الأسبوع الرابع: الإعتراف الصدمة: قتلنا خاشقجي!
وأخيراً.. احتاجت الحكومة السعودية لكل
وسائل الضغط السياسي والإعلامي في العالم لكي تعترف بمقتل
جمال خاشقجي في قنصليتها بإسطنبول، ولتقول بأنه قتل أثناء
التفاوض معه للعودة الى بلاده، وان محمد بن سلمان والحكومة
لم تعطِ أوامر بالقتل، فمات بعد ان صرخ وتمّ إخراسه خنقاً.
كما قررت الإطاحة بنائب رئيس الاستخبارات احمد عسيري؛
وسعود القحطاني مستشار ابن سلمان في الديوان برتبة وزير،
والذي يعرف بمسؤول الذباب الالكتروني، قبل ان يتبين لاحقاً
بأنه كان الموجه المباشر لعملية القتل والتقطيع الإجرامية
وتوجيه القتل بصورة حيّة ماذا يفعلون وتصويرها عبر سكايب!
وهنا.. أُسقط في يد إعلام السلطة، وكتابها،
وذبابها الإلكتروني.
ما توقعوا ان آل سعود قد وصلوا الى هذا
المستوى من الإجرام.
ولا توقعوا ان مخابراتهم بهذا المستوى
من الإنحطاط الإنساني، والسذاجة في التخطيط والأداء.
ولا توقعوا ان سياسييها بهذا المستوى من
الفجاجة والأميّة والنفاق والكذب.
الإعلامية السعودية في باريس إيمان الحمود، سخرت من
قتل خاشقجي اثناء التفاوض، وقالت: (أرجو إيجاد صيغة أكثر
إقناعاً، فلا أحد يصدّقنا). ولاحظت في التغطية الإعلامية
للخبر، كيف ان صورة خاشقجي غطّت الواشنطن بوست لأنه كتبها
فيها مدة سنة، في حين ان جريدة الوطن التي كان اول رئيس
تحرير لها، لم تنشر حتى صورته، مع الاعتراف بقتله! زاعمة
تطبيق عدالة سعودية لا أحد يصدّقها. وسألت (بدون زعل)
ما اذا كانت الحكومة ستنشر صور المتهمين بالقتل، وعليها
عبارات التخوين بخط عريض، كما فعلوا بالأمس مع الناشطات
والناشطين؟
الكاتب رائد السمهوري سخر فقال: (إن أردتَ إقناع أحد
بشيء، فأرسل إليه فريقاً للتفاوض). وابن عاتق يرى بان
مقتل خاشقجي كان عرضاً لأزمة أدارها من لا يجيد حساب العواقب.
جوهر الأزمة بنظره هو إدارة الملفات السياسية بعقلية أمنيّة
مفرطة، ما حوّل حتى المؤيدين الى معارضين بالقسر، وأضاف:
(من يدير الملف السياسي متخصص في فن صناعة الأعداء). وحذّر
بن عاتق من خطورة الاستماع لصوت ورأي واحد والعيش بعقلية
الإنكار. ما حدث من صدمة حين اعترفت الحكومة بقتل خاشقجي
سببه ـ بنظره ـ تصديق المواطنين لرواية واحدة هي رواية
الحكومة. وضرب بن عاتق مثالاً، بما قالته الرواية الرسمية
من ان خطيبة خاشقجي صنيعة مخابرات للتغطية على أمور أكبر،
وقد ظهر بطلان ذلك.
الدكتور فؤاد إبراهيم سخر من الرواية السعودية ومن
تبرئة الملك لذاته، وقال انه هو اول من يجب ان يُحمّل
مسؤولية قتل خاشقجي. ورأى انه اذا ما تم تحميل ابن سلمان
مسؤولية الجريمة، فقد يزداد شراسة وبطشا ويلجأ الى التصفيات
الجسدية الداخلية التي قد تشمل أباه أيضاً. وأضاف: يجب
إفشال لعبة القرابين لإنقاذ ابن سلمان. وانتهى الى: (سيناريو
الجريمة سيء، والأداء أسوأ، والإخراج فضيحة).
الحقوقي في المنفى طه الحاجي، يؤكد انه لا يستطيع أي
مسؤول ان يتصرف إلا بعلم ولي العهد وموافقته. لا يكفي
ان يكون سعود القحطاني واحمد عسيري ومن معهم كبش فداء
لجرائم محمد بن سلمان. المهم الآن: أين جثّة جمال خاشقجي؟.
ويسأل المعارض سعد الدوسري: كيف لمجرم أن يترأس لجنة تحقيق
في أقذر وأغبى جريمة اغتيال في التاريخ؟
الحقوقي الآخر يحي عسيري، قال ان ابن سلمان لن ينجو
من فعلته مهما حصل. لا تكن مثل عسيري تخدم الطغاة ثم يتبرؤون
منك. ونصح: أيها العسكريون: لا تكونوا شركاء في ظلم أحد
سواء بالحرب او داخل الوطن ضد المواطنين في الشرقية او
القيام باعتقالات وتجسس وتعذيب.
ضياء بن سعيد كان مفجوعاً من اعتراف السلطة بمقتل خاشقجي:
(رغم كل الدلائل والتسريبات تمسكنا بالوهم. حاربنا وهاجمنا
في جميع الاتجاهات. أغمضنا أعيننا، وذلك لثقتنا انه ليس
بيننا من قد يجرؤ على ذلك). وأضاف: (ما حدث كابوس مرعب
لا نتمناه لأحد). (محزن انه كان بيننا من ينهش لحم جمال
ويشتمه ويخونه. لتكن وفاته بابا يعلمنا ثقافة الإختلاف).
اما الآن (فسيهاجمنا كل العالم دون هوادة ولا رحمة. حان
الوقت لأن نحتوي كل قلم مخالف، ان نتقبل كل الآراء بلا
تعصب. ان ننفتح على بعضنا).
المعارض عبدالله الغامدي يسأل في اعقاب الرواية الرسمية:
لماذا التضحية بالمسؤولين، لماذا تم إخفاء الجثة؟ لماذا
لم تعترفوا من البداية؟ كيف وصلت أدوات تشريح الجثة للقنصلية؟
وفارس أبا الخيل يؤبّن صديقه الخاشقجي: (رحمك الله. دخلت
القنصلية لتحصل على ورقة تمكنك من بدء حياة جديدة ولكن
لم تخرج. قتلوك الأوغاد والسُّفّلْ). وأضاف: (عندما تصبح
سفارة وطنك مكاناً للقتل والاختطاف، فاعلم ان وطنك قد
اختُطفَ قبلك).
نورة الدعيجي، كتبت بسخط وغضب شديد عددا من التغريدات
تحوي العديد من الأسئلة: الى أين قدتم بلادنا؟ كيف حولتموها
هكذا؟ انه يوم العار. اختطفتم روح شخص يفترض انه منكم،
وعلى أرض أجنبية يفترض ان تكون ملجأ له. لماذا كسرتم قلوبنا
بخبر وفاته على يد سعوديين مثله وداخل قنصلية بلده؟ (ليش
قالوا لنا ان خديجة هي السبب في اختفائه؟. ليش هاجموا
شكلها وشرفها وكل شيء؟). لماذا قالوا ان جمال حي ورسموا
دوائر حول المدن التركية وقالوا لنا: لا يلعب عليكم اعلام
الأعداء؟ ثم (ليش قالوا لنا أن قطر وتركيا خطفوا جمال
عشان يشوهون صورة السعودية؟). ليش قالوا لنا ان تركيا
ليست آمنة؟ ليش قالوا ان جمال خرج من السفارة وان الكاميرات
خربانة؟ ليش قالوا لنا أن الـ ١٥ شخصاً كانوا
كلهم سيّاح؟ وان اللي يسافر سياحة لتركيا خونة؟ ليش قال
اعلامنا ان اهل خاشقجي اكدوا انهم ما يعرفون خطيبته؟ ليش
استغلوهم سياسيا إضافة الى انهم ممنوعين من السفر؟ ليش
قالوا لنا ان جمال قتل بالخطأ وان الهدف كان إرجاعة للسعودية
فقط؟ والآن يقولون ان قتله كان عمداً ومخطط له؟
|
الناشطة في المنفى منال الشريف، اعتبرت اعتراف الحكومة
وروايتها سخيفاً جاء تحت الضغط العالمي. وطالبت بعد اعتراف
آل سعود بقتل خاشقجي، نشر صور جثته وتقطيعها بالمنشار.
وسألت: لماذا ابن سلمان لايزال ولياً للعهد ولم تتم تنحيته؟
وقالت ان ابن سلمان برر اعتقال الحقوقيات بعمالتهن وان
لديه فيديوهات لتواصلهن مع جهات معادية. وتحدّته: الآن
نريد نشر الأدلة بأنهن جواسيس لحساب العدو. وختمت: (دية
جمال خاشقجي هي اطلاق سراح سجناء الرأي، وحرية تعبير،
وملكية دستورية).
|
علياء الهذلول، اخت الناشطة المعتقلة لجين الهذلول،
سألت: كيف وصلنا الى هذا الحال؟ وأبدت خشيتها من كتابة
عبارات عزاء لروح خاشقجي لأنها تشعر بالخوف من التخوين!
وقالت مغردة أخرى: اذا كان كل هذا القتل والتقطيع حصل
لصحفي مشهور تحت نظر العالم في دولة اجنبية، فكيف حال
المعتقلين المجهولين داخل بلدهم؟). والدكتور سعيد الغامدي
يعلق من منفاه مخاطباً المنشار ابن سلمان: (يا هذا! ما
أوقعك في المهالك إلا اسرافك في الظلم والكذب. ثم ها أنت
مستمر في تكذيب الحقائق، وتقوم بتغطية كذبة كبيرة بأخرى
أكبر منها). ودعا الله: (اللهم ان نجا من فضحته في العالمين،
فسيفتك بالسجناء ويسجن آخرين. اللهم اجتثّ خضراءه واقطع
حوباءه، وفاقِم بلاءه).
وتشتطّ مضاوي الرشيد غضبا: (انت المسمّى سعودياً المدافع
عن النظام، أثبتَّ انك جبانٌ وإمّعة، سافلٌ حقير، ربطتَ
مصيركَ بجماعة مارقة قاتلة. ادفن وجهك في الوحل، لن تحترمك
الأجيال).
الكاتب سلطان العامر يكتب من أمريكا محذرا المواطنين
من خداعهم باسم حب الوطن والدين؛ فالوطني يدافع عن وطنه
بالعدل ويسعى لإصلاحه، اما الوطنجي فيستغل حب الوطن للسب
والشتم والتخوين والتخويف. وأضاف مطالبا النخب السعودية
بالتفكير فيما حدث وكيف انه ناتج طبيعي (لسياسات القمع
وتكميم الأفواه وثقافة التخوين والتجهيل والهياط). وتابع
العامر بأنه وطلبة سعوديين آخرين شعروا بالخوف منذ بداية
قصة خاشقجي، وأنهم بدأوا بالبحث عن الإقامة في أمريكا.
هذا امر محزن ان يخاف مواطن من وطنه ويجبر على الهروب
منه.
ومن وحي الأزمة، طالب العامر بمجلس شورى منتخب كامل
الصلاحيات؛ وإعطاء المواطنين حقهم بتأسيس منظمات مجتمع
مدني؛ محذراً من ان غياب الحرية يفقد الثقة في كل مؤسسات
الدولة. فعدم وجود صوت ناقد يعني ان كل صوت هو ممالئ أو
مأجور. ونصح بأن القوة ليست بالقمع بل بالقدرة على الإحتواء.
كما طالب العامر بإلغاء القوانين التي تعيق حرية التعبير
مثل قانون الجرائم الإلكترونية وقانون مكافحة الإرهاب
والمحكمة الجزائية التي أصبحت سيفاً مصلتاً على رقاب المفكرين
والناشطين. وقبل هذا، يرى العامر أنه لا بد من الافراج
عن كافة معتقلي الرأي من كافة التيارات والمذاهب، واغلاق
ملف القمع السياسي الى الأبد.
المعارض اللاجئ في كندا عمر بن عبدالعزيز، يعلق بان
آل سعود كمنوا للخاشقجي وخططوا لاستدراجه وهددوه وشتموه
وضربوه ثم قتلوه ثم سرقوا ثيابه وساعته وأغراضه وتنكروا
فيها.. وبعد ان مزقوا جسده واخفوا جثته وزعموا خروجه وطعنوا
في زوجته، وبعد ثلاثة أسابيع اعترفوا بقصة مختلقة ثم يريدون
منا التصفيق!
المعارض محمد سليمان، قال ان بيان الحكومة مسرحية صنعها
ترامب بحديثه عن (عناصر مارقة). لن تمر المسرحية، لسنا
حمقى بما يكفي. وخاطب ابن سلمان: ان اردت ان تكذب، فاحبكها
بشكل صحيح. والناشط الحقوقي في المنفى عادل السعيد يرى
ان جريمة قتل الخاشقجي البشعة أماطت اللثام عن الوجه الحقيقي
للسعودية المارقة.
(الحزن هو كل ما أشعر به الآن) يقول الطبيب وليد الماجد.
ويضيف: (أبخرة سامة من الهياط والتخوين حجبت طبقات الأثير
لأطول مما ينبغي بكثير. كم أتمنى أن تُطوى مرحلة عربجة
الإعلام) السعودي طبعاً. وزاد بأن التجسس الحكومي عن طريق
تويتر، والهوس بالمعارضين غير صحّي، وضرره أشد من نفعه
بمراحل!
الإعلامي جميل الرويلي كان شجاعاً وكتب من داخل بيت
الأشباح السعودي فقال انه يرى بان السكوت وعدم نقد كمية
الكراهية التي ضخها الاعلام السعودي كان خيانة؛ وقد كانت
الحكومة بحاجة الكوابح حتى تكون اكثر واقعية واتزاناً
وأول الكوابح حرية المجتمع في مناقشة التطورات؛ ورأى ان
مقتل خاشقجي مؤلم لكن (المجتمع السعودي كله كان يتم التحقيق
معه ويتم خنقه تحت هاشتاقات القائمة السوداء وكشف حساب
الخونة وقائمة المشاهير السوداء)، الى حد وجود أسماء وكلاء
وزارات متهمين.
وتابع الصحفي الرويلي (كنا نحاول ان نجد سبيلاً في
هذا الرعب المخيّم علينا أن نقول كلمة تمثل حقيقة رأينا
وشعورنا، دون أن نُهلك أنفسنا أو ان تتم ملاحقتنا من الضباع
الالكترونية)؛ وختم: أدّيتُ ما عليّ تجاه وطني ومجتمعي،
وخاطرت في سبيل ذلك وحذفت من التغريدات بعد نشرها، وكنتُ
طيّباً بما يكفي لإدانتي بتهمة التعبير. لقد أخذ تويتر
من عمري وأعصابي أكثر مما يستحق، وكل ما يجب حدوثه سوف
يحدث.
مغرد أخر رأى ان الاعلام السعودي سمم الرأي العام بطريقة
فاقت كل حد؛ وان ذبابه الالكتروني سلك درب الدرباوية ليصنع
كرامة وعزة ولتصبح السعودية عظمى، فلم يجدوا الا مهانة
وذلة لم تشهدها دولتنا في تاريخها كله. ووصف مفرج المجفل
تسلسل الكذب السعودي فقال: (حين يرتكب الإنسان حماقة ما،
يرتكب حماقة أخرى لمواراتها، ومن هنا تبدأ الحماقات ولا
تنتهي).
قبل أن تعترف الحكومة بقتل خاشقجي داخل
قنصليتها.. حذر عدد من المنتقدين والمعارضين للنظام، حذروا
كتاب وطبالي السلطة بأن يتركوا لأنفسهم مساحة للعودة والتراجع،
بعض ماء وجه. فمن وجهة نظرهم ان ال سعود لن يستطيعوا الاستمرار
في النفي والإنكار. يومها سأل المعارضون والناقدون طبالي
السلطة: ماذا ستقولون وبم ستغردون وكيف تبررون لأنفسكم
إذا اعترفت الحكومة بقتل خاشقجي؟
بعد اعتراف الحكومة بقتل خاشقجي، لاحظ المعارض باسم
مستعار: تركي الشلهوب، بأن من قالوا بأن قتل خاشقجي مجرد
مسرحية مخابراتية، يصفقون الآن لاعتراف الحكومة بذلك،
وبأوامرها: (ما أقذركم يا عَبيْد!). والمغردة وداد منصور
تقول: بالأمس كانت الوطنية ان تنفي مقتل خاشقجي، واليوم
الوطنية هو ان تشكر ولاة الأمر الذين اعترفوا بقتله. هذه
وطنيّة (أندومي).
صدمة كتاب آل سعود كانت كبيرة. العقيد إبراهيم آل مرعي،
قرر الابتعاد عن الاعلام لمدة سنتين بحجة التفرّغ للدراسة
والأبحاث. ومحمد عدنان أحد أذرعة النظام الإعلامية قال:
(أغيب عن تويتر لبعض الوقت، فالمشاعر واجمة والأعصاب هشة.
الى اللقاء). لكنه عاد بعد ساعات ليواصل عملية التضليل
والتطبيل.
تركي الحمد الذي كان واثقاً بأن قطر هي وراء اغتيال
خاشقجي، وانها ستصبح دولة مافيا مارقة تنتفي عنها صفة
الدولة، جاء ليتراجع قليلاً باستحياء (لم يرد في ذهني
انه قد يموت على أيدي مواطنيه)! رد عليه أيمن: انصفك خاشقجي
حين كنتَ معتقلاً، ولكنك لم تنصفه حين تمت تصفيته. ورد
آخر: اذا كانت خبرتك وعلمك لم يسعفك في وضع الاحتمال عند
كل قضية وعدم الجزم باحتمال واحد، فما الفرق بينك وبين
فقير الإدراك؟ ورد فؤاد إبراهيم: (اعتقدت انك ستتوارى
عن الأنظار زمناً، ولكن التطبيل كما الإرهاب له دين بدمغة
سعودية)!
عضوان الأحمري، رمى اكاذيبه واشاعاته ثم اكتشف خطأه
حين تحدث عن صدمة ذبح خاشقجي مع التأكيد بأنه جاء (دون
اذن رسمي)، وتذرع بعدم وجود معلومات، ثم واصل التطبيل
ولكن بهدوء دون ان يعتذر! وطالب الأحمري المعارضين بأن
ينتهجوا خطاب خاشقجي في رقي ألفاظه، ناسياً نفسه وخطاب
اعلام آل سعود. رد عليه المحامي في المنفى إسحاق الجيزاني،
بأن رقة خاشقجي لم تفده شيئاً: غدرتم به وعذبتموه وذبحتموه
وقطعتموه. في جميع الأحوال لن ترحمونا إذا ما نلتم منا.
وحين سمع الأديب عبده خال خبر اعتراف الحكومة بقتل
خاشقجي، صُدم فهو كان يعتقد بنظرية المؤامرة، وعلق بأن
القتلة عفروا وجهه بالتراب لأنه لم يتخيل ان يصل الأمر
الى تصديق ما لا يُصدَّق (لن أجد ما أقوله سوى الاعتذار).
وأضاف بأنه سيكون خصيماً مبينا لكل من قتل او شارك او
مهّد أو أوعز بقتل خاشقجي (الندم المتأخر جرح لا يلتئم).
ووصف القتلة الثمانية عشر بالحمقى فهم (جعلونا تحت نواجذ
العالم). وهاجم عبده الذباب الالكتروني دون ان يسميهم
ووصفهم برقّة العقل، يحتشدون للشتائم وانتقاص الآخرين
في وقت يحتشد العالم كرهاً ضد بلادنا، ودعا الى تخبئة
هؤلاء تحت السجّادة، فهم (مضرّة). وعاد عبده خال وهو يرى
احتشاد دول الغرب ضد آل سعود، وتساءل: (لماذا لا نحشد
دول الشرق الكبرى لإنصافنا؟). أجابه أحدهم: لأن آل سعود
لا يستطيعون، وتلك الدول ليست أدوات انقاذ وقت الحاجة!
واكتفى الدكتور علي التواتي، المدافع عن آل سعود، والذي
كان مندهشاً ايضاً من اعتراف الحكومة بقتل خاشقجي وهو
الذي ما فتيء يدافع عن موقفها، اكتفى بالقول: (حسبنا الله...
رحم الله..) ثم عاد الى سيرة التطبيل مرة أخرى! وجاء تركي
الشبانات ليفلسف الجريمة ويجعلها انتصارا سعودياً لأن
الحكومة اختارت الطريق الأصعب: الإعتراف والصدق من اجل
العدالة!
وعلى طريقة المثل القائل: (عنزة ولو طارت)، ومما يثبت
أن أخطر أنواع العمى هو التعصب.. يقول عبدالرحمن البسام:
(الصدمة قوية، لكن هذا لا يغير في موقفنا شيء) أي انه
مع الحكومة ومع التلذذ بشعار (السعودية العظمى)! ومثل
البسام، الإعلامي علي الغفيلي الذي يقول بان القتلة لا
يمثلون الحكومة العادلة التي تطبق شرع الله، ولن نتوانى
في الدفاع عنها! وكذلك فعل عبدالله بن ربيعان الذي دافع
عما أسماه مملكة العدل، والوطن الذي رفع رأسه رغم الفضيحة،
فلم تؤثر فيه الشائعات والألسن. فليخسؤوا. عدونا واضح!
أحد موجهي الذباب الالكتروني، بن عويّد، اعتبر اعتراف
الحكومة بقتل خاشقجي انتصاراً (خرّب أفلام البعض وقطع
الطريق عن المرتزقة والجرذان) كما يقول. وأضاف بأنه سيدافع
عن الحكومة قبل البيان وبعده (قيادتنا ليست محلّ شك)!.
اما الطبيبة الهام أبو الجدايل، التي شتمت خاشقجي ووقفت
مع الطغيان، فلم يؤلمها من اكتشاف من هم القتلة، سوى أن
(قناة الجزيرة انتصرت في النهاية). هنا يقتحمنا الإعلامي
الطبال ـ مصنع الكذب ـ محمد العرب فيقسم بالله انه لم
يرَ دولة كبرى تتصرف بهذا القدر من الشفافية مثل السعودية!
الأمير عبدالرحمن بن مساعد امتدح حكومته وقال انها
عادلة وعظيمة وشفّافة، وعاد فكرر براءتها من مقتل خاشقجي،
ولو ارادت ما قتلته في قنصليتها. وعضو الشورى كوثر الأربش،
تستدرك فتقول ان تثوير الشعب ضد قيادته لن يفلح. والكاتب
غسان بادكوك طالب الحكومة باستباق التسريبات التركية ونشر
معلومة اين جثة خاشقجي قبل ان يفاجؤنا الأتراك. والصحفي
عبدالله العقيل اكتشف أن اعلاميي الهياط والشيلات لا يخدمون
الوطن وقت الأزمات بل يشوهون سمعته، وقال ان وطنيتهم زائفة.
عثمان العمير الذي تمنى قبل اعتراف الحكومة بقتلها
خاشقجي ان تكون لديه حجارة كل جبال الهملايا كي يلقمها
من أسماهم الكلاب.. عاد بعد ان اعترفت حكومته بالجريمة
ليلقي عظة: (من أدب الصراع أن تكون مؤدباً، متحضراً، أميراً،
لحظة سقوط من عاداك). رد أحدهم عليه: وهل ابن سعود التزم
بأدب الصراع مع قطر. لحظة سقوط ابن سعود تاريخية يتمناها
الكثير من الشرفاء. وردّ موالٍ مؤكداً: (للأسف نحن من
سقط وليس أعداءنا)!
عبدالرحمن الراشد، حبّذ الصمت فلم يغرد بشيء عن خاشقجي
حذراً، وحين أعلنت الحكومة خبر مقتله على يديها، ترحّم
عليه وقال بأنه شخص محل محبّة الجميع على الجانبين ـ حسب
زعمه. اذن مقتله ان كان محبوباً؟! ومن الحب ما قتل ونشر
بالمنشار، فاصمت يا سفيه، يقول التونسي أبو يعرب المرزوقي
معلقاً. فيما يرد عليه آخر بقصيدة احمد مطر: أيها الكاتب
ذو الكفّ النظيفة/ لا تُسوّدها بتبييض مجلات الخليفة!
بخيت الزهراني، اهتزّ هو الآخر باعتراف السلطة، وكتب
مباشرة: (يجب إعادة النظر في كل سياساتنا الداخلية والخارجية)
استعداداً للمستجدات! وتمنى الزهراني على المطبّلين: (اعلان
اضراب مفتوح عن التطبيل حتى نتجاوز أزمتنا الراهنة على
الأقل). ورأى تركي الروقي بأنه يجب اجتثاث مرحلة الذباب
الالكتروني بكامل شخوصها وأدواتها. ووداد منصور تسخر بان
(الناس تطلب رأس معسِّلْ؛ والحبيب القحطاني طالب برأس
خاشقجي. هذا طلب العظماء). والكاتب عبدالله ثابت القلق
من أن يكتب كلمة قد تودي به، علق: الأمر صادم ومحزن جداً
وغير متوقع، الكلمة الآن للقضاء (هذا لو كان القضاء السعودي
عادلاً اساساً؟). لكن سعاد الشمري ـ النسوية التي تحولت
الى العمل مع المباحث ـ مشغولة بأمر آخر، فتحدثت الى الشعب
المسعود العظيم عن خطر الاتراك واردوغان وقطر وبشرتهم:
تمّ سدّ الطريق عليهم!
وكما تحاول الحكومة لفلفة قضية خاشقجي ـ وقد فشلت حتى
الآن ـ كذلك فعل طبّالوها اعلامياً.
الأمير خالد آل سعود يبدي استعجالا لانهاء قصة الاغتيال
البربري: (قُضي الأمر، وسيُحاسب المسؤول حسب الشرع، والحمد
لله). ويظن محمد الهدلا المسؤول في وزارة الداخلية، ان
اعتراف الحكومة بقتل خاشقجي قد جعل القضية شأناً سعودياً
محضاً، وانه قد أُسدل الستار عليها، ولا دخل لتركيا بذلك،
وإلا.. فقطع العلاقات معها! ثم عاد فدافع عن القحطاني
وقال انه بريء، وان كل ما فعله انه دعم فكرة التفاوض (السلمي)
مع خاشقجي. والا فالقحطاني لازال محلّ تقدير كبير وسيظل
كذلك، حسب دفاعه!
أما مسألة عقاب سعود القحطاني مشرف عملية التصفية،
والتي زعمها الجبير وغيره، فإن القحطاني واصل كتاباته
في تويتر وكأن شيئاً لم يكن، فرد عليه احدهم: (أتمنى ان
تتوقف عن التغريد مؤقتاً من أجل مصلحة الوطن)! لكن الضابط
الكبير في الداخلية محمد الهدلا طالبه بمواصلة دوره الذبابي:
(اجلدهم يا بو خالد، فأنت تمثّل لهم هاجس خوف ورعب. أنت
وحدك جيش الكتروني ومنصّة إعلامية). هنا سخرت المغردة
غزيّلْ فقالت بأن القحطاني كان يصوّر رأسه في تويتر ويقول
انه أكبر من قطر: (فضيحتك الآن أكبر من الكرة الأرضية).
اما الكاتب في المنفى سلطان العامر، فخاطب سعود القحطاني
بأن خصوم المملكة لم يستطيعوا تشويه صورتها واقحامها في
أزمات دولية كما فعلت أنت بدلاختك. آخر ما نحتاجه منك
الآن هو (المزيد من الهياط والكلام الممجوج والتمسّح الفاشل
بالوطن). وصالح النعاشي رأى ان سعود القحطاني يتحمل وزر
الحالة الهوجائية في تويتر وانتشار ثقافة الهياط. ما أدى
الى ان الحالة كبرت ونتج عنها مقتل خاشقجي. وأضاف بأنه
كتب للقحطاني ان ما يحدث من تساهل في شتم الأعراض وتسطيح
الخطاب هو من يتحمل وزرها.
|