تحرير الحديدة تمّ في (تويتر) فحسب!
احتلال الحديدة من قوى العدوان السعودي الاماراتي هدف
كبير. يعتقدون ان تحققه يعني سقوط صنعاء الحتمي بين أيديهم.
ومع ان هذا غير دقيق وغير صحيح، الا اننا فوجئنا بهاشتاقات
وتغريدات سعودية تقول ان الحديدة سقطت، بمينائها ومطارها،
وان انصار الله سيسلمون سلاحهم علامة على الإستسلام للقوات
السعودية الغازية.
في هاشتاقات (# الحوثي يسلم سلاحه # الحديدة تتحرر
# الساحل الغربي).. كانت هناك تغريدات رغبوية من جهة،
وكانت هناك، كما هي عادة الاعلام السعودي الاماراتي، مزاعم
نصر قبل أن يتحقق من جهة ثانية.
الذي جرى فيما يسمى الساحل الغربي من اختراق اماراتي،
تمت معالجته، وتمت هزيمة القوات المرتزقة التي تقودها
الإمارات، الى حد مطالبة الأخيرة أمريكا بأن تتدخل لمساعدتها،
حسب صحيفة وول ستريت جورنال.
اعتدنا على عكاظ هكذا مانشيتات: (التحالف يجهض أحلام
الملالي، وإيران تذعن)؛ لكن لم يكن متوقعاً ان يقع عبدالرحمن
الراشد في مصيدة اعلام يواليه هو، وتحدث عن السيطرة على
ميناء الحديدة. مبارك آل عاتي وقع وآخرون في مأزق الترويج
لكذبة ضاحي خلفان وحمد المزروعي وجاؤوا بصورة من ميناء
عدن ليقولوا ان الحديدة تحررت ودخلتها قوات التحالف وهي
تمشّطها!
المعارض السابق كساب العتيبي، قال ان الحوثيين يتساقطون
والمشروع الإيراني يتبخر ويتلاشى. صحيفة المناطق السعودية
الرسمية تحدثت عن اختفاء كلي للحوثيين في الحديدة وان
القيادات فرت منها. والصحفي النجدي سامي العثمان غلب الجميع
في التهريج. قال ان لديه معلومات دقيقة تقول انه حدث انزال
مظلي سعودي في الحديدة، وقُبض على جنرال من الحرس الثوري
دخل اليمن بطائرة عُمانية، وزاد ان الحديدة حُررت كاملة:
ميناءً ومطاراً وجميع مفاصلها حسب زعمه. وزاد بان الجنرال
الإيراني المزعوم سيظهر للإعلام ليكشف عن الخونة الذين
أدخلوه في إشارة الى سلطنة عُمان، لينتهي الى حلم آخر،
يبنيه على حلم سابق، فبعد تحرير اليمن سيتم تحرير العراق
وسوريا ولبنان والقرن الأفريقي.
ضد كل هذا غرّد الشاعر معاذ الجنيد عن هزيمة الساحل
الغربي:
غُزاةُ الساحل الغربيِّ غرقى
تموج بهم براكينٌ غِضابُ
سلاحهم الثقيلُ أخفُّ منهمْ
وجيشهمُ العميلُ به اضطرابُ
أجيشٌ ذاك؟ أم ساعي بريدٍ؟
به حملوا السلاح لنا.. وغابو
كأنّ مدرّعات الغزو رسمٌ
كأن كتائب الغازي ثيابُ
وأضاف الجنيد:
جحيمٌ أنتَ قلْ لي أم ترابُ؟
جميع الزاحفين اليكَ ذابو
أتاك المعتدون وهمْ أُناسٌ
وعادوا من ثراكَ وهمْ ضبابُ
أتوا والدمُّ داخلهُم غرورٌ
وعادوا وهو خارجهمْ خِضابُ
رجل المخابرات، سعد بن عمر، يقول ان نتائج معركة الحديدة
محسومة سلفاً لصالح آل سعود، والسبب ان الحوثي لا يملك
طيران ولا حاضنة ولا قوات. ويزيد مستعلياً ومستعجلاً النتائج
بأن اقترح ان يكون أحمد ابن علي صالح، ملكاً لليمن، حيث
تُلغى الجمهورية وتعود الملكية. الصحفي محمد آل الشيخ
قال ان (الحديدة على وشك ان تتطهر من رجس الحوثيين) واتهم
الانجليز بدعم اخوان اليمن وانها تمنع احتلال الحديدة.
ويبدو ان التغريدة استفزت المعارض حمزة الحسن فقال: (كيان
سعودي صنعته بريطانيا، يقفز على جاره، ويريد ان يطهّر
الحديدة واليمن من أهلها بسلاح وخبراء من أمريكا وبريطانيا..
ثم يصف اهل الأرض بالمحتلين ويرميهم بالعمالة لبريطانيا..
هزُلت). ولاحظ الحسن ان الشائعات التي تصنعها السعودية
تفتك بأنصارها وليس بخصمها.
فجأة أعلنت الامارات والسعودية انها تريد تحرير الحديدة
مباشرة، رغم كل ما جرى في جبهة الفازة والجاح!
وانتظر الخليجيون ساعة الصفر التي ستطهر الحديدة خلال
يومين فقط، ليصبح العيد عيدين (عيد الفطر وعيد احتلال
الحديدة).
بدأ الهجوم، وفي أول محاولة انزال عسكري بحري إماراتي،
ضربت بارجة حربية اسفرت عن احراقها وقتل العديد من الجنود
الاماراتيين، اعترفت الإمارات بأربعة فقط، عدا الجرحى.
اكثر مثقفي السعودية بالذات لم يتحمسوا كثيراً ولم
يعلقوا على الأمر، والسبب بنظرنا هو أنه قد سبق لهم أن
انخدعوا بالاعلام الرسمي مرات ومرات، زعم فيها قرب احتلال
صنعاء والحديدة وتعز وصعدة وغيرها، ثم اكتشفوا ان تصفيقهم
كان تصفيق حمقى في ماكنة إعلامية. لكن لا تعدم السلطة
مصفقين متحمسين.
الإعلامي محمد العوين، كتب بأن أحلام الفُرس تتهاوى
في اليمن؛ والناقد الغذامي يزعم بأن احتلال الحديدة بمثابة
(تحرير لليمن وللإنسان اليمني). والإعلامي سامي العثمان
قال أن مساجد الحديدة تهلل بالنصر؛ ورغم ضرب البارجة الإماراتية
تحدث عن اكتساح بحري لشواطئ الحديدة؛ بل أن صعدة لحقت
بالحديدة وانفجرت براكين، منتقلاً كذبة الى أخرى اكبر
منها!
سعد بن عمر يقول بضرس قاطع: (اضمن لي بدايتها اضمن
لك نتائجها) يقصد المعركة. وسبق أن قال انه إن لم تتحرر
الحديدة خلال ١٠ أيام، (فليعلم الجميع انها
خدعة لاستنزاف السعودية والإمارات لافلاسهما).
ومن وجهة نظر جمال خاشقجي فان تحرير الحديدة وتعز،
سيؤدي الى استسلام صنعاء بدون قتال. هكذا سمع من عبدربه
هادي قبل عامين. علق على ذلك حمزة الحسن: (مدينة واحدة
إن تحررت تأتيك الرياض زحفاً: جيزان، او أبها، أو حتى
العزيزة نجران)؛ وأضاف: (جنوبيو المملكة هم حطب حرب ورعونة
ابن سلمان. وجنوبيو اليمن حطب أطماع ابن زايد. مؤلم ولكن
المرء قد لا يتعلم الا بعد فوات الأوان).
وفي وقت يتحدث فيه الإعلامي فيصل بن مشرف عن انهيار
دفاعات الحوثي وهروب قياداته واقتحام المحتلين لشوارع
الحديدة؛ وكل ذلك كذب طبعاً؛ يفاجئنا مغرد بتعليق ساخر:
(في الصبح كان هاشتاغ تحرير الحديدة؛ وفي المساء صار هاشتاغ
شهداء الإمارات البواسل). وفعلاً هذا ما حدث بالضبط.
وكانت تغريدة محمد آل جابر، سفير آل سعود في اليمن،
قد سببت هياجاً من البشائر، مع ان كل ما قاله هو: (الحديدة
تتحرر، اليمن يتنفس). ايضاً قدم لنا سفير آل سعود في واشنطن
وابن الملك خالد بن سلمان، تغريدة ترفع المعنويات: (الشجاعة
صبر ساعة، والنصر قادم لا محالة).
اعلامي خليجي هو عبدالله المطوع ينقل المعتاد من الأكاذيب:
(لن تشرق شمعة الجمعة ـ يوم عيد الفطر ـ الا والحديدة
محررة بمطارها والميناء). والخرفان ضاحي خلفان ذهب بكذبته
بعيداً حين زعم ان عبدالملك الحوثي هرب في زورق صيد الى
ايران! ما دفع بمغردة ان تقول له: (أضحكتَ الصمّ وضحك
عليك العارفون)؛ وتساءل آخر جاداً هل في خلفان مرض (شنو
هالانتصارات الكاذبة، عيني عينك).
واستعجل الإعلامي الفاشل يحيى جابر، النصر؛ وقال في
تغريدة تعج بالأخطاء، ان الحديدة قد تحررت مائة بالمائة،
وان الحوثيين سلموا انفسهم، وأضاف: (سيموت الخروف النتن
حمد بن خليفة غيضاً ونكداً، وسيهزم اردوغان الصوفي العنصري).
مشايخ الوهابية يعتبرون العدوان على اليمن، حرباً جهادية
بين الإسلام والكفر او المجوسية. وهذه هي اللغة الداعشية
نفسها التي استخدمها الاعلاميون السعوديون.
الداعية خضر بن سند يدعو الله ان ينصر عباده على الحوثيين
والمجوس، وكأن أهل اليمن ليسوا من عباد الله الذي يطالبه
ان يطهر الأرض من رجسهم. والشيخ الوهابي عبدالعزيز الريّس
يريد عزّا لتوحيد آل سعود الوهابي باحتلال الحديدة، ويسأل
الله (قمعاً للرافضة الحوثيين)؛ ولأنها حرب مذهبية بنظره
دعا الله: (اللهم عمّ بلاد اليمن بالتوحيد والسنّة). ايضاً
فان الأمير خالد آل سعود ليس فقط أنهى بطولته فاحتل الحديدة،
بل وعد بتطهير صنعاء (من رجس المجوس)! واما هيئة كبار
العلماء الوهابيين، فأعضاؤها واثقون من نصر الله لآل سعود
وجندهم، ودعوا الله على اليمنيين المُعتدى عليهم (أنزل
بهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين).
ولا يمكن ان يكون دعاء عائض القرني لجنود آل سعود وآل
نهيان الا دعاءً دينياً، مقابل خصم كافر، وتُستخدم الآيات
في ذلك: (نصرٌ من الله وفتحٌ قريب). والشيخ السعيدي ينصح
الجنود اليمنيين ببلاهة، بأن يهربوا الى بلداتهم ويعودوا
الى آبائهم؛ او يسلموا أنفسهم أسرى (لجنود الحق والعدل)
السعودي.
تسخر المغردة وداد منصور: (بداية رمضان جيشنا يحرر
صنعاء؛ وفي نهايته يحرّر الحديدة. لو يطوّل رمضان شوي
بس، كان حررنا جزر الإمارات).
وفي زحمة التعليقات فاجأنا الإعلامي الصهيوني أيدي
كوهين ليصف الهجوم على الحديدة بأنه ضربة موجهة لإيران،
وليبارك لقوات السعودية والامارات تقدمها، وعقبال تحرير
صنعاء ودمشق وبغداد وبيروت!
أما وزير الذباب الالكتروني سعود القحطاني، فكان مستاءً
من تميم وقناته الجزيرة، وقال ان (الصغير يحرّض العالم
على مجاهدي هذا الزمان) يقصد الجنود السعوديين ويضيف:
(اخسأ فلن تعدو قدرك).
من جانبه نصح الاكاديمي الاماراتي عبدالخالق عبدالله
بأن لا يُستمَع للمنظمات الدولية التي تتحدث عن التكلفة
الإنسانية لتحرير الحديدة، ظناً منه ان الطريق الى تحريرها
معبّد بالرياحين!
هذا ما دفع شاعر اليمن معاذ الجنيد للقول مخاطباً الاماراتيين:
إنّا لنَخْجلُ حقاً، أن نُحارِبَكمْ
إذْ كان يكفي اجتياحٌ بالهراواتِ
(٨) الطائشاتُ من النيرانِ تقتلكمْ
كأنكم صيدٌ أخطاءِ العياراتِ
إذا أصابتْ.. أصابت قلبَ مُرتَزَقٍ
إنْ أخطأتْ .. فهي في رأس (الإماراتي).
وخاطب الجنيد محمد بن زايد بقوله:
أنهيتَ حُكمكَ قبلَ البدءِ مُنتحراً
إنّ (التصهينَ) بابٌ للنهاياتِ
حمّلتَ نفسكَ حرباً لستَ صاحبه
وما لديكَ رجالٌ للمهمّاتِ
يا فاقداً عقلَهُ في كلّ مسألةٍ
قل ليْ بربّك ما تحتَ العقالات؟
لا الحربُ عادتْ بنصرٍ تفخرون بهِ
ولا الإمارات، ظلّت كالإماراتِ
هذا ولازال الاعلام السعودي الاماراتي يتحدث عن انتصارات
لم تنقطع منذ أكثر من ثلاث سنوات.
|