبّ حريق كبير ضد العربية
التي قالوا انها تخدم العدو المجوسي، متناسين دورها في
تشويه صورة الخصوم والحط منهم وتسعير الحروب الطائفية،
وانتاج البرامج ضدهم، فالمتطرفون يريدون داءً لا دواءً
ينشط لهم عقولهم المريضة.
نبدأ بالتيار السلفي، فالغماس، مدير قنوات المجد، وصف
حكاية حسن بأنها قبيحة تستغفل المشاهدين، واضاف: بئس الحاكي
وبئس المحكي عنه! وعبدالله المقحم وصف بث الفيلم
بأنه خيانة عظمى؛ والاخواسلفي في جامعة الامام محمد البشر
قال أن بث الفيلم (تأييد للعدو)، والشيخ عبدالعزيز الفوزان
يسأل العربية: (إن لم يمنعكم الدين والعدل فأين الولاء
للأهل والوطن)؛ ومحمد العزام اعتبر بث الفيلم اعلانٌ من
العربية بأنها جزء من المشروع الصفوي. ومحمد الجوير قال
بان مدير العربية يقدم خدمة للروافض والفرس المجوس. والشيخ
الفيفي يقول ان ما فعلته العربية اكبر من طعن في الظهر،
هو اهانة للشرف وتحطيم للكرامة وخيانة للأمانة وانبطاح
للعدو.
يا لطيف كل هذا بسبب فيلم وثائقي لم يشتم السيد حسن
نصر الله بالقدر الذي يريدون!
وتساءل الشيخ الصقعبي: (ماذا ينتظر من قناة يديرها
حفنة من الخبثاء غير الشرفاء)؛ والإخواسلفي عبدالرحمن
الصقير يريد هيكلة الإعلام السعودي برمته ولا يكفي إعفاء
تركي الدخيل واستبداله بواجهة تعيسة اخرى. اما الداعية
خالد الخشلان، فقال:(اعلامنا هو المختطف)! ودخل على الخط
الاعلامي القاعدي في قناة الجزيرة احمد موفق زيدان فقال
ليت الفيلم لم يُبث، ووصف الأمر بمهزلة، وان الفيلم لا
يرقى للتوتر الخليجي مع لبنان بسبب الحزب. فيما حاول الإعلامي
السعودي الآخر في قناة الجزيرة، علي الظفيري، الاصطياد
في الماء العكر، وقال ان فيلم حكاية حسن من انتاج المنار
وعرض العربية، لكنه سرعان ما حذف التغريدة. وبشرنا أحدهم
بأن قناة وصال الطائفية التي تبث سمومها الطائفية من الرياض،
تحمّست وقررت ارضاء الجمهور المستجهل في منافسة مع العربية
وذلك بانتاج فيلم عن السيد نصر الله أيضاً، وفعلاً قامت
بذلك.
المهووس بالطائفية الشيخ محمد البراك، قال ان بث الفيلم
لم يكن خطأ غير مقصود من العربية، بل هو حلقة من خيانات
القناة وعمالاتها لأعداء الأمة؛ وقناة المجتمع قالت ان
قناة العربية صارت فرعاً لقناة العالم الإيرانية.
حتى العقلاء فقدوا عقلهم في حمأة الطائفية مثل تركي
الحمد، الذي قال ان العربية لم توفق في فيلمها، ولكن لا
يبرر ذلك مهاجمتها فهي قناة موضوعية ومهنية. واضاف الحمد
بأن العربية أظهرت السيد حسن نصر الله كزعيم كارزمي وعملاق
تبكي الجماهير لمجرد رؤيته. ووصف مشاعره وهو يشاهد الفيلم
فقال: (كنتُ كمن تلقى دلواً من ماء ثالج في يوم بارد بعد
مشاهدة حكاية حسن، وتأكدت من أنني أشاهد قناة العربية
وليس أي قناة أخرى، وسألت: مالذي يجري؟).
وجاءنا المعارض الإخواسلفي السابق الذي عاد وانقلب
على كل ما يؤمن به، كساب العتيبي، ليوجه رسالة الى العائلة
المالكة بأنه يجب ألا تمر جريمة حكاية حسن مرور الكرام.
صدق المغرد (رمق) حين قال: (حكاية حسن خذلان لجماهير اعتادت
على الخطاب الطائفي والتجييش ضد الاخر والكذب عليه. وهذا
لم يجدوه؛ لذلك تراهم غير راضين عن البرنامج). وصدقت الكاتبة
ايمان الحمود، حين قالت: (عندما تربي جمهورك على اعلام
موجه ومباشر، وذي رأي احادي واتجاه واحد، فلا تتوقع منه
أبداً ان يغفر لك هفوة شاء القدر أن تصبّ في مصلحة خصومك).
العربية واخواتها حاولت الرد، فقال المذيع محمد ابو
عبيد: (مَثَلُ الذي يهاجم العربية بسبب حكاية حسن كمثل
الذي قرأ قصة دون أن يلتقط معانيها فلم يفهمها)؛ واضاف:
(مشكلة كثير من العرب هي انهم يريدون شرحاً للمشروح، وتوضيحا
للواضحات، وتفسيراً للمفسر، وهذا بالضبط ما فعلوه إزاء
حكاية حسن). والصحفي وحيد الغامدي يقول: (البرنامج ليس
فيه أي تلميع لحسن نصر الله، لكن المتلقي الذي لم يتعود
إلا على قناتي صفا ووصال لن يرى أي نمط للمهنية إلا من
خلالهما). ايضا المقدمة التلفزيونية الأردنية علا الفارس
تخاطب المعترضين بالحقيقة: (لا توجد قناة اخبار تنتج تقارير
شبه يومية عن جرائم إيران واتباعها مثل العربية) هذه هي
الحقيقة الواضحة.
# السعودية تمتلك قنبلة نووية
نعم.. السعودية تمتلك قنبلة نووية، ومنذ عامين، وهي
ستجري تجربة نووية خلال أسابيع!
هذا ما قاله الصحفي السعودي المثير للجدل، دحام العنزي،
الذي دعا ذات يوم الى مقاطعة عربية سياسية شاملة لإيران،
وإغلاق سفاراتها، واستبدالها بسفارات اسرائيلية.
جاء كلام دحام هذه المرة من قناة روسيا اليوم، في حوار
حول اعلان السعودية رغبتها التدخل برّياً في سوريا.
بالطبع فإن دحام العنزي، الذي يستضيفة التلفزيون السعودي
الرسمي باستمرار، لم يكن ليقول ما قاله بدون توجيهات من
الأعلى، لبيع بضاعة كاذبة مغشوشة على الشعب المسعود بالذات،
إذ لا يمكن ان يكون هذا التهريج قابلاً للتسويق لدى شعوب
أخرى هي أكثر وعياً سياسياً، وليست مهووسة كما أتباع آل
سعود بالحرب الطائفية.
ال سعود يبحثون عن نصر ما في ظل هزائم متتالية. وكلّما
زادت الخسائر زاد التهريج، وزاد تضخيم المنجزات الوهمية
الفضائية، وزاد معه التضليل حتى بات الإعلام السعودي يحوي
كمّا هائلاً من الأكاذيب غير المسبوقة وغير قابلة التصديق.
دحام الذي دعا الى فتح سفارة صهيونية في الرياض، في
نفس موقع السفارة الإيرانية؛ موضحاً ان علاقات دبلوماسية
مع اسرائيل تعود على السعودية و العرب بمصالح سياسية واقتصادية
للقضاء على ايران. هذا الدحّام، الذي رشح انور عشقي ـ
المتصهين الآخر ـ ليكون أول سفير للرياض في تل أبيب، وليكون
هو، أي دحّام، التالي.. لم يعاقبه أحد، ولم يُمنع من الكتابة،
بل جرى تكريمه أكثر فأكثر، وسُمح له بالحديث عن الموقف
الرسمي ليس فقط من خلال الفضائيات السعودية والتلفزيون
المحلي، والكتابة في الصحافة السعودية.. بل وأيضاً أن
يطلّ على العرب والمواطنين بالذات من فضائيات خارجية،
وكأن آل سعود يريدون زيادة الفضائح، اكثر مما فعله تركي
الفيصل الذي صافح بالأمس وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون.
تناولت وسائل التواصل الاجتماعي كلام دحّام العنزي
بالسخرية والتقريع، ووصفه أحدهم بأنه (حمار لا يعرف ما
يقول)؛ وتساءل يحي سمير: (من أين يأتون لنا بهذه النماذج)؟!
في حين سأله عبدالله ياسين من أين اشترت السعودية القنبلة:
(حبّينا نعرف، من أيّ سوق أو بقالة)؟ أما المعارض الدكتور
حمزة الحسن فعلق: (ما أكثر هياطكم. ما قدروا يصنعوا إبرة،
قالوا: صنع قنبلة نووية). أما المغردة اليمنية فينوس دعت
بسخرية الى المشاركة المالية حتى (نشتري قنبلة نووية ونضرب
بها السعودية، ونخلَصْ من شرّها. هكذا تعب، كل يوم قصف
بكل أنواع القنابل).
في مقابل هذا، وجدنا رنّة فرح وبشارة تتكرر بين أتباع
آل سعود بالخبر المفرح بامتلاك القنبلة النووية. وقال
آخر: (قريباً نكون في النادي النووي. تأخرنا كثيراً، لكن
تتأخر، خير من أن لا تأتي). غبيّ ثالث علّق: (دحام العنزي
قال عند السعودية قنبلة نووية، والكلاب المستعربة ما ناموا
منذ يومين. ترتعش فرائصهم من الهلع والخوف).
مبروك لكم يا آل سعود على هذا الجهل، وعلى هذا التجهيل
للشعب!
# إلغاء هيئة المنكر
تجاوزات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل
المؤسسات الدينية الوهابية الرسمية، بما فيها مؤسسة القضاء،
والتعليم الديني، تصاعدت بشكل صاروخي منذ تسنّم الملك
سلمان العرش قبل نحو عام. ولا غرابة في ذلك، فقد انتهج
الملك الجديد سياسة التصاق مع التيار الوهابي، وأزال كل
الحواجز أمام شرعنة إرهاب هذا التيار ومؤسساته، بقوة سلطان
الدولة، وبموافقة من الأمراء الساعين الى تعضيد اللحمة
الداخلية النجدية، في ظل أزمة متعددة الجوانب: سياسية
وأمنية ومالية واقتصادية وتنموية وغيرها.
لهذا نجد تجاوزات هيئة الأمر بالمنكر تتكرر، وكان آخرها
اعتقال الاعلامي علي العلياني، الذي كان أحد اشد المنتقدين
لرجال الهيئة، فما كان منهم الا ان اعتقلوه، بحجة السكر
والعربدة وحضور نساء في حفل ماجن. وفي اللحظة نفسها، قام
رجال الهيئة وانصارهم المتطرفون ببث الخبر وإشاعته خلاف
القانون. ثم بعد ايام تبين ان كل الدعاوى كاذبة، وأن رجال
الهيئة ليس فقط يتجسسون على الناس، بل ويزيفون الإتهامات،
بلا رادع من قانون او دين او ضمير.
حكومة الأمراء، اعتادت ان تشغل المجتمع بصراع داخلي،
بين مؤيدي الهيئة ومعارضيها، وهو شكل من أشكال الصراع
بين المؤسسة الدينية الوهابية بكامل اطقمها، مع من يسمون
بالتيار الليبرالي. وقد استمر هذا الصراع الذي يستمد كل
طرف أدواته من السلطة السعودية نفسها، ولصالحها، بحيث
ان كل طرف يزعم انهم احرص من الآخر على حفظ عرش آل سعود؛
بل ان كل طرف يحرّض النظام على خصمه.
هذه معارك لم تنته، غرضها اشغال المواطن، وتنزيه آل
سعود، وجعل التغيير والإصلاح امراً مستحيلاً، عبر تغيير
الأولويات، وافتعال الأزمات، ليصبّ كل ذلك في جيب الأمراء،
الذين يقفون مع هذا الطرف تارة، ومع ذاك تارة أخرى.
بعد التجاوزات الكثيرة من قبل رجال الهيئة، طالب مواطنون
كثر بإلغائها، ولكن هؤلاء يتناسون أن آل سعود لا يستغنون
عن هيئة المنكر كقوة قامعة للداخل، تعمل لصالحهم، وان
الهيئة مجرد جهاز رسمي لكنه على صلة بقضية أهم وهي دعم
التحالف الوهابي السعودي.
المفكر محمد علي المحمود علق: (قلناها أكثر من مرة:
الهيئة غير قابلة للإصلاح. لاحلّ لها إلا بإلغائها)؛ والكاتب
الدكتور توفيق السيف ينسج على ذات المنوال: (قلتها منذ
سنوات وأعيدها اليوم: لا يوجد حل لمشاكل الهيئة. الخيار
الوحيد هو حل الهيئة، وإراحة المجتمع السعودي من هذا الهمّ
الثقيل). والكاتب سعيد السريحي يرى أن (إلغاء هيئة الأمر
بالمعروف أخفّ ضراراً من تعريض أمن المواطنين للخطر، وسمعة
بلادنا للسخرية). ومثلهم الدكتور عبدالعزيز بن فوزان يرى:
(لا حلّ للهيئة إلا بحلّ الهيئة).
لهؤلاء جميعاً، يقول مازن الكفيف: (لا أريد
تحطيم معنوياتكم. لكن الواقع المرّ هو ان ميليشيا الهيئة
تحظى بصلاحيات واسعة، وتتمتع بحصانة كبرى، والحكومة لن
تلتفت لكم). مغردة أخرى تقول لهؤلاء: (الهيئة عبارة عن
بلطجية يعملون لصالح الحكومة؛ فهي راضية عن كل جرائمهم
ضد الشعب).
المحامي محمد الجذلاني، قال: (الدولة تمرّ حالياً بمأزق
اتهامها أنها الحاضنة لفكر داعش، ومثل هذه الممارسات وبعض
الفتاوى تورّط الدولة وتحرجها أكثر). لكن المحامي خاف
من رجال الهيئة او من رجال المباحث لا فرق، فقال انه مضطر
لحذف التغريدة خشية ان يصنّف بانه (عدوٌ للدين)! لم لا،
فهذا عبدالله زقيل، ينقل رأي الشيخ عبدالكريم الخضير،
عضو هيئة كبار العلماء بأن (التطاول على الهيئات بمنزلة
قتل الأنبياء)؟!
الصحفي قينان الغامدي وصف الوضع كالتالي: (هذا عصر
طغيان الهيئة، ووقت انتهاك خصوصيات الناس وحرماتهم، وهتك
حرياتهم. هذا عصر لا نظير له حتى في القرون الوسطى المظلمة).
لا مانع لدى رجال الهيئة من التجسس وسوء الظن والقذف وانتهاك
الخصوصيات والضرب والتعذيب والتهديد والإذلال والبذاءة
والإنكار في الخلافيات وكشف المستور، وشهادة الزور، كما
يرى أحمد العواجي، وقد أدى هذا الى قيامهم بأعظم منكر،
وهو تشويه الدين والمساهمة بالإرتداد عنه.
|