(٢)
هل هناك حلٌّ آخر مع خاشقجي؟
دقيق ما قاله أحد المعارضين (د. حمزة الحسن)، وهو أن
آل سعود (عارضوا جمال)، بينما هو لم يعارضهم. أي ان المشكلة
لم تكن يوماً في جمال خاشقجي، بقدر ما كانت في محمد بن
سلمان والنخبة النجدية الحاكمة.
مؤكدٌّ أن تطفيش جمال خاشقجي من موقعه الإعلامي خطأ.
وإيقافه عن الكتابة في الصحافة المحلية وحتى في صحيفة
الحياة كان خطأ. وكذلك منعه من التواصل عبر حسابه في تويتر
كان خطأً من ابن سلمان ودليمه (سعود القحطاني) وكتابه.
|
|
القاتل والقتيل: ألا توجد طريقة أخرى لاستيعابه
غير المنشار؟! |
لقد حرّض هؤلاء على جمال حتى قبل خروجه. قالوا انه
يتحدث باسم المملكة ويقول آراءً مختلفة عن الموقف الرسمي،
او حتى متطابقة مع الموقف الرسمي، ولكن لا أحد يجرؤ على
البوح بها، أو يستطيع تسويقها بالطريقة التي سوّقها جمال
لقرائه في مقالاته، سواء في قضايا إقليمية: سوريا، العراق،
اليمن، او في قضايا محليّة.
وضغط هؤلاء على وزارة الخارجية، الى حد أنها أصدرت
نفياً رسمياً بأن جمال خاشقجي ليس متحدثاً باسمها.
وفعلاً، لا أحد قرأ جمال خاشقجي، كان يعتقد بأنه متحدث
باسم الحكومة أو وزارة الخارجية. كان لديه متسع من المساحة
يقول فيه أموراً لصالح النظام، لم تُعجب النخبة النجدية
الحاكمة.
واصل كتاباته، رغم عدم تمثيله المزعوم للخارجية السعودية،
فما تحمّلوه، وكادوا يعتقلونه، ففرّ بجلده ولاحقوه في
المنفى حتى قتلوه.
كان بإمكان آل سعود أن لا يفعلوا أياً من هذا.
كان بإمكانهم تخفيف قلقه على حياته وعلى حياة عائلته.
بل أكثر من ذلك، كان بإمكانهم الاستفادة منه وهو في
الخارج كمستشار.
وكان بإمكانهم استيعاب جمال خاشقجي (طالما انه صادق
في نصحه كما قال سفير أبيه خالد بن سلمان) ضمن أيّ إطار
كان.
|
|
العربية تستدعي زوجة جمال التي أُجبرت على الطلاق
منه لتتحدث بلسان آل سعود! |
وكان بإمكان محمد بن سلمان، أن يستعين بتركي الفيصل،
صديق جمال ورئيسه السابق في جهاز الإستخبارات، من أجل
تحقيق ذلك الاستيعاب. وقد قيل أن جمال عرض خدماته على
ابن سلمان.
وكان بإمكان ابن سلمان ان يستعين بخالد الفيصل، حيث
عمل جمال رئيساً لتحرير صحيفة الوطن التي يمتلكها الأمير
خالد (بعث ابن سلمان خالد الفيصل لتركيا كي يغطي سوءته
بقتله جمال خاشقجي).
وزيادة على ذلك، فكان أمام ابن سلمان خيار الصمت عن
جمال خاشقجي وتجاهل ما يكتبه ويبديه من آراء. فكم هو نظام
ضعيف لا يستطيع ولا يطيق سماع رأي آخر ضمن الدائرة الملكية
الخاصة؟!
محمد بن سلمان لم يقم بأيٍ من هذا.
كان لديه خيار واحد: إخراس جمال خاشقجي الى الأبد.
لقد تولّد لديه حقد شخصي ضدّه.
عمل على معاقبته في عائلته: تم تطليق زوجته منه: آلاء
نصيف، التي لم يُسمح لها بالسفر الى زوجها؛ والتي استخدمتها
قناة العربية لتطعن في خطيبة خاشقجي رغم أنها مطلقة!
وعاقب ابن سلمان عائلة خاشقجي بمنعهم من السفر، وعدم
التواصل مع أبيهم.
وواصل ابن سلمان شنّ الهجمات العنصرية ضد جمال، عبر
الذباب الالكتروني، واستنقاصه بأنه ليس (سعودياً أصيلاً!!)،
و (طرش بحر)، و(لا تعد.. اذهب الى بلدك تركيا)، (تنازل
عن الجنسية السعودية)، (عد الى جنسيتك التركية).
مرّة أخرى.. لم تكن المشكلة في جمال خاشقجي، بل في
محمد بن سلمان، والنخبة النجدية العنصرية الحاكمة. فهي
التي لم تبحث عن حلّ سوى القتل. وهي التي لم تتحمل الرأي
الا بالمنشار وتقطيع الجثث.
|